انعكاس ميت

Alarabmagazine2




عمر: المحامي الذي اقترب أكثر مما ينبغي


كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل حين أغلق "عمر" مكتبه. اليوم كان طويلاً، مثقلاً بملفات قضية مقتل رجل الأعمال "خالد السيوفي"، التي قلبت الرأي العام رأسًا على عقب.


خرج إلى شارع "القصر العتيق"، حيث البرد يلسع الجلد والرياح تعزف لحنًا جنائزيًا بين المباني القديمة. أشعل سيجارة، وتلفت حوله. لم يكن "عمر" من أولئك الذين يهابون الليل، لكن الليلة... كانت مختلفة.

هناك، تحت عمود إنارة بعيد، وقف رجل يرتدي معطفًا داكنًا وقبعة تحجب ملامحه. لا سبب واضح للخوف، لكن حضوره كان كافيًا لتجميد الدم في العروق. وعندما التفت ثانية... كان قد اختفى.


عاد إلى منزله، يلتهم الصمت ويحاول تهدئة أعصابه بكأس من الويسكي. على مكتبه، كان الظرف الأسود في انتظاره.

فتح الظرف بحذر، وقرأ الكلمات المكتوبة بحبرٍ أحمر: "ابتعد عن القضية... أو ستلقى مصير خالد."


ردة فعله لم تكن خوفًا، بل اشتعالًا للغريزة. رفع الهاتف واتصل بصديقه "سالم"، المحقق المكلف بالقضية.


عمر (بحزم): تلقيت تهديدًا. هذا يعني أنني اقتربت من الحقيقة.

سالم (بصوت منخفض): لدينا شاهد جديد... رأى خالد حيًا بعد ساعة من وفاته.


المنطق انهار. هل خالد قُتل فعلاً؟ أم أن شيئًا آخر يرتدي وجهه؟


في اليوم التالي، جلس "عمر" أمام "هيثم السيوفي"، الشقيق المشتبه به.

هيثم (مرتجفًا): لم أقتله... لكني رأيته بعد موته. وقف أمام غرفتي... لكنه لم يكن خالد. كان شيئًا آخر يسكن جسده.


كل شيء كان يشير إلى وجود قوة تتجاوز الفهم البشري.


عاد "عمر" إلى مكتبه، فوجده مفتوحًا رغم تأكده من إغلاقه. دخل بحذر...

وهناك، على كرسيه، جلس "خالد السيوفي". شاحب، يبتسم ابتسامة ملتوية.

عمر (مذهولًا): أنت ميت!

خالد (بصوت بارد): هل أنت متأكد؟


تقدّم نحوه، وعيناه فراغ لا قرار له.

خالد: كنت فضوليًا... أكثر مما ينبغي.


انطفأت الأنوار.


استفاق "عمر" في الصباح على أرض مكتبه. كان هناك ظرف جديد. نفس اللون، نفس التحذير: "منحناك فرصة... هذه المرة فقط."


رفع عينيه نحو المرآة. انعكاسه لم يكن وحيدًا.

تلك الابتسامة المشوهة عادت، تقف خلفه.

التفت... لا أحد.


رن الهاتف.


سالم: عمر، حصلنا على تسجيلات جديدة من منزل خالد. يجب أن تراها.


في الفيديو، دخل خالد منزله. بعده بدقائق، ظهر كائن طويل بمعطف أسود. ظلّه كان يتحرك بشكل منفصل، وكأن الجسد والظل كيانان مختلفان.

ثم انقطعت الكاميرا ثلاث دقائق. وعندما عادت... كان خالد جثة على الأرض.

سالم (بصوت مبحوح): خالد لم يُقتل كما ظننا... قلبه كان مفقودًا.


توجه "عمر" إلى منزل خالد بنفسه. المكان مهجور، يخنقه الصمت. وجد دفترًا قديماً في مكتبه، كُتبت فيه كلمات تكشف جنونًا 

"إذا اختفيت... لا تثق بأي شيء تراه."


ثم... سمع صوت الهمس.


"لقد حذّرناك..."


من الظلال، خرج كيان مشوه يشبه خالد. عيناه سوداوان، وصوته كصوت جوقة من الجحيم:"أنا الظل... وأنا الحقيقة."


سقط "عمر" في فراغ أسود.


استيقظ مرة أخرى في مكتبه. الساعة: الثانية بعد منتصف الليل. نفس اللحظة.


لكن الدفتر ما زال هناك.


قرر ترك القضية. لكن الظلال لم تتركه.


في الليلة التالية، وهو يغلق مكتبه، نظر إلى المرآة. انعكاسه لم يكن وحده.


ابتسامة مشوهة خلفه.


صوت خافت: "أنت الآن منّا."


انطفأت الأنوار.


وصار "عمر"... من أبناء الليل.



---



إرسال تعليق

الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.