بقلم / محمد شريف أحمد.
(رواية بوليسية)
مقدمة المؤلف
لا أعلم كيف أبدأ حديثي هنا، ربما بسبب السعادة التي أشعر بها و أنا اكتب اول رواية لي في مجال الروايات البوليسية، أو لأنني قد بدأت أحقق واحد من أحلامي التي اسعى لتحقيقها منذ زمن بعيد.
لكن ما هو الحلم الذي حققته؟ حلمي هو ان ابتكر شخصية متحري خاص يتمتع بالذكاء و الخيال الكافي لحل أصعب القضايا البوليسية سواء كانت قتل أو سرقة أو اختطاف أو أي شيء آخر. متحري يشعر معه القاريء المصري و العربي أنه ينتمي له و يفخر به المصريون والوطن العربي كما يفخر الأنجليز ببطلهم الأسطوري (شرلوك هولمز).
ما الدافع للكتابة؟ ببساطة شديدة لأني لم أستطع منع نفسي أكثر من ذلك، بعد قراءة كل ذلك الكم من الروايات البوليسية الذي يزيد عن مائتي رواية بوليسية لكتاب من مصر و خارج مصر و مشاهدة ذلك الكم الهائل من الأفلام و المسلسلات البوليسية و جدت ان حالة الشغف التي بداخلي يجب أن اترجمها الى ورق يحمل افكاري و شخصية متحري يكون من ابتكاري أنا الشخصي.
لماذا الروايات البوليسية؟ لأني أعشقها منذ صغري، لأني مهووس بالتحري و قدرات المتحرين في التحليل و الاستنتاج و الربط و استخدام خيالهم في فك رموز الجريمة. لأني نشأت على قراءة روايات ملك الروايات البوليسية على مستوى العالم الكاتب الأنجليزي (آرثر كونان دويل) و شخصيته الاشهر على الأطلاق (شرلوك هولمز). و ملكة الروايات البوليسية (أجاثا كريستي) و شخصيتها الأشهر المحقق البلجيكي (هركيول بوارو).
كل هذا دفعني لأن ابتكر شخصية متحري على غرار هذان المتحريان العظام لكنه لن يكون أنجليزي أو بلجيكي بل سيكون مصريا عربيا خالصاً. و اذا كان الأوروبيون بشكل عام و الأنجليز بوجه خاص يفخرون ب(هولمز) و (بوارو) و يعتبرونهما رمز الذكاء و التحري عندهم، سوف يكون (حسام أحمد رياض) هو ذلك الرمز الذي يرمز الى الذكاء و التحري في مصر و الوطن العربي كله باذن الله.
في النهاية ارجو أن تنال هذه الرواية اعجاب من سوف يقرأها باذن الله.
الفصل الاول
وقف (جلال) امام المراة ينظر الى نفسه و هو يعدل من هندامه وقد القى نظرة جانبية على ساعة يده و قد اتم استعداده للذهاب الى صديقه (كامل سليم) في منزله ، تامل (جلال) وجهه في المراة و هو يفكر في قرارة نفسه ان لا يذهب الى هناك لكنه عذل عن قراره سريعا للغاية حيث تذكر ابنتي (كامل) اللتان يحبهما (جلال) كانهما ابنتيه حيث رغم انه تخطى الخمسين من عمره الا انه لم يتزوج قط والتالي لم يشعر بعاطفة الابوة الا نحو (سميرة) الابنة الكبرى ل(كامل) و (فريدة) الابنة الصغرى له.
كانت عادة (كامل) الثابتة انه يجتمع مع عائلته المكونة من ابنتيه و (عاصم) ابن اخيه و من خارج العائلة (جمال) مساعده الخاص و ذراعه اليمنى و (جلال) صديق عمره و محاميه الخاص بحيث يكون الاجتماع بشكل شهري و يوافق اول خميس من كل شهر ، لذلك يحب (جلال) ذلك الاجتماع حيث انها الفرصة الوحيدة المتاحة امامه لكي يقابل الفتاتان و يتحدث معهما عن كل ما يخص حياتهما الشخصية او العامة لانهما في المقابل ايضا يحبان كثيرا التحدث مع (جلال) اكثر من (كامل) نفسه الذي لا يتحدث سوى عن نفسه او عمله.
فمن المعروف ان (كامل) رجل بلا قلب لايتورع عن دهس خصومه في سبيل الوصول الى هدفه حيث ان مبدأه ان الغاية تبرر الوسيلة رغم انه لم يخالف القانون قط و يعيش بنرجسية عالية جدا مع من حوله ، وفي المقابل فان صديقه (جلال زكي) على نقيضه تماما حيث انه يحترم القانون بشدة ولا يتحايل عليه بأي حال من الأحوال رغم معرفته بان القانون يكون عاجزا في بعض الأحيان عن اثبات ان الحق مع صاحبه ، ورغم ذلك فقد استمرت الصداقة بينهما طوال هذا الوقت مع التعارض الشديد بينهما.
كان (جلال) يفكر بكل ذلك وهو في طريقه الى منزل (كامل) الموجود في اطراف العاصمة في منطقة نائية بعيدا عن الزحام حيث بنى ذلك المنزل الضخم واحاطه بحديقة واسعة وبنى سور ارتفاعه ثلاثة امتار تقريبا مكتفيا بترك بواب واحد فقط للمنزل يقيم في غرفة بجوار البوابة ، و في تمام الساعة السابعة مساءا طرق (جلال) باب المنزل و انتظر حتى فتح مدير المنزل (منصور) له الباب وقال:
- اهلا سيادة المستشار ، تفضل بالدخول.
ابتسم (جلال) و دخل الى البيت قائلا:
- ازيك يا(منصور) عامل ايه؟
- الحمدلله يا فندم ، (كامل) بيه نازل حالا لحضرتك ، تحب تنتظره هنا و لا في المكتب؟
- هانتظره في المكتب.
و بالفعل اتجه الى غرفة المكتب مع (منصور) ولكنه توقف امام صورة ضخمة لسيدة جميلة في اوخر الثلاثينات من عمرها وتوقف امامها وهو يتاملها بعمق قبل يقول ل(منصور):
- تخيل انه مر على موتها سنتين.
- الله يرحمها اول خميس الشهر اللي جاي باذن الله يكون مر سنتين بالضبط.
- كانت سيدة عظيمة فعلا ، افنت عمرها كله لبناتها و بيتها ، وخدمة كل اللي حواليها.
- كل اللي في البيت ده كان بيحبها بجد ، كان خيرها على الكل
نظر اليه (جلال) باعجاب قائلا:
- بس انت فعلا انسان وفي ، أنت من الناس المعدودة اللي كل سنة بتزورها في قبرها.
- ده اقل حاجة اعملها لها.
ثم سار الاثنان الا ان وصلا للمكتب و سأل (منصور) (جلال) عن ما يود ان يشربه وفي تلك اللحظة دخل (جمال) مساعد (كامل) الشخصي وقد سمع السؤال فاجاب ضاحكا:
- اكيد قهوة طبعا.
ثم صافح (جلال) في حرارة مضيفا:
- ازيك يا سيادة المستشار ، عامل ايه؟
- انا تمام ، انت لسه راجع من امريكا؟
- لسه حالا ، جيت انا و (فريدة) من المطار على هنا حالا.
- وعملتم ايه؟
- الحمد لله نجحنا و اخدنا توكيل ادوات التجميل اللي احنا كنا عايزينه.
كان (جلال) يحب (جمال) بشدة و (جمال) يبادله هذا الحب و كان (جلال) يعرف يقينا انه يحب (فريدة) حيث بدأت العلاقة بينهما كعلاقة زمالة في العمل قبل ان تتطور لحب من طرفه ولكن لم يصرح لها بذلك ابدا مما جعل (جلال) يسأله:
- كلمت (فريدة) زي ما اتفقنا انا وانت؟
- كلمتها في ايه؟
- مش كنا متفقين انا وانت قبل السفر انك تستغل السفر و تصارحها بحبك و تعرض عليها الجواز.
صمت (جمال) لحظات قبل ان يقول:
- ماقدرتش؟
- ليه؟
- (فريدة) بتحب حد تاني .
- نعم؟
كان الجملة الاخيرة ل(جمال) مثل الصاعقة على (جلال) حتى انه مال اليه بانفعال قائلا:
- ايه الكلام اللي انت بتقوله ده؟
- زي ماسمعت يا افندم ، (فريدة) بتحب رجل تاني.
- مين ده؟ وعرفت ازاي؟
- بالنسبة لمين ده فانا لسه ماعرفش هو مين و بالنسبة لعرفت ازاي لاني ببساطة شفتها معاه بنفسي اكتر من مرة و كان واضح انها بتحبه.
- لكن ازاي انا ماعرفش حاجة زي كده و بعدين (كامل) عارف الكلام ده؟
- مافتكرش لانه لو عرف اكيد كنت هاعرف.
كان (جلال) يشعر بالشفقة نحو هذا الشاب و خاصة انه يعرف مدى حبه لها فاقترب منه و وضع يده على كتفه و قال مواسيا له:
- ماتزعلش نفسك انا هاقعد واكلم معاها و ......
لكن (جمال) قاطعه قائلا:
- ارجوك يافندم ماتقولش اي حاجة لها سيبها لحد هي ماتقول لك بنفسها لانها اكيد هاتقول لك.
ثم استاذن بالانصراف لاجراء مكالمة هاتفية ففهم (جلال) انه لايريد الكلام فتركه (جلال) و هو مشفق عليه قبل ان تدخل فتاة و معها الشاي قائلة:
- اتفضل يا عمي احلى شاي.
ابتسم لها (جلال) قائلا :
- ازيك يا (رباب) عاملة ايه؟
- الحمد لله ياعمي كله تمام.
كانت (رباب) ابنة (عزة) مربية الفتاتين و تعد بمثابة اخت لابنتي (كامل) حتى انها كانت تناديهما باسمائهم دون اي القاب و رغم انها تعمل خادمة في البيت الا انها لم تشعر قط بذلك بل كانت الوحيدة المسموح لها بالغياب في اي وقت تريد دون ان تتعرض لاي مشاكل.
تاملها (جلال) بصمت وملامحها التي تفيض بالحيوية و المرح قبل ان يقول:
- ماشفتكيش من فترة كبيرة ، اول مرة الشهر اللي فات ماتكونيش موجودة.
- كان عندي دور برد شديد جدا وفضلت ملازمة السرير.
قال(جلال) بدهشة:
- بس لما سألت والدتك الشهر اللي فات قالت لي انك كنت بتزوري واحدة صاحبتك.
ارتبكت (رباب) قائلة:
- يمكن اختلط عليها الامر.
شعر (جلال) انها تخبيئ شيئ عنه لذلك لم يضغط عليه فغير مجرى الحديث قائلا:
- عموما من حسن حظك انك ماكنتيش موجودة ، (عاصم) كمان ماكنش موجود و كان (كامل) غضبان جدا و حاولنا الاتصالبه اكثر من مرة لكن تليفونه كان مقفول.
- الحمد لله اني غبت.
- المهم (سميرة) و (فريدة) عاملين ايه؟
- كويسين الحمد لله ، (سميرة) زي ما هي كل اهتمامها بالمطبخ و الطهو اما (فريدة) فالشركة واخدة كل وقتها.
- الظاهر ان (سميرة) هتكون ربة بيت زي والدتها على عكس اختها اللي هتكون ناجحة في شغلها زي والدها.
ثم استاذنته و انصرفت في حين اخذ (جلال) يفكر فيما قاله (جمال) عن (فريدة) التي تحب شاب اخر و عن رد فعل والدها عندما يعرف هذا و تخيل ما سوف يحدث و قال لنفسه :
- ربنا يستر.
ثم نهض و ذهب الى اجمل و اثمن شيئ موجود في المنزل و هو الخنجر الذي كانت زوجة (كامل) تحتفظ به داخل صندوق زجاجي وكان عبارة عن خنجر فضي وقبضته مرصعة بمجموعة من الجواهر و اللآلئ ورغم انها ليست اول مرة يراه فيها الا انه رغم ذلك لم يكن يتمالك نفسه من الاعجاب في كل مرة يراه فيها مما جعله يقول:
- تحفة مدهشة.
- فعلا.
التفت (جلال) خلفه بعد ان سمع صوت (كامل) من خلفه الذي واصل قائلا:
- علشان كده سعره ميقلش عن عشرين مليون جنيه.
ثم اضاف و هو يلتفت اليه :
- ده كان اخر سعر اتعرض علي فيه.
قال (جلال) بضيق :
- انت لسه برده عايز تبيعه.
- انت عارف فكري كويس ، الفلوس السايلة قيمتها اهم ما تكون مجمدة في هيئة تحف او مجوهرات.
- الحمد لله ان زوجتك قبل ما تموت كتبت الخنجر باسم بنتها لانها كانت عارفة انها تقدر تعارضك و تقف قدامك.
ابتسم (كامل) واتجه الى مكتبه وجلس قائلا :
- و فكرك ان انا هاستسلم بسهولة ، احنا اصدقاء طفولة و نعرف بعض كويس و عارف ان انا لما اقرر حاجة لازم انفذها مهما كانت العواقب.
جلس (جلال) قائلا:
- لكن (فريدة) مختلفة واعتقد انت عارف هي صلبة ازاي.
ابتسم (جلال) و قرر ان يغير مجرى الحديث فقال :
- تعرف ان انا مابروحش المجموعة من اربع شهور ، سايب كل حاجة دلوقت ل(فريدة) و (جمال) والشغل ماشي بشكل هايل.
- عارف و علشان كده بقت اجتماعتنا هنا بس ، حتى الحاجات اللي محتاجة توقيعك بتوقع عليها هنا.
- ده طبيعي ، صحيح انا بعيد لكن كل حاجة باسمي ولازم امضي على كل ورقة و اكون عارف كل قرش رايح فين.
نظر (جلال) الى الغرفة الملحقة بغرفة المكتب و الصندوق الضخم الشبيه بالتابوت الموجود فيها و قال :
- انت رجعت تاني تمارس هوايتك المفضلة تاني؟
- انت عارف كويس انا بحب النحت ازاي و بقى عندي وقت فاضي اخيرا.
- وطبعا كنت سهران هنا امبارح؟
- عرفت ازاي؟
- من الصندوق الضخم الموجود هنا اللي احنا بنسميه التابوت ، انا عرف انك بتستعمل التابوت ده علشان تنقل شغلك من غرفة النوم لغرفة المكتب و تسهر هنا علشان تقفل شغلك و تخزنه في الغرفة الملحقة بغرفة المكتب.
ضحك (كامل) بصوت عالي قائلا :
- هايل يا (جلال) ، انت فعلا ذاكرتك حديدية.
ثم عقب قائلا:
- فعلا كلامك كله صح انا امبارح كنت سهران هنا طول الليل ونسيت خالص اقول للشغالين يطلعوا التابوت فوق في غرفتي.
- تعرف ان انا مع كل الصداقة دي ولكني لسه لحد دلوقت مش قادر افهم انت ازاي مع شغلك ده كله و مع ذلك قادر تبقى مثقف بالدرجة دي في الفنون؟
هز (كامل) كتفيه قائلا:
- عادي جدا ، انا انسان مش الة.
- لكن في الشغل انت انسان عديم الرحمة.
قال (كامل) بحدة وغضب :
- تاني هنرجع لنفس الكلام ، انت عارف رأيي كويس في الموضوع ده و قلت لك قبل كده الشغل مافيهوش عواطف و انت المحامي بتاعي و المسشار القانوني للمجموعة وعارف كويس ان انا عمري ماخالفت اي قانون و ضرائبي كلها مدفوعة بالكامل ، يبقى ناقص ايه تاني؟
قال (جلال) في غضب :
- مش كل حاجة قوانين و فلوس ، فيه وفاء للناس اللي اخلصت و افنت عمرها كله في الشغل و الوقوف جنبها ازمتها ، احنا مش في غابة
- معاك حق احنا مش في غابة ، احنا اوحش من الغابة.
تراجع (جلال) في مقعده ناظرا اليه في صمت ثم قال :
- انت هتفضل زي ما انت مافيش في قلبك ذرة رحمة و عندك استعداد تدوس على اي حاجة علشان توصل لمصلحتك.
ابتسم (كامل) ساخرا وهو يقول :
- ومين اللي قال ان انا عايز اتغير ، انا هفضل .......
قاطعه (جلال) في غضب :
- فاكر (جابر محمد عبد الخالق)؟ اكيد فاكر الاسم ده كويس؟
- طبعا فاكره ، موظف الحسابات اللي انا طردته من ستة شهور بسبب غيابه الكتير.
- قصدك اللي ماقدررش يجي بسبب النزيف اللي جاله في المخ و بسببه اتحجز في الرعاية و بدل ماتقف جنبه سيبته و طردته.
قال (كامل) بنفاذ صبر:
- ايوه فاكره و فاكر كل اللي بتقوله ده ، انت عايز توصل لايه بالضبط؟
- عايز اقول لك انه مات من يومين لان اسرته ماكنش معاهم الفلوس الكافيه لعلاجه بعد ما طردته؟
قال (كامل) باستخفاف :
- بجد؟! ماكنتش اعرف ، ايه المشكلة يعني؟
قال (جلال) بغضب :
- انت مش حاسس باي ذنب؟ مش حاسس باي تانيب لضميرك؟
قال (جلال) بصرامة :
- لا و قلتها لك قبل كده مافيش عواطف في الشغل ، ممكن نغير الموضوع بقى علشان عايزك في موضوع مهم؟
كان (جلال) مازال يشعر بغضب و لكنه حاول ان يتمالك غضبه قائلا :
- موضوع ايه؟
- انت عارف ان فيه شباب كتير اتقدموا لي علشان يخطبوا (سميرة) و (فريدة) و انا رفضتهم كلهم مع ان كان فيهم اولاد رجال اعمال كبار جدا واولاد مستشارين ومع ذلك انا رفضتهم كلهم مع ان اي اب يتمناهم لبناته ، عارف ليه؟
- ليه؟
- لاني قررت اختيار عرسان بناتي بشكل مختلف تماما لاني عايز حد يعرف يدير المجموعة و يضمن استمرار توسع ثروتي و زيادتها.
- ويا ترى فكرت في المقابل في سعادة بناتك واذا كانوا ممكن يوافقوا على الكلام ده؟
قال (كامل) في صرامة :
- سعادة بناتي في انهم يعيشوا مع حد يحافظ على اللي انا بنيته و يضمن استمرار زيادته و الاهم انهم يسمعوا كلامي بدون اي مناقشة لاني اكتر واحد يعرف مصلحتهم.
- و انت فاكر ان (سميرة) و (فريدة) ممكن يسمعوا كلامك بدون اي معارضة ، ممكن (سميرة) تسمع كلامك و تنفذه لان شخصيتها طيبة و وبتحبك جدا اما (فريدة) على العكس تماما فهي عنيدة و شخصيتها قوية و بتنفذ اللي غي دماغها و بس.
ابتسم (كامل) في ثقة :
- ماتخفش انا اعرف ازاي اقنعها.
تذكر (جلال) ما قاله (جمال) عن وجود رجل في حياة (فريدة) و كيف سيكون رد فعل (كامل) عندما يعرف امر مثل هذا.
تمتم (جلال) لنفسه قائلا :
- هتكون كارثة.
نظر له (كامل) بتساؤل قائلا :
- انت بتقول حاجة؟
- ولا حاجة بس انا برده ماعرفتش انت ناوي تعمل ايه؟
- انت عارف ان انا سايب ادارة المجموعة مع (جمال) و (فريدة) من اربع شهور تقريبا و الاتنين بصراحة نجحوا بشكل فاق توقعاتي انا الشخصية و (عاصم) ابن اخويا خليته يبقى مدير التسويق في المجموعة وبسببه نسبة المبيعات ارتفعت بشكل خيالي و ده اللي خلاني اخد قرارات مهمة هاعلنها النهاردة بس انا عايزك تعرفها قبا ما اعلنها على العشا النهاردة.
عقد (جلال) حاجبيه قائلا :
- قرارات ايه؟
قبل ان يجيبه (كامل) دخل (منصور) قائلا :
- اسف على المقاطعة لكن فيه واحد على البوابة الخارجية للبيت بره و طالب انه يستعمل التليفون الارضي لان تلبفونه فاصل شحن و عايز يطلب حد يساعده علشان يصلح العربية ، ودي بطاقته.
ثم قدم بطاقته ال (كامل) الذي قراها بصوت مسموع قائلا :
- (حسام احمد رياض- محامي).
وما ان سمع (جلال) الاسم حتى انتفض قائلا :
- (حسام) هنا ، خليه يدخل حالا.
نظر (منصور) الى (كامل) الذي اشار ايه بالموافقة فانصرف على الفور لتنفيذ الامر ونظر (كامل) الى (جلال) قائلا :
- من (حسام) ده؟ وانت تعرفه منين.
ابتسم (جلال) و قال في سعادة واضحة :
- (حسام) ابن واحد من اعز اصدقائي اسمه اللواء (احمد رياض) و (حسام) نفسه كان ضابط و استقال و اتجه للمحاماة و الاهم من كده (حسام) ده زي ابني و اكتر.
- للدرجة دي انت بتحبه؟!
- تقريبا احنا كل يوم لازم نتقابل او على الاقل نتكلم في التليفون مع بعض ، انت عارف ان انا ماجوزتش وبالتالي ماعنديش اولاد لكن انا حاسس ان ربنا عوضني به.
ثم تنهد بارتياح وقال
:- الاهم من كل ده انا شابف ان الاقدار ساقته لنا في الوقت المناسب لان احنا اكيد هانحتاجه قريبا.
- قصدك ايه؟
ابتسم (جلال) في غموض قائلا :
-هتعرف بعدين.
الفصل الثاني
بعد دقائق معدودة فتح (منصور) باب المكتب و سمح ل(حسام) بالدخول وسأله قائلا :
- تحب حضرتك تشرب ايه؟
- و لا اي حاجة لو ممكن بس استعمل الحمام.
كان (حسام) واضح عليه الارهاق بعد ان سار مسافة كبيرة على قدميه ، ثم اقترب منه (جلال) الذي قال ضاحكا :
- الظاهر انه ماينفعش يعدي يوم من غير ما اشوفك حتى و لو بالصدفة.
صافحه (حسام) في حرارة قائلا :
- انت عارف انا بكون سعيد قد ايه لما بشوفك.
ثم التفت الى (كامل) قائلا :
- اسف على الازعاج اللي سببته لحضرتك و اشكرك على ضيافتك لي.
هز (كامل) يده قائلا :
- اعتبر المكان بيتك وياريت تقبل دعوتي على العشا معانا.
ثم نظر الى (منصور) قائلا :
- وصل الاستاذ (حسام) للحمام وقول للكل ان انا عايز اشوفهم حالا على العشا و مش عايز اي تأخير...مفهوم.
اسرع (منصور) بتنفيذ اوامر (كامل) و انصرف مع (حسام) في حين نظر (كامل) الى (جلال) قائلا:
- واضح انك بتحبه جدا.
- بسبب انشغال والده معظم الوقت كنت انا المسئول عن تربيته من صغره علشان كده معظم وقته كان معايا اكتر من ابوه.
- بس ليه ساب الداخلية و اتجه للمحاماة؟
- في الحقيقة (حسام) طبيعة شغله اقرب للمتحري الخاص منه للمحاماة.
ردد (كامل) في دهشة قائلا:
- متحري خاص.
و قبل ان يشرح له (جلال) ما يقصد دخل (منصور) و اعلن ان العشاء جاهز و نهض كليهما و ذهبا الى المائدة وكانت تقاليد العشاء عند (كامل) ثابتة على المائدة بحيث يجلس (كامل) على رأس المائدة و على يمينه ابنته الكبرى (سميرة) وجوارها (عاصم) وعلى يساره (فريدة) و بجوارها (جمال) و(جلال) يترك له حرية الاختيار.
ولكن (جلال) كان اكثر ما يهمه هو رؤية الفتاتين و الاطمئنان عليهما و بالفعل قبل العشاء مباشرة قابل الاثنان معا و قد رحبت به الفتاتان بحرارة و هتف بسعادة قائلا :
- ازيكم يابنات؟ عاملين ايه؟
ردت (سميرة) بسعادة :
- الحمد لله ياعمي احنا كويسين جدا ، المهم حضرتك عامل ايه؟
- الحمد لله كويس
- على فكرة انا عاملة لحضرتك كل الاطباق اللي انت بتحبها.
ضحك (جلال) بصوت عالي قائلا :
- اخيرا هترحم من اكل المطاعم.
ثم نظر الى (فريدة) قائلا :
- عرفت انك رجعتي من السفر النهاردة وحققتي نجاح عظيم.
ابتسمت (فريدة) بزهو قائلة :
- ده العادي عندي لكن الاهم انا مبسوطة جدا ان انا شفت حضرتك النهاردة.
ثم مالت اليه هامسة قائلة :
- كمان فيه موضوع مهم عايزة اتكلم فيه مع حضرتك.
- نتكلم بعد العشا.
ثم بعد لحظات وصل (حسام) الى المائدة وقدمه (كامل) اليهم قائلا :
- الاستاذ (حسام) المحامي و صديق (جلال) ، اتعطلت عربيته و طلب المساعدة و من حسن حظه ان (جلال) موجود هنا النهاردة.
نظر الجميع الى (حسام) في فضول فقد كانت هذه اول مرة ياتي فيها غريب الى العشاء الشهري الخاص بالعائلة وكانوا كأنهم يحاولون تقييمه و لكن لم يكن واضح عليه اي شيئ مميز سوى عمره الذي كان في اوائل الثلاثينات او اواخر العشرينات.
قال (حسام) للجميع بادب:
- اسف على الازعاج اللي سببته لكم وشكرا لانكم سمحتوا لي بدخول البيت و المساعدة.
ثم جلس بجانب (جلال) في حين سأل (جلال) في غضب قائلا :
- فين (عاصم)؟ انا مش قلت مافيش تأخير؟
ردت (سميرة) بضيق قائلة :
- حضرتك عارف (عاصم) كويس ، (عاصم) لازم يتأخر عن اي ميعاد سواء العشا او غيره ، حضرتك ناسي انه اول مرة مايحضرش العشا الشهر اللي فات.
عقبت (فريدة) على كلام اختها قائلة :
- لكنه عبقري بشكل مش معقول في مجال المبيعات ، تعرف يا بابا انه نجح في تسويق كل العقارات المجموعة باسعار اعلى من توقعاتنا و وقت اقل.
رد (كامل) بضيق :
- عارف كويس ماتنسيش اني متابع الشغل لكن ده مش معناه انه يتأخر.
لكن (عاصم) وصل على الفور و قال في لهجة اعتذار :
- اسف على التأخير كنت في الحمام.
نظر اليه (كامل) بغضب قائلا :
- اقعد مكانك.
بالفعل سحب (عاصم) مقعده وجلس سريعا محاولا تجاهل نظرات (كامل) الغاضبة قبل ان يقول (كامل) بهدوء:
- عملتي ايه يا (فريدة) في (أمريكا) بخصوص التوكيل الجديد؟
كانت (فريدة) مشغولة بهاتفها المحمول و كان واضحا انها منهمكة في امر هام الا انها رغم ذلك اجابت بسرعة قائلة:
- تمام يا بابا الحمد لله اخدنا التوكيل من كل الشركات النافسة لنا
ثم نظرت الى (جمال) مبتسمة مردفة :
- الفضل في كده لله سبحانه و تعالى اولا ثم ل(جمال) ، نجح في اقناعهم في اقل من اسبوع.
هز (كامل) رأسه متفهما قائلا :
- توقعت كده بعد ما شفت خطة (جمال) اللي جهزها قبل السفر.
ثم نظر الى (عاصم) قائلا :
- وانت يا (عاصم) ، جاهز لتسويق التوكيل وتحقيق التارجت اللي احنا عايزينه؟
- اعتبره حصل.
علقت (سميرة) ضاحكة :
- ماتقلقش يا بابا ما دام الموضوع مع (عاصم) فاعتبره منتهي.
نظر اليها (كامل) قائلا:
- انت برده اللي عملت العشا.
ردت(سميرة) بزهو قائلة:
- طبعا.
- قلت لك اكتر من مرة مالكيش دعوة بالموضوع ده ، في هنا اكتر من واحد مسئولين عن موضوع الاكل ده.
- و انا قلت لحضرتك اكتر من مرة ان دي هواية عندي.
كان في ذلك الوقت (جلال) مشغول بالكلام مع (حسام) و قد بدت عليه السعادة لوجوده معه ، فقال (كامل) موجها حديثه ل(حسام) :
- الظاهر انك تعرف (جلال) من فترة طويلة؟
- المستشار (جلال) في مكانة والدي بالضبط ويعتبر هو اللي مربيني.
وضع(جلال) يده على كتف (حسام) قائلا :
- حسام ابني اللي انا بفخر به حتى و لو كان مفيش صلة دم بيننا.
قال (كامل) ل(حسام) :
- لكن صحيح هو انت سبت الشرطة ليه؟
ابتسم (حسام) قائلا :
- ده موضوع يطول شرحه لكن ممكن حضرتك تقول ان انا بفضل الشغل بدون التقيد بأي أوامر.
نظرت (فريدة) اليه في فضول قائلة :
- و ايه نوع القضايا اللي حضرتك بتشتغل عليها؟
- بصراحة انا بفضل جرائم القتل و بالذات النوع الغامض منها لان طبيعة شغلي اقرب للمتحري الخاص منه للمحامي.
ابتسم (كامل) بسخرية قائلا :
- متحري خاص؟ فاكر نفسك (شرلوك هولمز)؟!
قال (جلال) في غضب :
- (كامل) ، ملكش دعوة بيه ، ده مش منافس لك علشان تحاول تدمره.
ابتسم (جلال) بسخرية قائلا :
- انافسه؟ حد قال لك اني بنافس اطفال.
حاول (جمال) تهدئة الاجواء قائلا :
- مفيش داعي للكلام ده دلوقت ، احنا هنا النهاردة علشان نحتفل بالتوكيل الجديد و نشوف ازاي ممكن نستفاد منه و ......
قاطعه (كامل) في صرامة :
- ممنوع الكلام في الشغل في وجود اي حد غريب ، مفهوم؟
نهض (جلال) قائلا في غضب :
- في الحالة دي انا كمان شخص غريب و الاحسن ان انا امشي دلوقت.
نظرت اليه (سميرة) قائلة في لهجة اعتذار :
- عمي (جلال) ، بابا مايقصدش حضرتك خالص.
بينما واصل (كامل) حديثه ل(جلال) :
- (جلال) ، انت عارف ان انا ماقصدكش بس برده انت عارف قد ايه انا بكره وجود اي حد غريب في مناسبة زي دي.
ثم نظر الى (حسام) قائلا :
- بعد ماتخلص اكلك هاخلي السواق يوصلك لأي مكان انت عايزه ، وبالنسبة لعربيتك انا هاخلي حد يصلحها و يوصلها لحد عندك ، انا مقصدش اضايقك لكن المناسبة دي عائلية جدا و محبش ان حد غريب يكون موجود.
كان (حسام) مستمر بالاكل بهدوء و دون ان يعير ما يحدث حوله اي انتباه حتى انتهى (كامل) من كلامه فوضع ادوات المائدة على المائدة بهدوء و مسح يديه و فمه بنفس الهدوء قبل ان يقول:
- (كامل) بيه ، كنت عايز اسأل حضرتك على حاجة يا ترى حضرتك قرأت قبل كده روايات (شرلوك هولمز)؟
- انا معنديش وقت اهتم بالكلام الفاضي ده ، بالنسبة لي الوقت يعني فلوس.
- اسمح لي اقول لك معلومة بسيطة عنه ، مبتكر شخصية (شرلوك هولمز) هو الطبيب و الكاتب الانجليزي (ارثر كونان دويل) وكانت عبقرية (هولمز) الواضحة ان هو يعرف ازاي من اقل معطيات يوصل لافضل و اكتر نتائج.
- انت عايز توصل لايه بالضبط؟
- اسمح لي افترض ان انا (هولمز) واطبق اسلوبه و ابدا بحضرتك ، حضرتك بتقول ان ده اجتماع عائلي و بالتالي حضرتك مش عايزني موجود لكن اسمح اقول لك ان ده مش السبب الحقيقي.
قال (جلال) بتساؤل :
- طب يبقى ايه السبب الحقيقي؟
- من بداية العشاء و انا ملاحظ ان حضرتك بتضرب على الترابيزة باطراف اصابعك و كأنك مستعجل باعلان قرار مهم للموجودين لكن وجودي خرب كل حاجة.
تذكر (جلال) ما قاله قبل العشاء عن قرارات هامة ينوي اعلانها اليوم فقال معقبا :
- كلامك صح.
و واصل (حسام) حديثه :
- و اكيد القرارات دي هتكون خاصة بحياتهم الشخصية لان ده ببساطة اجتماع عائلي ، و اهم القرارات الشخصية بتكون متعلقة بالزواج وخاصة ان الاربعة مفيش في ايدهم دبل وده معناه ان القرار متعلق بجوازهم.
نظر الثنائي (عاصم) و (فريدة) الى (كامل) الذي كان واضح عليه الذهول التام من استنتاجات (حسام) الصحيحة في حين اطرقت (سميرة) رأسها للاسفل في صمت و كذلك (جمال) و علق (جلال) على ما يحدث قائلا :
- مدهش كعادتك يا (حسام).
بينما واصل (حسام) حديثه قائلا :
- و علشان اكون دقيق اكتر واضح ان الانسة (سميرة) كان عندها فكرة عن الموضوع و كانت بدون وعي بتلمس بايدها مكان دبلة الخطوبة كل شوية و تنظر الى (عاصم) بطرف عينها ونفس الموضوع مع (جمال) اللي كان برده عنده فكرة عن الموضوع و كل شوية ينظر بطرف عينه الى الانسة (فريدة) و دماغه بتفكر ياترى ممكن (فريدة) توافق على الارتباط به ولا لأ.
كانت استنتاجات (حسام) الصائبة مثل القنبلة في المكان و ساد الصمت للحظات قبل ان يقطع (كامل) الحديث قائلا بصوت متحشرج :
- انت مين بالضبط؟ و ازاي عرفت كل ده؟
في حين ابتسم (جلال) قائلا :
- كل ده عرفته في عشر دقائق فقط!
هز (حسام) كتفيه قائلا في بساطة :
- ده المسار المنطقي للأمور.
ثم اضاف قائلا :
- بقوة الملاحظة وربط الاحدث ممكن توصل لحاجات كتير حتى لو كانت صغيرة يعني مثلا (كامل) بيه واضح من ايده الخشنة و قوة عضلاتها انه عنده هواية تحتاج حرفة يدوية واستاذ (عاصم) أشول و هكذا.
التفتت (فريدة) الى والدها قائلة :
- بابا ، الكلام ده صح؟ وليه قلت ل(سميرة) وانا لا؟
التفت (كامل) اليها قائلا :
- لانك كنتي مسافرة الفترة اللي فاتت دي و قلت ل(جمال) علشان يفتح معاك الموضوع علشان الخطوبة الشهر اللي جاي لكن للاسف ماعملش كده ومش عارف ايه السبب؟
ثم نظر الى (جمال) منتظر الرد و لكن (جمال) آثر الصمت في حين هتف (عاصم) :
- و انا يا عمي ازاي معرفش حاجة زي كده؟
التفت اليه (كامل) قائلا في صرامة :
- ليه ، هو انت بتفكر ترفض ولا حاجة؟
انكمش (عاصم) في مقعده في حين قالت (فريدة) :
- ايوه يا بابا انا هرفض.
نظر اليها (كامل) بغضب قائلا :
- بتقولي ايه؟
- بقول لحضرتك انا مش موافقة.
- و ايه يا ترى السبب؟
نظرت حولها ثم قالت :
- نتكلم بعدين ي بابا لو سمحت ، لما نبقى لوحدنا.
استشاط (كامل) غضبا قائلا بصوت عالي :
- مفيش بعدين ، انا عايز اعرف السبب دلوقت.
نظرت (فريدة) حولها وكان كأنها تحاول ان تستغيث بأي شخص الى ان قال (حسام) :
- أنا اقول لحضرتك السبب ، السبب انه ببساطة في رجل تاني في حياتها و اعتقد ان هو اللي كانت بتكلمه في التليفون بالدردشة و احنا بناكل.
ثم نظر الى (جمال) قائلا :
- واعتقد ان (جمال) عارف علشان كده رفض انه يفتح معاها موضوع الارتباط.
نظر (كامل) اليه منتظرا رده فقال (جمال) بصوت مرير :
- ده صحيح .
وجدت (فريدة) انه لامفر من المواجهة فقالت :
- ايوه يا بابا ، الكلام ده صح و الرجل ده اسمه (سمير) ممثل شاب وموهوب جدا و على فكرة انا كنت ناوية اقول لحضرتك النهاردة علشان يقابل حضرتك و تتعرف عليه.
احتقن وجه (كامل) بشدة ونهض قائلا في ثورة :
- بنتي انا عايزة تتجوز ممثل ، بعد كل اللي رفضتهم عايزة تتجوزي ممثل ، ده على جثتي ، ده يبقى اخر يوم في عمرك ، ده ...ده..
ثم فجأة بدأ جسده يشعر بتشنجات عنيفة قبل ان يسقط على كرسيه فهرعت (سميرة) اليه قائلة :
- بابا.. بابا
ثم نظرت الى الجميع صارخة:
- حد يجيب الدواء بسرعة ، دي اعراض أزمة قلبية.
ركض (جمال) سريعا الى المكتب واتى بالعلاج سريعا ل(سميرة) الذي اعطت والدها العلاج و لم تنتبه أن محتويات كيس العلاج قد سقطت على الأرض حيث سارع (حسام) بجمع العلاج سريعا و بعد دقائق بدا بالفعل يتحسن وعاد الى طبيعته و ان كان مازال جسده متعرقا و لكن حالته عادت لطبيعتها.
حاول (كامل) الحديث مرة اخري و لكن (سميرة) سرعان ما قالت:
- لو سمحت يا بابا بلاش اي كلام دلوقت ، الحمد لله حضرتك فقت من ازمة صعبة ومش عايزين اي انفعال.
قال (عاصم) موافقا اياها :
- (سميرة) عندها حق يا عمي ، نتكلم بعدين احسن.
كان (كامل) ما زال ينظر الى (فريدة) بغضب التي اقتربت منه قائلة :
- الحمد لله على سلامتك يا بابا ، نتكلم بعدين احسن.
ثم صعدت الى غرفتها تفاديا للمشاكل و كذلك فعل (عاصم) و استأذن (جمال) بالانصراف و لم يتبقى سوى (جلال) الذي اصر على البقاء حتى يطمئن عليه و (سميرة) لنفس السبب و ( حسام) الذي كان يفحص العلاج باهتمام بالغ و ينظر الى ورقة معه عبارة عن جدول به خانات بمواعيد الأدوية و خانة بأسماء الادوية ثم فتح علبة دواء اخذ يقرا نشرتها الداخلية قبل ان يقول لنفسه :
- هتبقى كارثة.
ثم نظر الى (سميرة) قائلا :
- هو في شخص غريب زاركم النهاردة؟
- لا مفيش اي شخص زارنا باستثنائك انت و عمي (جلال).
- طب هل في شخص غريب اشتغل معاكم النهاردة؟
- عرفت ازاي ، هو فعلا جه النهاردة شخص مؤقت بش هيشتغل اكتر من اسبوع لغاية مايرجع (محمود) من البلد.
- عظيم جدا.
ثم نظر الى (كامل) و (جلال) و قال :
- انا عايز اتكلم معاكم شوية في غرفة المكتب.
اجابه (كامل) وهو ينهض :
- انا كمان عايزكم في كلمتين.
ثم نظر الى (سميرة) قائلا :
- اطلعي انت نامي ، انا خلاص بقيت كويس.
حاولت (سميرة) الاعتراض ولكن (كامل) رفع يده قائلا بحسم :
- اطلعي على غرقتك ، ده امر.
و بالفعل صعدت (سميرة) وذهب الثلاثة الى غرفة المكتب و اغلقوا الباب قبل ان يقول (كامل) :
- انا عايز منك طلب عاجل و مهم بس قبل ما ادخل في تفاصيل انت كنت عايز تتكلم معايا في موضوع ، صح؟
- مضبوط و الموضوع هام و عاجل جدا.
- خير؟
- الاول انا عايز اعرف مين ممكن يدخل غرفة المكتب وحضرتك مش موجود.
- مفيش حد يقدر يدخل هنا طول ما انا مش موجود حتى بناتي نفسهم طول ما انا مش موجود.
- وبالنسبة للخدم؟
- و لا اي حد طبعا و (منصور) مشدد على الكل.
- معنى كده انك بتقفل باب الغرفة و انت مش موجود بالمفتاح؟
- لا ، لأني وارد أحتاج حاجة و انا بره البيت من المكتب زي ورق مثلا اخلي (منصور) او (فريدة) تجيبه لي الشركة أو نمرة تليفون حد مش معايا و بالتالي بسيبه مفتوح لكن بشكل عام مفيش هنا فلوس او ورق مهم ممكن يتسرق لكني مش عايز حد غريب يدخل علشان الخنجر الفضي.
ثم أشار اليه و كان موجود و حوله غلاف زجاجي مثل الموجود في المتاحف و المعارض ، ثم اضاف مبتسما بزهو :
- وعلى العموم الشغالين هنا عارفين ان انا اقدر اوصل لأي حد يفكر بس ان هو يسرقني.
كان من كلام (كامل) واضح ان هناك من حاول سرقته ولكنه جعله عبرة لغيره ، لكن (جلال) تجاهل هذا و سأل (حسام) :
- مالك يا (حسام) ، انت بتفكر في ايه؟
نهض (حسام) و اقترب من الباب و فتحه بغتة خوفا من ان يكون هناك من يتجسس عليهم قبل ان يغلقه مرة اخرى قائلا في حسم:
- (كامل) بيه ، في شخص عايز يقتلك وهو موجود في البيت.
كان كلامه مثل الصاعقة حتى ان (جلال) هتف قائلا :
- انت متاكد يا (حسام) ، مين ده؟
ابتسم (حسام) بهدوء قائلا :
- هاقول لكم.
الفصل الثالث
بعد حوالي عشر دقائق استدعى (كامل) (منصور) وأمره قائلا :
- (منصور) ، هات لي القهوة بتاعتي و هات شاي لأستاذ (حسام) مع اي حد و خد انت ( فتحي) وخليه يرتب غرفتي و انت خليك معاه علشان يخلص بسرعة.
- مفيش حد موجود غيري انا و (فتحي) و الولد الجديد اللي اسمه (بكر) اللي جه مكان (محمود) بشكل مؤقت.
- مفيش مشكلة ، خليه هو يعمل الحاجة و يجيبها و اطلع انت و (فتحي) فوق رتبوا الغرفة.
انصرف (منصور) وبعد لحظات جاء (بكر) الخادم الجديد ومعه المشروبات المطلوبة و وضعها امامهم سأله (كامل) قائلا :
- انت اسمك (بكر) ، صح؟
- انت النهاردة دخلت غرفة المكتب و رتبتها؟
- لا يا فندم دي اول مرة.
تناول (كامل) القهوة و سأله :
- انت اللي عملت القهوة؟
- ايوه يا فندم.
- لما نشوف قهوتك عاملة ايه.
ثم رشف منه رشفة صغيرة ثم قال :
- هات الدواء بتاعي بره على ترابيزة السفرة.
أسرع (بكر) و احضر الدواء من الخارج اليه حيث كان (كامل) يتحدث مع (حسام) فقال له دون ان يلتفت اليه :
- حط الدواء مكانه.
أخذ (بكر) الدواء و تركه على الطاولة المجاورة للخنجر و هم بالانصراف لكن ( كامل) نادى عليه قائلا :
- استنى يا (بكر).
التفت اليه (بكر) قائلا :
- نعم يا فندم.
- انت عملت القهوة بتاعتي ازاي؟
- مضبوطة يا فندم زي (منصور) ما قال لي.
قال (كامل) بعصبية و صوت عالي :
- ازاي (منصور) يقع في غلطة زي دي ، هو مش عارف اني بشربها سادة.
قال له (جلال) مهدئا :
- اهدى يا (كامل) ، تلاقي (منصور) نسي وعلى العموم المشكلة اتحلت و (حسام) شرب القهوة و انت شربت الشاي.
التفت (بكر) بشكل حاد الى (حسام) وبدا كأنه لدغه عقرب سام وصرخ :
- يعني ايه شرب القهوة؟
ابتسم (حسام) قائلا :
- مفيش مشكلة انا بحب القهوة مضبوطة و...
و فجأة قبل ان يتمم (حسام) عبارته امسك بقلبه فجأة وحاول ان ينهض لكن فجاة انهار على الارض فهض (جلال) و (كامل) اليه وصرخ (جلال) :
- (حسام) ...(حسام).
ثم التفت الى (كامل) صارخا :
- اتصل حالا بالاسعاف و البوليس فورا.
فبل ان يتحرك (كامل) من مكانه كان (بكر) اخرج مسدسه صارخا للجميع :
- اياك حد يتحرك من مكانه.
تجمد الجميع في مكانه دون حراك والتفت اليه (كامل) قائلا :
- يبقى انت اللي عملت كده.
صرخ (بكر) قائلا :
- ايوه انا ، لكن كان المفروض تكون انت اللي ميت مش هو.
حاول (جلال) ان يتمالك اعصابه قائلا :
- اهدا يا بني ولو عايز فلوس هتاخد اللي انت عايزه.
ابتسم (بكر) بسخرية مريرة قائلا :
- خلي فلوسك معاك ، فلوسك مش هترجع ابويا اللي مات.
انعقد حاجبي (كامل) بشدة قائلا :
- ابوك؟ ابوك مين؟
- ابويا اللي انت طردته لمجرد ان هو تعب و بدل ما تقف جنبه بعد ما خدمك اكتر من عشرين سنة طردته لحد ما مات و هو حتى مش لاقي حق الكفن بتاعه ، ابويا (جابر محمد عبد الخالق) فكره و لا نسيته؟
تراجع (كامل) في ذعر قائلا :
- انت ابنه؟! وجيت النهاردة علشان تنتقم مني؟ لكن انت غلطان ، ابوك مات من المرض و انا
ماليش اي ذنب.
صرخ فيه (بكر) قائلا :
- أنت لسه هتكذب؟! قلت لك انا عارف كل حاجة حصلت.
اقترب منه (جلال) ببطء ودون اي خوف فلوح (بكر) بالمسدس قائلا :
- خطوة تانية و اضربك بالنار.
توقف (جلال) و نظر اليه بابتسامة و قال في صوت حنون :
- انت (محمد) ابنه الكبير ، مش كده؟
اتسعت عينا (بكر) قائلا :
- انت تعرف اسمي الحقيقي منين؟
ولكن (جلال) واصل حديثه بصوت حنون قائلا :
- خريج هندسة قسم مدني بتقدير جيد جدا و اختك اللي اصغر منك في سنة تانية طب بشري و اختك الاصغر منها في تانية ثانوي.
كان (محمد) غير مستوعب كيف عرف كل هذا عنه مما جعله يسأل قائلا:
- انت مين بالضبط؟ و ازاي تعرف عني كل ده؟
- انا صديق والدك و اكتر شخص كنت بزوره بدون انتم ما تعرفوا وكلمني عنكم كلكم.
اتسعت عينا (محمد) قائلا :
- انت اللي كنت بتبعت لنا مبلغ شهري بانتظام و دفعت فواتير المستشفى بعد ما فلوس ابويا خلصت كلها.
كان (كامل) يقترب بحذر من المكتب و لكن (محمد) صرخ في صرامة :
- اقف مكانك.
تجمد (كامل) مكانه واقترب (محمد) منه قائلا بغضب :
- بسببك ابويا مات بحسرته ، وانت لازم تحصله.
صرخ فيه (جلال) قائلا :
- اعقل يا (محمد) ، و ما ضيعش نفسك ، افتكر امك و اخواتك.
صوب (محمد) المسدس نحو (كامل) قائلا :
- كلامك متأخر جدا ، الوداع.
وفجأة انطلقت رصاصة من العدم نحو مسدس (محمد) الذي طار بعيدا و قبل ان يفهم (محمد) ما حدث كان (حسام) ينهض ببطء و مسدسه الذي اطلق منه الرصاصة في يده قائلا :
- اعتقد ان كده كفاية.
التفت اليه (محمد) في ذهول قائلا :
- انت لسه عايش!
ابتسم (حسام) ابتسامته المعتاده قائلا :
- أنت شايف ايه؟
أشار (محمد) بيده الى القهوة قائلا :
- لكنك شربت القهوة و..
قاطعه (حسام) قائلا :
- قصدك شفتني و انا ماسك الفنجان بعد ما رميت القهوة اللي فيه.
اتسعت عيني (محمد) في دهشة :
- يعني انت كنت عارف اني حطيت من الدواء بتاعه في القهوة.
هز (حسام) كتفيه ببساطة قائلا :
- طبعا.
اقترب منه (جلال) قائلا:
- في الوقت المناسب يا (حسام).
قال (كامل) في حنق :
- اي وقت مناسب ده ، لوكان ضغط الزناد كان زماني ميت.
ابتسم (حسام) قائلا :
- كان لازم اسمع كل اللي عنده.
تدخل (محمد) قائلا :
- لكن ازاي عرفت؟
- من كيس الدواء.
ردد (محمد) قائلا :
- من كيس الدواء؟!
- (كامل) بيه سايب جدول بمواعيد و نوع الدواء علشان لو نسي الدواء ساعتها الجدول يفكره كمان بيكتب كل علبة دواء جديدة امتى بدا يستعملها و علبة النهاردة لسه مفتوحة امبارح بس و كان واضح ان الدواء مرتين في اليوم لكن لما لاحظت عدد اقراص الدواء كان العدد ناقص اكتر من عشر اقراص وده معناه ان في حد سرقهم ، ولما نضيف تأثير الدواء لو الانسان اخد منه اكتر من قرص ده معناه ان في حد عايز يرتكب جريمة قتل.
سأله (جلال) في فضول :
- مش ممكن يكون حد من سكان البيت؟
- لو كان حد من سكان البيت كان هيجيب السم من بره بحيث يبعد الشبهة عن نفسه و الاهم من كده ان اللي يعمل عارف ان مسألة اكتشافه مسألة وقت مش اكتر و ده معناه ان ده شخص قرر انه يضحي بنفسه واللي هنا شغالين معاه من زمن و محدش منهم ممكن يفكر كده.
- ده برده مش سبب كافي؟
- علشان كده عملت اختبار صغير له لما خليت (كامل) بيه يطلب منه انه يضع الدوا مكانه و فعلا وضعه في مكانه الصحيح مع ان دي اول مرة يدخل المكتب حسب كلامه.
هز (جلال) رأسه متفهما قائلا :
- و لما عرفت انه بيكذب بدلت القهوة و الشاي مع (كامل).
اما (محمد) فقال في ذهول:
- عرفت كل ده من كيس الدواء بس..مستحيل.
التفت اليه (حسام) قائلا :
- انت كنت داخل المكتب تسرق فلوس علشان تسيبها لاسرتك بعد مايتقبض عليك لكن لما ملقيتش فلوس فكرت في الخطة اللي انا قلتها.
صمت (محمد) ولم يعلق واستمر (حسام) بالحديث قائلا :
- وطبعا كنت عارف تاثير الدواء ده قبل ما تدخل من اختك او حد من اقاربك او جيرانك كان بيستعمل الدواء ده ، أما المسدس فكان خطة بديلة في حالة فشل الخطة الاساسية زي ما حصل النهاردة.
ثم اقترب منه قائلا :
- يا ترى كلامي صح ولا غلط؟
هز (محمد) راسه قائلا بمرارة :
- للاسف كلامك كله صح.
قال (كامل) في غضب :
- انا هاكلم البوليس علشان يرميه في السجن ونخلص منه للابد.
عض (محمد) شفته السفلى بمرارة وهو يرى فشل خطته و دمار مستقبله و لكن (حسام) استوقف (كامل) قائلا :
- انتظر.
ثم سأل (محمد) :
- الشخص اللي انت جيت مكانه ، حالته عامله ايه؟
مد (محمد) يده في جيبه واخرج مفتاح من جيبه قائلا :
- مفيش فيه اي حاجة ، انا بس خدرته و حبسته في شقته لحد بكرة الصبح و كنت ناوي اسيب المفتاح هنا مع عم (منصور).
كان (جلال) يشعر بالشفقة نحوه وهو يتخيل الصدمة التي سوف تعيش فيها امه بعد وفاة زوجها وابنها الكبير و قد ضاع مستقبله لكنه لا يملك شيء يفعله امام اصرار و جبروت (كامل) ولكن (حسام) قال :
- عظيم ، في الحالة دي الشاب ده هيخرج معايا دلوقت انا و المستشار (جلال).
نظر اليه (جلال) في دهشة و فرح غير مصدق ما سمع و(محمد) الذي اصابته حالة ذهول من ما سمع حتى قال :
- يعني انت مش هتسلمني للبوليس.
أما (كامل) فهتف في ثورة :
- ايه اللي بتقوله ده؟ يعني كان عايز يقتلني في بيتي و أسيبه يخرج...مستحيل.
نظر له (حسام) في صرامة قائلا :
- ده شرطي علشان انفذ لك اللي انت عايزه او اخرج من الموضوع كله ، تختار ايه؟
كان (كامل) قد رأى مهارات (حسام) و يعرف مدى الخسارة التي سوف يتكبدها لو تركه لذلك لم يطل تفكيره كثيرا قبل ان يقول :
- موافق.
خرج الثلاثي و (جلال) يشعر بسعادة لاحدود لها لان (حسام) نجح في ايقاف (كامل) وقبل ان يخرجوا التفت (حسام) الى (كامل) قائلا:
- هانتظر منك الاسم بالكامل بكره علشان ابدأ تحرياتي.
ثم خرج الثلاثة و (محمد) لا يصدق انه عائد الى بيته حتى اوصله (جلال) بالفعل و قال له (حسام) :
- بات النهارده في بيتك و هانتظرك بكره علشان عايز اتكلم معاك.
ثم تركه و هو يفكر في ماهو مقبل
عليه.
الفصل الرابع
كان المقربون من (حسام) يعلمون مدى جهله الشديد بالفنون بشكل عام و الفنانين بشكل خاص حيث كان اهتمام (حسام) اكثر بالاعمال الروائية بشكل عام و الروايات البوليسية بشكل خاص حيث انه موسوعة بكل ما يتعلق بروايات (ارثر كونان دويل) و (اجاثا كريستي).
لذلك كلف (علاء) مساعده و صديقه بعمل تحريات كاملة عن (سمير) حيث كان (علاء) بطبيعة الحال يملك افضل علاقات واتصالات نظرا لعمله السابق بالمباحث حيث انه كان يقوم بنفس الدور و بالفعل خلال ثلاثة ايام كان مع (حسام) ويقول له :
- ده ملف كامل فيه كل حاجة ممكن تحتاج لها.
تناول (حسام) منه الملف وفتحه و هو يسأل (علاء) :
- برافو يا (علاء) ، بس انت ايه رأيك فيه؟
صمت (علاء) لحظة قبل ان يقول :
- باختصار شديد ده أسوأ زير نساء ممكن تقابله في حياتك.
تراجع (حسام) في مقعده قائلا :
- انت عارف يا (علاء) اني بثق في رايك الشخصي بخصوص اي شخص بكلفك انك تعمل تحريات عنه بس لازم اسألك ليه بتقول كده؟
- لما تقرأ التحريات اللي قدامك هتعرف ، (سمير) ده خدع اربع بنات و نجح في استنزافهم و لما شاف ان الموضوع بقرب من جواز كان بيهرب فورا.
نهض (حسام) من مقعده و وضع يده في جيبه وسار الى نافذة المكتب التي تطل على الشارع الرئيسي قبل ان يقول :
- (كامل) لما يعرف اللي انت بتقوله ده الدنيا هتقوم و مش هتقعد.
ثم سار الى (علاء) و جلس امامه مباشرة قائلا :
- السؤال دلوقتي (فريدة) تعرف الكلام ده و لا لأ؟
- (فريدة) عارفة كل حاجة.
تراجع (حسام) قائلا في دهشة :
- عارفة كل حاجة! ازاي؟
- هو بنفسه اللي قال لها كل حاجة عنه بعد ما تعهد ان هو هيفتح معاها صفحة جديدة من حياته.
فتح (حسام) الملف و بدأ يقرأه بصمت و تركيز شديدين و ظل (علاء) صامتا بجانبه حتى انتهى من قراءة الملف و اغلقه قائلا :
- من اللي انت كتبته اقدر الخص (سمير) في مجموعة نقاط كاتالي :
1- (سمير) انسان بيعشق المال واهم حاجة في حياته هي الفلوس و غالبا ده بسبب الفقر اللي عاش فيه طول عمره.
2- (سمير) زير نساء فعلا و رأس ماله وسامته و كلامه اللي بيعرف به يضحك على البنات و يستغلهم و عمل من ده مبلغ محترم عرف به يصرف على فرقته المسرحية اللي اسسها و لكن لسه محتاج فلوس اكتر علشان يعمل دعاية اكبر و ينتج بشكل اكبر.
3- (سمير) ممثل موهوب بشكل غير عادي و ده بشهادة اساتذته في التمثيل و زملائه اللي اكدوا ان (سمير) ممثل عبقري.
4- (سمير) فعلا بحب (فريدة) لكنه برده بحب فلوسها علشان كده هو هيفضل متمسك بها لأنها البنت اللي ممكن تحقق له كل احلامه و برده حبها بقلبه.
5- ودي اهم حاجة من وجهة نظري رد فعل (كامل) لما يعرف كل ده ، هيفتح ابواب الجحيم على الكل.
ابتسم (علاء) قائلا :
- كالعادة لما تدرس اي موضوع لازم تحلله لمجموعة نقاط تلخصه كله.
ثم تراجع في مقعده قائلا له :
- المهم ، انت ناوي تعمل ايه؟
صمت (حسام) لحظة فبل ان يقول :
- هاروح اقابله بنفسي الأول علشان اكون انطباعي الأول عنه قبل ما اسلم تحرياتي عنه.
وبالفعل اتصل به (حسام) و طلب منه لقائه دون ان يوضح له التفاصيل مكتفيا بالقول انه يريد مقابلته لموضوع يتعلق ب(فريدة) واتفق معه على أن يتقابلا في المسرح اثناء اداء بروفات مسرحيته بحيث يشاهد البروفات و بعدها يجلس معه.
و ظل (حسام) يتابع البروفة و هو منبهر بما يحدث امامه و (سمير) يقدم المشهد تلو المشهد في براعة منقطعة النظير حتى انتهى فقال لنفسه :
- مدهش ، انا فعلا محظوظ اني كنت هنا النهاردة.
و اخيرا بعد ربع ساعة تقريبا من انتهاء البروفة كان يجلس مع (سمير) الذي رحب به قائلا :
- أهلا و سهلا أستاذ (حسام) ، اسف على التأخير ولكن زي ما انت شايف احنا قربنا نفتتح المسرحية الجديدة و لازم نكثف البروفات علشان نلحق نفتتح المسرحية باسرع وقت ممكن.
ابتسم (حسام) قائلا :
- انا اللي اسف اني جئت في وقت شغلك لكن انا بجد استمتعت جدا باللي انت قدمته.
ابتسم (سمير) قائلا ببساطة :
- شكرا على ذوقك لكن الموضوع مش صعب طالما عندك الموهبة و الحنجرة المرنة اللازمة لتقليد اي صوت.
ثم اضاف قائلا بصوت يكاد يكون مطابق لصوت (حسام) :
- الممثل الموهوب يقدر يغير صوته زي ما هو عايز.
اتسعت عيني (حسام) قائلا في انبهار :
- مدهش ، مع انك اول مرة تسمع صوتي لكنك عرفت تقلده بشكل كبير.
ثم اضاف مبتسما :
- لكن اي حد محترف يقدربرده يلاحظ ان لسه فيه فرق بسيط بين الصوتين.
- ده طبيعي لكن مش كل الناس عندها دقة الملاحظة دي.
ثم مال اليه قائلا في اهتمام :
- بس انت اكيد مش جاي النهاردة علشان تتكلم معايا في موهبتي، صح؟
- فعلا انا جاي اتكلم معاك في موضوع تاني و مهم جدا بالنسبة لك.
انعقد حاجبي (سمير) في تساؤل قائلا :
- موضوع ايه؟
- الآنسة (فريدة).
- مالها (فريدة)؟
صمت (حسام) لحظة ثم اجاب :
- من يومين كنت في بيت (كامل سليم) والد الآنسة (فريدة) و قرر ان (فريدة) هتتجوز مساعده الشخصي (جمال) لكنها رفضت و صدمته انها رافضة و قررت الارتباط بك و...
قاطعه (سمير) قائلا :
- عارف كل اللي حصل ، (فريدة) حكت لي كل اللي حصل.
- لكن اللي انت ماتعرفوش ان (كامل) كلفني اني اعمل تحريات كاملة عنك باعتبار انك الرجل اللي بسببه قررت انها تقف ضده.
- لكن اللي انا اعرفه انك محامي مش ضابط مباحث.
ابتسم (حسام) في هدوء قائلا :
- انا فعلا محامي لكن انا كنت ضابط مباحث قبل كده ، لكن وظيفتي في الحقيقة اقرب لعمل المتحري الخاص.
انعقد حاجبي (سمير) قائلا في دهشة :
- متحري خاص؟
- مظبوط ، طريقة شغلي اقرب لشغل المتحري من شغل المحامي علشان كده شغلي مابشتغلش على القضايا العادية.
ثم اردف في هدوء قائلا :
- انا افضل قضايا القتل.
ابتسم (سمير) في سخرية قائلا :
- لكن دي مش جريمة قتل يا سيادة المتحري ، يبقى ليه بتدخل فيها؟
- لسبب شخصي لكن الأهم ياترى الآنسة (فريدة) تعرف كل حاجة عن ماضيك؟
سأله (سمير) في حذر:
- تقصد ايه؟
- قصدي علاقاتك النسائية السابقة زي (سحر سلامة) زميلتك اثناء الدراسة و (غادة فؤاد) بنت المنتج المشهور.
نهض (سمير) في غضب قائلا :
- لو كنت فاكر انك بكده بتهددني تبقى غلطان لأنها عارفة كل ده واكتر لأن أنا بحبها و مش ناوي اخدعها ، و انا هتقدم لها علشان اطلب ايدها من والدها بشكل رسمي منه و كمان معزوم عندها في البيت النهاردة على الغداء.
ثم انصرف غاضبا تاركا (حسام) بمفرده جاسا الى ان ابتعد (سمير) فابتسم قائلا لنفسه في صوت هامس:
- زي ماتوقعت ، (سمير) فعلا بحب (فريدة) بجد مش بيضحك عليها.
ثم نظر الى ساعته و اتجه الى خارج المسرح و ما ان وصل الى سيارته حتى اخرج هاتفه واتصل ب(جلال) ليخبره انه ذاهب الى (كامل) ليسلمه تقرير عن تحرياته كما طلب منه ان يجهز ما طلبه منه.
****************
وصل (حسام) الى الشركة في الوقت المحدد و صعد الى مكتب (كامل) مباشرة ليبلغه ما وصل اليه و يسلمه ملف تحرياته و لكنه وجده مشغولا حيث ابلغته سكرتيرته انه في اجتماع و طلبت منه الانتظار قليلا الى ان ينتهي و لكنه سألها عن مكتب (جمال) مساعده الشخصي و لحسن حظه كان موجود بالفعل في مكتبه في هذا الوقت مما جعل (حسام) يطلب مقابلته وبالفعل كان له ما اراد حيث استقبله بترحاب وادب قائلا :
- اهلا و سهلا استاذ (حسام) ، اتفضل ارتاح.
ثم جلسا سويا على مفعدين متقابلين امام المكتب و ابتدره (حسام) بالحديث قائلا :
- اسف لأني جيت لك من غير ميعاد بس انا كنت عايز انكلم معاك في موضوع مهم.
- مفيش داعي للاعتذار، المهم تحب تشرب ايه؟
- شاي لو سمحت.
امر (جمال) باحضار الشاي لضيفه الذي تـأمل الحائط قائلا:
- الظاهر انك قضيت عمرك كله في التعليم.
أجابه (جمال) بابتسامه هادئة:
- فعلا، انا خريج تجارة انجليزي بتقدير جيد جدا و بعد كده كملت دراستي مع شغلي هنا في الشركة لحد ما خلصت الماجستير وحاليا بشتغل في رسالة الدكتوراه.
- عظيم لكن ليه ماشتغلتش في الجامعة بعد ما خلصت ؟
- لاني محتاج الفلوس جدا ، أنا العائل الوحيد لاسرتي المكونة من أب و أم و 3 اخوات اصغر مني.
هز (حسام) رأسه في استحسان قائلا :
- فهمت لكن ازاي قدرت تكسب ثقة (كامل) بالسرعة دي؟
- في بداية شغلي هنا طلب (كامل) بيه مني افكار و مقترحات علشان صفقة مهمة كان في صدد انهائها و دي كانت عادته مع اي حد جديد علشان يعرف اذا كان هيفيده فيسيبه و لا يستغنى عنه و فعلا قدمت له افكار و مقترحات نالت اعجابه و ساهمت في انهاء الصفقة لصالح الشركة و بعد كده و مع الوقت ثقته في زادت لحد ما وصلت للمنصب ده.
ابتسم (حسام) قائلا له :
- انت فعلا قصة كفاح ومن النوع اللي بنى نفسه بنفسه ، بس كنت عايز اعرف انت شغال مع الآنسة (فريدة) من امتى؟
- من سنتين تقريبا ، طلب منا (كامل) بيه التعاون مع بعض علشان نطور و نزود استثمارات المجموعة بشكل عام وفعلا اشتغلنا مع بعض وحققنا نجاحات كبيرة لحد ما وصلنا للوضع الحالي.
صمت (حسام) لحظة قبل ان يسأله :
- أنت ايه رأيك في الآنسة (فريدة)؟
انعقد حاجبي (جمال) في شدة قائلا :
- انت تقصد ايه؟
- قصدي ايه رأيك فيها بعيد عن الشغل ، لأنه واضح انك بتحبها وهي بتحب شخص تاني خالص غيرك.
- أنت غلطان ، مش معنى أن أنا ماعلقتش على اللي أنت قلته في بيت (كامل) بيه بخصوص حبي ل(فريدة) يبقى كلامك صح ، اللي بيني و بين الآنسة (فريدة) شغل وبس و ....
قاطعه (حسام) في صمت قائلا :
- أنت بتحبها و رحت المسرح اللي شغال فيه (سمير) علشان تشوفه بس من غير ما تتكلم معاه ، وقبلها أنت كنت بتشك أنها تعرف حد لكن ماكنتش متأكد لحد ما أعترفت بنفسها وقالت كده بشكل صريح ، كلامي صح و لا لأ؟
صمت (جمال) قليلا قبل ان يقول في مرارة :
- كلامك كله صح ، أنا فعلا بحبها لكن هي قلبها مع شخص تاني غيري وكنت بدأت أشك في كده من فترة بعد ما لاحظت رفضها المتكرر لكل مرة احاول اعزمها على الغداء بعد ما كانت بتقبل ببساطة كل مرة و كمان تأخرها عن مواعيدها بعد ما كانت مواعيدها مظبوطة دئما.
ثم استدرك قائلا :
- لكن انت ازاي عرفت اني رحت المسرح؟ انت بتراقبني؟
- كنت براقب (سمير) بناء على تكليف من (كامل) نفسه و الشخص اللي كان براقبه هو اللي بلغني.
ثم اردف (حسام) في اهتمام قائلا:
- المهم أنت ناوي تعمل ايه بعد ما أعلن (كامل) خطوبتك أنت و (فريدة) الشهر الجاي؟
ابتسم (جمال) قائلا في حزن :
- ولا حاجة لأن الخطوبة مش هتكمل.
- قصدك ايه؟
- قصدي أن (فريدة) عنيدة ودماغها ناشفة و مش هتوافق حتى لو اضطرت تسيب البيت و الشركة و تبدأ من الصفر ، و أنا كمان لايمكن ارتبط بها و أنا عارف أنها بتحب رجل تاني.
تنهد (حسام) قائلا:
- توقعت أنك هتقول كده و ده معناه أن فيه صدام وشيك هيبدأ.
ثم نهض قائلا :
- اسمح لي امشي علشان اقابل (كامل) بيه ، فالمقابلة دلوقت مهمة جدا.
الفصل الخامس
في اثناء لقاء (حسام) و (جمال) كان (كامل) مجتمع مع ابن اخيه (عاصم) في مكتبه لمناقشة تفاصيل خطوبته بابنته (سميرة).
كان (عاصم) يستمع الى (كامل) و هو بنصف وعي و هو الامر الذي لاحظه (كامل) مما دفعه الى سؤاله قائلا و هو يطرق سطح مكتبه بقوة قائلا :
- (عاصم) ، أنت مركز معايا؟
نظر اليه (كامل) في غضب قبل ان يضيف :
- ما لك النهاردة مش مركز معايا خالص ، شكلك فيه حاجة عايز تقولها و متردد.
تردد (عاصم) لحظة قبل ان يقول :
- عمي في الحقيقة أنا....أنا مش عايز اتجوز (سميرة).
ثم ابتلع ريقه بصوت مسموع متابعا :
- أنا بعتبر (سميرة) زي أختي و مش قادر أشوفها حاجة تانية و هي تستحق شخص أفضل مني بكتير و كمان أنا بحب واحدة تانية.
عقد (كامل) حاجبيه في تساؤل قائلا :
- واحدة تانية؟
ثم تعالى صوته في غضب قائلا :
- بتحب واحدة تانية؟ مين سمح لك بكده؟ انت هنا علشان تنفذ اوامري و بس ، سواء كان في الشغل أو برة الشغل ، اوامري لك مطلقة و لا أنت نسيت أنا عملت ايه لك أنت وأخواتك و أمك بعد وفاة أخويا.
تراجع (عاصم) في خوف قائلا :
- أنا عارف حضرتك كويس ساعدتني أنا و أسرتي بعد وفاة والدي و ماقدرش أنكر كل اللي حضرتك عملته معانا بس أنا بحب بنت تانية و كمان مافتكرش (سميرة) ممكن توافق على الأرتباط بي و .......
قاطعه (كامل) و هو ينهض في غضب قائلا :
- ما لكش علاقة بموافقة (سميرة) أو رفضها ، (سميرة) لايمكن تعصى اوامري و أنت عارف كده كويس ، أنت أو (سميرة) كل اللي عليكم أنكم تسمعوا كلامي و بس.
ثم استدار حول مكتبه متجها الى (عاصم) الذي وجده واقفا أمامه و هو يقول له بنبرة تهديد واضحة :
- لو أنت مش عايز تتجوز (سميرة) فأنا معنديش مانع بس في الحالة دي أعتبر نفسك مطرود من الشغل و من حياتي كلها.
ثم أضاف في سخرية قائلا :
- وفي الحالة دي عليك أنك تتحمل تكاليف جهاز أختك ده غير علاج والدتك الشهري.
ثم ضحك بسخرية قائلا بصوت عالي :
- ده لو قدرت عليه طبعا.
رفع (عاصم) يده أمامه في ذعر قائلا :
- لا يا عمي أرجوك ، كله الا علاج أمي ، لو العلاج وقف أو اتأخر ده معناه أن حضرتك بتحكم عليها بالموت الفوري.
- يبقى تنفذ اللي أنا قلت عليه بدون نقاش ، مفهوم؟
صمت (عاصم) قليلا و قد أحس بالعجز و المرارة بداخله و لكنه لم يكن يملك سوى أن يمتثل لأوامر عمه ، فقال بصوت فيه غصة واضحة :
- أنا موافق يا عمي و تحت أمر حضرتك في كل اللي تطلبه.
تغيرت ملامح وجه (كامل) و ارتسمت على وجهه ابتسامة و قال و هو يضع يده على كتف (عاصم):
- كنت عارف أنك هتوافق.
ثم عاد الى مقعده قائلا في لهجة آمرة :
- أرجع على مكتبك وشوف شغلك.
خرج (عاصم) من مكتب عمه مسرعا حتى أنه لم ينتبه الى (حسام) الذي كان واقفا أمامه فاصطدم به بعنف و سقط الاثنان معا ، و سرعان ما نهض (عاصم) و هو يتناول هاتفه المحمول و سلسلة مفاتيحه من الارض و تناول (حسام) الملف الذي كان في يده من الارض و ابتدره (حسام) بالسؤال مطمئنا قائلا :
- أنت كويس؟ حصل لك حاجة؟
التفت اليه (عاصم) قائلا :
- أنا كويس و......
ثم صمت بغتة عندما وجد أن من اصطدم به هو (حسام) فقال في دهشة :
- أستاذ (حسام) ، أنت هنا بتعمل ايه؟
- عندي ميعاد مع (كامل) بيه وكنت منتظر يخلص اجتماعه.
هز (عاصم) رأسه متفهما قائلا :
- فهمت ، عموما هو في جوه دلوقت.
و انصرف سريعا من المكتب مما جعل (حسام) يغمم لنفسه قائلا :
- واضح انها كانت مقابلة غير سعيدة عليه.
ثم سمع صوت السكرتيرة وهي تطلب منه الدخول.
****************
دخل (حسام) الى مكتب (كامل) بعد انصراف (عاصم) بلحظات قليلة ليقدم تقريره طبقا لاتفاقه معه ، كان (حسام) قد لاحظ تغير وجه (عاصم) مما جعله يخمن الحوار الذي كان يدور بينهما و الحالة التس سوف يكون عليها (كامل) في هذه اللحظات.
و بالفعل كان (كامل) على جالسا كرسيه يتمتم لنفسه قائلا بصوت سمعه (حسام) :
- حتى (عاصم) بعارض اوامري ، الظاهر ان أنا بقيت عجوز جدا.
ثم نهض مصافحا (حسام) ودعاه للجلوس قائلا :
- يا ترى حمعت كل المعلومات اللي أنا طلبتها منك؟
- كل اللي أنت عايز تعرفه موجود في الملف ده.
ثم سلمه الملف في يده متابعا كلامه قائلا :
- اسمه بالكامل (سمير محمد سمير) ، ممثل شاب و موهوب جدا بشهادة زملائه و اساتذته ، أسس فرقة مسرحية خاصة به و .....
قاطعه (كامل) في ضيق قائلا :
- سيبك من كل الكلام ده ، أنا عايز المهم ، أنت فاهم قصدي ايه.
صمت (حسام) لحظة ثم أجاب في هدوء:
- ماضيه مش نضيف ، له علاقات مع بنات كتير قبل الآنسة (فريدة) ، دائما بيختار بنات من أسر غنية و بيستغل في كده وسامته الشديدة و كلامه المعسول.
ترجع (كامل) في مقعده قائلا في غضب :
- الحقير ، ازاي جات له الجرأة انه يقرب من بنتي.
- من خلال كلامي مع المستشار (جلال) عرفت أن الآنسة (فريدة) انسانة عنيدة جدا و دماغها ناشفة و أنك لو حاولت تستعمل معاها القوة هتتمسك به اكتر.
- معاك حق ، بس لما تعرف ماضيه ده اكيد ه...........
قاطعه (حسام) قائلا :
- هي عارفة كل ده و يمكن اكتر.
تراجع (كامل) قائلا في ذهول :
- مستحيل ، عارفه و برده عايزة تكمل معاه.
- ايوه ، (سمير) ده من النوع اللي بتحبه البنات.
ثم اضاف بعد برهة :
- وكمان هو فعلا بحبها.
نهض (كامل) قائلا في ثورة :
- يعني ايه بحبها؟ ده مجرد واحد فاشل بيضحك عليها و عايز يجوزها علشان خاطر ثروة ابوها، ده كان توقعي من الاول و انت جت أكدته دلوقت.
- ده صحيح ، بس المرة هو بجد بحبها.
نظر اليه (كامل) في تساؤل و (حسام) يتابع قائلا :
- بس هو برده بحب الفلوس ، بمعنى تاني هو بحبها بقلبه وعقله. بقلبه لأن فيها كل مواصفات البنت اللي بحبها ، وعقله لأنها هتحقق له كل احلامه في النجومية والشهرة.
هز (كامل) رأسه ببطء و قال و هو يعاود الجلوس أمام (حسام) قائلا :
- بحبها بعقله و قلبه ، لكن لو بدون فلوس ممكن المشكلة تتحل بشكل فوري.
انعقد حاجبي (حسام) قائلا في تساؤل :
- مش معقول حضرتك تكون بتفكر في ......
لكن (كامل) قاطعه و هو ينهض قائلا :
- شكرا جزيلا لك يا (حسام) ، أنت فعلا ساعدتني جدا ، و بالنسبة لباقي اتعابك أنا هبعت لك بها شيك أو لو تحب ابعت المساعد بتاعك يستلمها مني.
وقبل ان يرد عليه (حسام) سمع نغمة رسالة على هاتفه المحمول ففتحه ليقرأ الرسالة الواردة له قبل أن يتمتم لنفسه قائلا :
- وصل.
لم يسمع (كامل) ما قاله (حسام) بوضوح فقال له في تساؤل :
- أنت بتقول حاجة؟
- لا أبدا و لا حاجة.
ثم نظر حوله قائلا له :
- ممكن استعمل الحمام اللي هنا؟
أشار (كامل) بيده الى الحمام الخاص قائلا :
- اتفضل.
غاب (حسام) تقريبا قرابة الخمس دقائق قبل أن يقول له :
- استئذن أنا.
وهم بالمغادرة قبل أن يقول :
- حاجة اخيرة كنت هانساها ، (سمير) دلوقت موجود في البيت مع الآنسة (فريدة) في البيت و في الغالب هو موجود علشان يطلب ايدها منك بشكل رسمي.
اتسعت عينا (كامل) في غضب و فتح درج مكتبه و أخرج مسدسه و قد وضعه في جيب سترته و اندفع الى الخارج قائلا لسكرتيرته :
- الغي كل مواعيدي و ما تتصليش بي لاي سبب.
ثم اتجه الى الخارج و عيناه تتقد شرا و خرج وراءه (حسام) في هدوء ثم اخرج هاتفه المحمول و اتصل ب(جلال) قائلا :
- ايوه يا سيادة المستشار ، انت فين دلوقت؟
- انا رايح لبيت (كامل) بس لسه قدامي شوية.
- حاول توصل بسرعة لأن (كامل) في طريقه لبيته و (سمير) هناك مع (فريدة) و (كامل) رايح و هو في حالة غضب و ثورة.
- ربنا يستر و ماتحصلش كارثة ، (كامل) وهو في الحالة دي ممكن يتهور و يستعمل مسدسه و يقتل به (سمير) ، أنت هاتعمل ايه دلوقت؟
- انا هاحصلك على هناك بعد ما اخلص حاجة هنا ، المهم أنت جهزت الحاجة اللي أنا طلبتها منك؟
- جهزت ملف فيه أهم اعداء (كامل) زي ما أنت طلبت بس الملف دلوقت في مكتبي مش معايا.
- مفيش مشكلة ، أنا هرجع معاك على المكتب و اخد منك الملف.
- المهم مايحصلش كارثة بل ما نوصل ما تقلقش.
ثم اغلق (حسام) الهاتف و تحسس جيبه مبتسما في هدوء.
هل يمكن ان يقتل (كامل) (سمير) في نوبة غضبه؟..و لماذا غادر (حسام) مبتسما على الرغم من توقع (جلال) لجريمة قتل..انتظروا الفصل القادم باذن الله تعالى لتعرفوا ماذا حدث.
الفصل السادس
كان (حسام) قد قرر التحدث مع (عاصم) قبل ذهابه الى بيت (كامل) وعرف مكان مكتبه من سكرتيرة (كامل) و مع اقتراب (حسام) من مكتب (عاصم) وقبل أن يطرق الباب التقطت أذناه صوت (عاصم) يتحدث قائلا :
- أنا كلمته النهاردة في الموضوع بتاعنا بس هو مصمم على اللي في دماغه.
ثم مرت لحظة صمت قبل ان يسمعه يقول :
- و أنا اقدر اعمل ايه معاه اكتر من الكلام معاه ، ده هددني بأمي و أختي و.....
و لكنه لم يكمل عبارته و سمعه يقول :
- قفلت السكة.
فادرك أن الحوار الذي كان بين (عاصم) و الطرف الآخر انتهى فطرق الباب و سمع (عاصم ) يدعوه للدخول الذي تفاجأ عندما رآه يدخل فنهض و رحب به بارتباك و وضع هاتفه في جيبه قائلا له و هو يدعوه الى الجلوس :
- اهلا و سهلا أستاذ (حسام) ، تحب تشرب ايه ؟
- و لاحاجة ، أنا جاي لك علشان عايز اسألك على حاجة محددة.
ردد (عاصم) في تساؤل قائلا :
- حاجة محددة؟
- كنت عايز اعرف هل الآنسة (سميرة) موافقة على الخطوبة منك و لا لأ؟
- وأنت ايه داخلك بالموضوع ده ، ده موضوع مالكش دعوة به و ....
قاطعه (حسام) قائلا :
- أستاذ (عاصم) ، أنا مش جاي علشان اتخانق ، أنا جاي للمساعدة و خاصة أن أنا عارف أنك بتحب واحدة تانية.
اتسعت عينا (عاصم) في ذهول قائلا :
- عرفت ازاي؟
- كان باين عليك و (كامل) بيقول قراره ، ملامح وشك كشفتك.
صمت (عاصم) لحظات قبل أن يقول في صرامة :
- حتى لو كان كلامك ده صح فده برده شيء ما يخصكش.
ابتسم (حسام) ابتسامته الهادئة المعتادة قائلا :
- حتى لو قلت لك أن البنت دي هي (رباب) اللي شغالة عندكم في البيت.
قال (عاصم) في ذهول :
- مستحيل....عرفت ازاي؟
هز (حسام) كتفيه ببساطة قائلا :
- لما كنت في البيت قلت انك جاي من الحمام لكن لما سألت المستشار (جلال) قال لي ان في حمام خاص في الدور العلوي خاص بسكان البيت و ممنوع ان حد يستعمله سواء من الشغالين في البيت او حتى الضيوف اللي لهم حمام خاص بهم في الدور الأرضي و ممنوع يستعمله حد من السكان ، لكن لما جيت ما شفتكش نازل من السلم الداخلي بتاع البيت.
ثم ابتسم معقبا :
- كمان لما وقعت منك سلسلة المفاتيح بتاعتك كان مكتوب فيها اسم (رباب) بالانجليزي.
كان (عاصم) يشعر بدهشة عارمة بعد ما سمعه و هو يقول له :
- أنت جيت البيت مرة واحدة بس و دي أول مرة لك في الشركة وعرفت كل ده ، أنت مين بالضبط؟
- قلت لك قبل كده ، شغلي و شخصيتي اقرب للمتحري الخاص.
ردد (عاصم) قائلا :
- متحري خاص؟
واصل (حسام) حديثه قائلا :
- أنت ماحضرتش العشاء الشهري المجمع الشهر اللي فات علشان كنت مع (رباب) خارج البيت ، المستشار (جلال) قال لي انها ما برده ما كنتش موجودة و لما سألها عن السبب ارتبكت و قالت له سبب غير السبب اللي قالت له عليه والدتها لما سألها .
- حتى دي عرفتها.
- المهم ، نرجع لموضوعنا ، (سميرة) موافقة و لا لأ؟
ابتسم (عاصم) في حزن قائلا :
- (سميرة) ماتقدرش ترفض اي طلب لأبوها ، ممكن تعتبره خوف أو حب لكن أنا واثق أنها هتوافق مع أني عارف أنها و لا بتحبني أنا أو غيري.
هز (حسام) رأسه في تفهم قائلا :
- فهمت.
ثم نهض واقفا وهو يقول :
- نصيحتي لك أنك تواجه عمك بشجاعة أكبر والا هتعاني باقي حياتك.
ثم تركه و انصرف الى سيارته و اتصل ب(جلال) ليطمئن منه على الوضع في منزل (كامل) ولكنه لم يتلق رد مما دفعه الى الأسراع أكثر وهو يفكر في ما هو قادم.
****************
كان (كامل) في غاية الغضب و الثورة عندما وصل الى منزله وطرق باب بيته و أسرع (منصور) يفتح الباب له ولكن كان رد فعل (منصور) مفاجئا ل(كامل) حيث أن (منصور) وقف ثابتا في مكانه و قال كأنما رأى شبحا :
- (كامل) بيه .... مستحيل .... ازاي؟
دخل (كامل) الى البيت قائلا له :
- ما لك كده ليه؟ أنت شفت عفريت!
- حضرتك ازاي لسه جاي و أنت موجود فعلا جوه مع الآنسة (فريدة).
عقد (كامل) حاجبيه و دخل سريعا الى غرفة المعيشة ليرى نفسه جالسا مع ابنتيه (سميرة) و (فريدة) و المربية (عزة) و يتحدث مع الجميع بصوت و أسلوب مقارب بشدة لأسلوبه في الحديث و الملابس التي يرتديها.
كان (كامل) يقف على باب الغرفة و هو يراقب ما يحدث أمامه غير مصدق حتى قال بصوت متحشرج :
- أنت مين؟
نهض الجميع من أماكنهم يراقبون ما يحدث في ذهول ماعدا (فريدة) التي نهضت ضاحكة و هي تقول بصوت عالي :
- مفاجأة مدهشة ، صح؟
ثم أشارت الى الشخص الموجود قائلة :
- أقدم لكم (سمير) ، واحد من أحسن الممثلين و صاحب الفكرة دي.
قالت (سميرة) غير مصدقة :
- مستحيل ، أنت قلدت بابا بشكل هايل ، حتى أنا بنته ما قدرتش أعرف الحقيقة.
ابتسم (سمير) و عاد صوته الى طبيعته قائلا :
- أشكرك ، المهم تكون الفكرة عجبت (كامل) بيه.
كان (كامل) قد بدأ يستوعب ما يحدث أمامه و قال :
- أنت ازاي تجرؤ و تيجي هنا و تدخل بيتي من غير أذني؟ وازاي تقلدني و تخدع أهل بيتي؟
ثم فجأة علا صوته في ثورة قائلا :
- أنت فاكر نفسك ظريف؟ فاكر نفسك ممثل؟ أنت مجرد ممثل فاشل ، أنت أسوأ ممثل على الأطلاق.
و فجأة مد يده الى جيبه و أخرج مسدسه و صوبه الى (سمير) الذي تراجع في ذعر و (فريدة) التي وضعت جسدها بين المسدس و (سمير) لتدافع عن (سمير) بجسدها و لكن (كامل) كان ضغط الزناد بالفعل.
و بينما كان الجميع يتوقع سماع صوت الرصاص و رؤية الدم لكن كان ما سمعوه هو مجرد صوت معدني عرفوا منه أن المسدس خالي تماما من الرصاص مما جعل (كامل) ينظر الى خزانة مسدسه ليكتشف أنها خاوية ، فاتسعت عيناه قائلا في دهشة :
- مستحيل ، أنا متاكد أن الخزنة مليانه ، ازاي؟
ثم نظر الى (سمير) في غضب قائلا :
- مش مهم ، لسه في المكتب خزانات رصاص تانية كتير.
لكن في هذه اللحظة دخل (جلال) الى المكان و اندفع نحو (كامل) ليمنعه صائحا فيه قائلا :
- أنت بتعمل ايه يا مجنون؟ هتودي نفسك في داهية.
ثم نظر الى (سميرة) و (سمير) و (فريدة) صائحا في أمر :
- اخرجوا بره في الجنينة و ما ترجعوش غير لما اقول لكم.
خرج الثلاثة في سرعة و خوف الى الخارج بينما كان (كامل) يصرخ في ثورة و غضب قائلا :
- سيبني يا (جلال) ، سيبني اقتل الحقير ده.
و قبل ان تتطور الأمور أكثر من ذلك سمع الأثنان صوت ضحكة عالية مخيفة من (عزة) و هي تقول :
- أخيرا جه اليوم اللي شفت فيه حياتك بتتدمر و على ايد مين ، أقرب الأشخاص لك.
نظر اليها (كامل) في غضب و صرخ قائلا :
- اخرسي أنت ، اخرسي و الا قتلتك.
نظرت اليه بنظرة مخيفة و هي تقول :
- قصدك زي ما قتلت مراتك.
توقف (كامل) تماما في حين نظر اليها (جلال) قائلا :
- أنت قصدك ايه بالكلام ده؟ أنت مش اتأكدتي بنفسك أنها ماتت بسبب المرض اللي كان عندها.
- كذب ..كذب ، أنت عارف كويس أن مش دي الحقيقة.
- طيب ما تقول لي أنا الحقيقة؟
كان هذا صوت (حسام) الذي دخل المكان في هذه اللحظة مضيفا قائلا :
- أنا معرفش الحقيقة ، ممكن تقول لي هي ماتت ازاي؟
لكن (عزة) لم تجبه بل اكتفت بنظرة كراهية عارمة اليه قبل أن تقول :
- متنساش اللي أنا اللي قلته لك قبل كده ، أنا مش هامشي من هنا غير لما أشوف انتقامها منك ، سواء كان بايدي أو ايدي غيري.
ثم ضحكت بصوت عال و هي تغادر بينما كان (كامل) يصرخ فيها قائلا :
- قلت لك اخرسي ، اخرسي و الا قتلتك.
و لكن (عزة) واصلت ضحكها و هي تغادر المكان بينما جلس (كامل) و قد بدأ يهدأ في حين جلس (جلال) بجانبه يراقبه في قلق وهو يتساءل هل يحتاج الى الطبيب أو لا و لكن صحة (كامل) تحسنت و قد اتضح أنه لا يحتاج الى علاج أو طبيب ، في حين ظل (حسام) واقفا و أخيرا وضع (حسام) يده في جيبه وأخرج الرصاصات التي كانت في خزنة مسدس (كامل) و وضعها في يد (كامل) قائلا :
- الحاجات دي تخصك.
رأى (كامل) الرصاصات و قد فهم ما حدث قائلا :
- أنت اللي سرقت الرصاص من مكتبي! بس ازاي؟
ابتسم (حسام) ابتسامته الهادئة المعتادة قائلا :
- لما كنت في مكتبك وصلتني رسالة على الموبايل من (علاء) مساعدي الشخصي أن (سمير) في بيتك ، وده لأني كنت مكلف (علاء) بمرقبة (سمير) النهاردة لحد ما اسلمك التقرير و أسيب الموضوع كله لك بعد كده ، ولأني عارف شخصيتك كويس توقعت رد الفعل ده هيكون منك ، علشان كده فكرت في حل يضمن أن مفيش حد يموت وكمان يكون المستشار (جلال) هنا علشان يسيطر على غضبك.
التفت اليه (جلال) قائلا :
- بس كان ممكن تخبي الموضوع كله عليه وبالتالي تضمن أن مفيش حاجة ممكن تحصل.
- كان أكيد هيعرف ، ماتنساش أنه قال لي قبل كده أوقات بيتصل بالبيت علشان لو محتاج حاجة ، الأهم من كده أنه أكيد كان هيتصل ب(فريدة) علشان يكلم معاها بعد ما سلمته الملف وعرف كل اللي عرفه عن (سمير) ، و بالتالي كان هيعرف أن هي مش في الشركة ولسه في البيت ، و بالتالي كان هيتصل بها هنا في البيت.
- بس برده كان هيتصل على الموبايل بتاعها وهي ممكن تخبي عليه و مايعرفش حاجة.
هز (حسام) رأسه نافيا قائلا :
- كان هيلاقي موبايلها مقفول لأنها ببساطة لايمكن تتحرك من جنب (سمير) علشان ممكن يقع في غلطة تكشف تنكره.
قال (كامل) موافقا كلامه :
- ده صحيح ، وأنا في الطريق حاولت أتصل ب(فريدة) أكتر من مرة لكن كان تليفونها مقفول على طول.
ثم التفت الى (حسام) قائلا :
- بس برده معرفتش أنت ازاي سرقت الرصاص من مسدسي؟
وضع (حسام) يده في جيبه مستعيدا ابتسامته الهادئة قائلا :
- لما دخلت الحمام اتصلت بالمستشار (جلال) و طلبت منه أنه يطلعك من المكتب تحت أي عذر بعد ما وضحت له السبب و عرفت منه أن معاك مسدس و بتحتفظ به في درج المكتب ، وفعلا كلمك و طلب منك أنك تروح مكتبه لأنه خايف يكون نسي درج مكتبه مفتوح ، وطبعا صمم أنك أنت اللي لازم تروح بنفسك علشان المكتب فيه ورق مهم و ممكن حد يشوفه أو يسرقه ، و بمجرد خروجك خرجت من الحمام و أخدت كل الرصاص اللي كان في المسدس ، وبعد كده طبعا رجعت تاني الحمام واستنيت رجوعك علشان أبلغك أن (سمير) هنا.
كان (كامل) يستمع اليه وهو منبهر بتحليله المنطقي و توقعاته الصائبة للأحداث فلم يسعه سوى أن يقول :
- أنا بجد مش مصدق ، كل الخطة دي و التوقعات دي فكرت فيها في الثواني اللي قرات فيها الرسالة اللي جات على الموبايل.
- المتحري مش وظيفته أنه بس يكشف الجريمة ، الأهم أنه يمنعها و ده اللي أنا عملته.
كان (جلال) يشعر بفخر شديد اتجاه (حسام) فنهض قائلا له :
- أنا بجد فخور بك يا (حسام).
بينما نهض (كامل) قائلا بحزم :
- أنا عايز أقعد لوحدي شوية في غرفة المكتب ، لو عايزين تقعدوا أو تمشوا براحتكم ، المهم أنا مش عايز أي ازعاج.
ثم دخل الى مكتبه و أغلق الباب خلفه و أمر (جلال) (منصور) بأن لايزعج أي شخص (كامل) طبقا لتعليماته قبل أن يغادر بصحبة (حسام) الذي كان يشغل باله سؤال واحد فقط وهو :
- ترى ، ماذا ينوي (كامل) أن يفعل؟
للمرة الثانية ينجح (حسام) في منع جريمة قتل بذكاء شديد..فهل ينجح في تكرار ذلك في المرة القادمة..لمعرقة اجابة هذا السؤال تابعوا الفصول القادمة باذن الله تعالى
الفصل السابع
خرج (جلال) و (حسام) من الباب الخارجي للمنزل و ذهبوا الى الطاولة التي تضم (سميرة) و(سمير) و (فريدة) الذين نهضوا في لهفة و (سميرة) تسأل :
- بابا صحته كويسة يا عم (جلال)؟
- الحمد لله هو دلوقت بقى....
قاطعه (حسام) فجأة قائلا :
- عرفتي ازاي أن هو كان تعبان؟
أطرقت (سميرة) بوجهها للأرض بصمت بينما قال (جلال) بدهشة :
- يعني ايه عرفت ازاي! مش كان واقع تعبان ....
قاطعه (حسام) مرة أخرى :
- كانت في الوقت ده في الجنينة و مش ممكن تكون عرفت أن هو تعبان.
ثم أضاف بابتسامته الهادئة :
- الا لو كانت واقفة بره الاوضة و سمعت كل اللي حصل.
نظر (جلال) اليها في دهشة قائلا :
- أنتي فعلا كنت واقفة بره.
نظرت (سميرة) الى (حسام) بوجه شاحب قائلة :
- أنت شفتني؟!
أشار (حسام) الى اذنيه قائلا :
- أنا بعرف أميز صوت الكعب العالي على الأرض كويس.
أدركت أنه سمع صوت خطوات قدمها لكنه لم يراها ثم استنتج شخصيتها بعد ذلة لسانها ، لكن (جلال) سرعان ما تدخل لأنقاذها من حرج الموقف قائلا :
- هو دلوقت بقى كويس ، بس مش عايز حد يزعجه.
ثم نظر الى (فريدة) قائلا :
- لازم تقعدي مع أبوك علشان تصفي الأجواء علشان اللي شفته النهاردة يدل على مدى غضب والدك منك.
تنهدت (فريدة) بعمق قائلة :
- معاك حق يا عمي ، فكرة النهاردة كانت فكرة فاشلة بس ده مش معناه أن أنا هتراجع عن موقفي مهما حصل.
تدخل (حسام) في الحديث قائلا :
- بس أنا متخيلتش أن يكون عندك كل القدر ده من الجرأة يا (سمير) ، تتنكر بصورته و شكله و تدخل بيته و تتعامل مع كل اللي في البيت بشخصيته ، أنت فعلا جريء جدا.
ضحك (سمير) بصوت عالي ثم غير صوته الى صوت مشابه بشدة لصوت (كامل) قائلا :
- ازاي أخاف و أنا في بيتي؟
- صوتك و أسلوبك فعلا شبه أسلوب (كامل) جدا بس برده لسه في اختلافات أقدر أعرفك بها.
ضحكت (فريدة) معقبة قائلة :
- ده معناه أن مفيش حد يقدر يكشف تنكر (سمير) في أي شخصية غير أنا و(حسام) بس.
لكن (جلال) لم يعجبه ما حدث فقال في غضب :
- أنا مش شايف حاجة تضحك في اللي حصل ده ، كان في جريمة ممكن تحصل.
نظرت اليه (سميرة) بشرود قائلة :
- معاك حق يا عمي ، بس برده أنا شايفة أن الوضع مش مأساوي للدرجة دي ، برده اللي عمله (سمير) نفعنا.
نظر اليها (جلال) في دهشة قائلا :
- اللي أنت بتقوله ده؟ أبوك كان هيموت و أنت بتقول أنه نفعنا!
- بس أنت سمعت اللي قالته (عزة) عن أن بابا قتل ماما.
تسمر (جلال) في مكانه قائلا :
- أنت سمعت ده كمان!
اتسعت عينا (فريدة) قائلة :
- مستحيل يكون بابا عمل كده.
ثم التفتت الى (جلال) قائلة :
- عمي (جلال) ، الكلام ده صح؟
- لا طبعا ، والدتك ماتت بشكل طبيعي و مفيش أي شبهة جنائية في موتها.
- أمال ايه معنى الكلام اللي قالته (عزة) ده؟
- كلام فارغ ، ومش عايز كلام تاني في الموضوع ده.
ثم نظر الى (حسام) قائلا في لهجة من يريد انهاء النقاش قائلا :
- تعال معايا على مكتبي علشان تاخد الأوراق اللي أنت عايزها.
ثم انصرف في خطوات مسرعة الى سيارته حتى لا يفتح باب النقاش في ذلك الموضوع مجددا.
****************
دخل (حسام) بصحبة (جلال) الى مكتب (جلال) وتوقف (حسام) كثيرا أمام أحد المقاعد بينما كان (جلال) يقول له :
- بحب من وقت للتاني اجي مكتبي القديم ، أنت عارف أنا بحبه جدا.
ثم لاحظ أن (حسام) كان شارد الذهن و يتأمل أحد المقاعد و قد ظهرت على وجهه علامات السعادة البالغة و كان من الواضح أنه يتذكر ذكريات سعيدة للغاية بينما ابتسم (جلال) في حنان وقد فهم سبب سعادته قائلا :
- شكلك بتفتكر ذكريات سعيدة.
- دي فعلا يمكن تكون أسعد ذكريات حياتي على الأطلاق ، من هنا بدأت أعشق القانون و التحري ، فاكر روايات (أجاثا كريستي) و (آرثر كونان دويل) اللي كنت بتشتريها لي وأقعد أقرأها هنا.
ضحك (جلال) بصوت عالي وهو يجلس على مقعد المكتب قائلا :
- بس أنا متوفعتش أنك ممكن توصل للحد ده ، أنا شخصيا مش قادر أصدق أنك قدمت استقالتك من الشرطة لحد دلوقتي.
جلس (حسام) على المقعد المقابل للمكتب قائلا له :
- المهم ، فين الورق؟
أخرج (جلال) ملف من درج مكتبه و قدمه ال(حسام) قائلا :
- دول أهم أعداء (جلال) حسب معلوماتي ، و دول ما بين موظفين سابقين في الشركة و رجال أعمال منافسين.
تناول (حسام) الملف منه قائلا :
- شكرا جزيلا لحضرتك.
ثم ألقى نظرة سريعة على الملف قبل أن يقول :
- بس أنا مش لاقي اسم هنا.
- اسم مين؟
- (عزة)
- ليه بتسأل عليها؟ دي مجرد مربية في بيت (كامل) و .....
قاطعه (حسام) قائلا :
- بس بعد اللي سمعته اسمها لازم يكون موجود.
- أنت هتصدق اللي قالته ، زوجة (كامل) ماتت بسبب المرض.
- طب ليه قالت كده؟
هز (جلال) كتفيه قائلا :
- يمكن لأن قبل موتها حصلت خناقة كبيرة بين (كامل) و مراته قبل ماتموت على طول.
انعقد حاجبي (حسام) قائلا :
- و ايه السبب في الخناقة دي؟
- معرفش التفاصيل ، ده بس اللي سمعته من (منصور) ، التفاصيل ما حدش يعرفها غير (كامل) و (عزة) و (منصور) اللي عنده فكرة و حضر جزء كبير من الخناقة دي.
- طب ليه (كامل) ما طردهاش طالما الكراهية بينهم كبيرة كده؟
- لأن (عزة) تعتبر أم للبنات و تعرف عنهم اللي ما يعرفوش (كامل) نفسه و البنات كمان بيحبوها جدا هي و بنتها (رباب) كمان.
غمم (حسام) قائلا :
- فهمت.
- أنت بقى ناوي تعمل ايه دلوقت؟
نهض (حسام) من مقعده للأنصراف قائلا :
- هاجمع كل المعلومات و التحريات عنهم ، حضرتك عارف أن أنا دايما بعمل حسابي للأسوأ
- و أنت تفتكر ايه الأسوأ؟
صمت (حسام) قبل أن يقول :
- جريمة قتل ، أتوقع حدوث جريمة قتل.
****************
خرج (سمير) من بروفات مسرحيته الجديدة منهكا بعد يوم عمل طويل و شاق استعدادا للذهاب الى بيته قبل أن يفاجأ بسيارة تقف أمامه و تعترض طريقه و قبل أن يحاول أن يعرف السبب وجد قائدها يدعوه للركوب قائلا بلهجة آمرة :
- اركب يا (سمير).
كان (سمير) يشعر بدهشة بالغة عندما رأى (كامل) أمامه في السيارة و لكن رغم ذلك تماسك سريعا و حاول أن يواصل سيره و لكن (كامل) أمره مرة أخرى قائلا :
- اركب يا (سمير) ، ماتخافش ، أنا عايز أتكلم معاك شوية.
تردد (سمير) للحظات و أخيرا قرر الركوب خاصة أنه في مكان عام و لا داعي للخوف و بالفعل ركب بجانبه و انطلقت السيارة بسرعة متوسطة في اتجاه منزل (سمير) قبل أن يقول (كامل) :
- أنا مدين لك بالأعتذار علشان اللي عملته معاك المرة اللي فاتت بس ده مش معنى كده أن أنا غيرت موقفي.
- و أنا توقعت كده و ده مش معناه أن أنا هستسلم أو أسيب (فريدة) ، بس برده أنا مش فاهم أنت جت هنا ليه؟
- أنا عارف كل حاجة عن ماضيك و عن البنات اللي أنت خدعتهم علشان تأخد فلوسهم و الشقة اللي أنت عايش فيها مش من فلوسك ، دي من فلوس (صفاء) اللي أنت خدعتها و قلت لها أن والدتك مريضة و محتاجة عملية قلب مفتوح و خليتها تبيع حتة الأرض اللي ورثتها من والدها.
نظر (سمير) اليه في سخرية و جرأة :
- كلامك ده كله مفيش أي دليل عليه وكمان هي عارفة كويس كل علاقاتي النسائية السابقة و عارفة أني مبحبش حد غيرها.
ثم ابتسم بسخرية مضيفا :
- و بعدين أنت آخر واحد تتكلم عن الخداع ، الكل عارف كويس أنت جمعت ثروتك ازاي.
توقف (كامل) بسيارته بغتة حتى كادت رأس (سمير) تصطدم بالتابلوة قبل أن يلتفت اليه (كامل) قائلا في غضب :
- اسمعني يا بني ، أنت بالنسبة لي مجرد حشرة و أنت عارف كويس أني أقدر أتخلص منك بأكتر من طريقة أو أرميك في السجن بس ......
قاطعه (سمير) قائلا في ثقة :
- مش هتقدر تعمل أي حاجة ، لو كان في نيتك تعمل حاجة مكنتش جت هنا النهاردة علشان تتكلم معايا.
ثم تراجع في ثقة قائلا :
- أنا عارف أنك تقدر تقتلني أو ترميني في السجن بس في المقابل هتخسر (فريدة) للأبد لأنك عارف شخصية (فريدة) كويس و عارف أد ايه هي عنيدة و هتعرف أن أنت اللي عملت في كده و بالتالي هتسيب الشركة و البيت و حياتك كلها و هتخسرها للأبد.
كان (كامل) يعلم أن (سمير) محقا تماما و أنه لا يستطيع أن يؤذيه و لكن رغم ذلك لم يكن (كامل) ينوي الأستسلام بسهولة لذلك أخرج من جيبه ورقة و قال :
- اقرأ الورقة دي.
تناول (سمير) الورقة و قرأها و اتسعت عيناه قائلا :
- مستحيل أنت ....
قاطعه (كامل) قائلا في صرامة :
- أيوه ، اللي قرأته صح.
نظر اليه (سمير) في صمت لحظات قبل أن يقول :
- وأنا موقفي زي ما هو ، أنا بحب (فريدة) و هتجوزها.
ترجع (كامل) ببطء قائلا :
- يعني أنت برده مصمم على موقفك.
ثم أضاف قائلا :
- الظاهر أنك أنت فعلا بتحبها و و مصمم أنك تتجوزها على أمل أني رأيي و تحقق حلمك القديم بتأسيس فرقتك الخاصة و أنك تنتج لنفسك ، صح؟
- أنت ازاي عرفت كل ده؟ عن طريق (حسام) ده ، صح؟
تنهد (كامل) قائلا :
- الظاهر كده أن مفيش فايدة و أن المناقشة مش هتغير حاجة ، أنا موافق أعيد النظر تاني بس بشرط ، الخميس اللي جاي يوافق أول خميس في الشهر الجديد و ده الميعاد الشهري للعشاء العائلي ، أنت مدعو و بعدها هتعرف قراري النهائي ، موافق؟
نظر اليه (سمير) في حذر محاولا أن يستشف ما يدور بداخله لكنه في النهاية قال :
- موافق ، هجي و ياريت ده يبقى يوم الحسم.
ثم نزل من سيارته تاركا خلفه (كامل) و هو يبتسم ابتسامة شيطانية.
ما سر ابتسامة (كامل) الشيطانية؟..و هل حقا تحدث جريمة قتل؟..ترقبوا الفصل القادم..في نهايته تنتظركم مفاجأة
الفصل الثامن
نظر (جلال) الى ساعته و أنهى استعداده للذهاب الى العشاء الشهري المرتقب في منزل (كامل) و الذي على غير العادة سوف يحضره اليوم بدعوة من (كامل) نفسه شخص من خارج العائلة و قبل نزوله بلحظات تلقى مكالمة من (حسام) الذي بادره بالسؤال قائلا :
- وصلت بيت (كامل) و لا لسه؟
- لسه هنزل دلوقتي ، بس أنت مصمم برده متجيش؟
- أنا محدش عزمني وبعدين (كامل) مشدد عليك أن محدش غريب يجي و بالذات أنا.
- و ده اللي أنا مش قادر أفهمه ، ليه عزم (سمير) و أنت لأ؟
- أنا برده مش عارف السبب بس عايزك تاخد بالك من نفسك لأني بصراحة مش مطمن.
- كلامك ده بيخوفني يا (حسام) ، أنت خايف من حاجة معينة؟
- مفيش سبب معين لكن الأحساس ده و اصراره أن أنا مكونش موجود عمل لي حالة قلق.
- عموما أنا كمان خايف بس لسبب تاني ، النهاردة ذكرى وفاة مدام (فاتن) زوجة (كامل) و خايف أحسن (عزة) تتهور و تعمل مصيبة.
- عموما خد بالك من نفسك و راقب كل حاجة كويس.
في هذه اللحظة دخل (علاء) الى مكتب (حسام) و اشار له (حسام) بالجلوس بينما كان (جلال) يتابع حديثه قائلا :
- بالمناسية عرفت أن (كامل) ركب كاميرات مراقبة جوه البيت و بره البيت على السور الخارجي للبيت ، ولما سألته عن السبب قال لي أنه خايف أحسن حد تاني يحاول يقتله بعد المحاولة الاولى اللي أنت منعتها.
- بس أنت عرفت ازاي كل ده؟
- هو اللي قال لي كل ده ، ده كمان قال لي أنه حصل عطل في الكاميرات قعد حوالي ساعة لحد الشركة ما جت و صلجته.
- ياريت يكون هو ده بس السبب ، أسيبك أنا دلوقت و لو حصل حاجة بلغني.
ثم أغلق الهاتف معه و نظر الى مساعده (علاء) قائلا :
- عملت ايه في الملف اللي أنا قدمته لك؟
- عملت كل التحريات اللي أنت طلبتها عن كل اللي في الملف ، و عملت ملف منفصل فيه اهم أعداء (كامل).
هز (حسام) رأسه في شرود قائلا :
- كويس يا (علاء).
- شايفك سرحان ، للدرجة دي أنت خايف.
- أكتر من ما أنت متخيل ، و أتمنى أن أحنا ما نحتاجش الملف ده أبدا.
****************
فتحت (عزة) الباب ل(جلال) في تمام الساعة السابعة مساء و لاحظ (جلال) أنها كانت في مزاج جيد عكس توقعه مما دفعه لسؤالها قائلا :
- شكل مزاجك النهاردة رايق يا (عزة) ، يا ترى ورثت و لا (كامل) جت له مصيبة؟
لاحظت (عزة) نبرة السخرية في صوته و لكنها رغم ذلك أجابت قائلة :
- طبعا ، النهاردة الذكرى السنوية لوفاة مدام (فاتن).
- و ده يخليك مبسوطة كده؟
- طبعا علشان النهاردة أخيرا مدام (فاتن) هترتاح في قبرها بعد ما (كامل) قتلها.
تجمد (جلال) في مكانه لحظة قبل أن يلتفت اليها قائلا :
- قصدك ايه بالكلام ده؟
- امبارح شفتها في المنام و قالت لي أنها أخيرا هترتاح النهاردة.
ثم ضحكت بصوت عالي و غادرت الى المطبخ بينما ظل (جلال) واقفا مشدوها للحظة ثم دخل الى المكتب قائلا :
- أسف على التأخير يا .....
ولكنه توقف في فجأة عندما رأى لاب توب على المكتب فضحك (كامل) قائلا :
- ما لك يا (جلال)؟ أنت مش عارف أن أنا ركبت كاميرات مراقبة في البيت ، من هنا أقدر أراقب كل حاجة بتحصل؟
جلس (جلال) على المقعد أمام مكتبه ولاحظ أوراق موجودة على مكتبه بتواريخ ايام قادمة قائلا :
- أنت لسه فيك العادة دي ، بتكتب كل حاجة بتفكر فيها و بتخطط لها ، أنا حذرتك أكتر من مرة من خطورة العادة دي ، لو حد شاف أو قرأ اللي أنت كتبه ممكن شغلك و حياتك يتعرضوا للخطر ، و لا أنت نسيت أن في مرة تفاصيل خطيرة اتسربت.
- مفيش داعي للخوف ، أنا هنا في بيتي.
ثم نظر (جلال) حوله في المكتب لكنه لم ير أي كاميرات موجودة فعقد حاجبيه في تساؤل قائلا :
- ليه مفيش كاميرات هنا في المكتب؟
- ملهاش لزمة ، أنا يهمني أراقب اللي بيحصل بره و أنا هنا في المكتب.
- وافرض حصل حاجة في المكتب و أنت بره البيت ، هتعرف ازاي؟
- مفيش حاجة ممكن تحصل بعد النهاردة ، النهاردة هيكون يوم حاسم.
لم يشعر (جلال) بالراحة من كلام (كامل) فقال له (جلال) في حدة :
- (كامل) ، أنت بتفكر في ايه بالضبط؟
- هتعرف في الوقت المناسب.
لاحظ (جلال) أنه هناك بقايا ورق محترق في منفضة السجائر بجانبه و عدد كبير من اعقاب السجائر فسأل (كامل) :
- ايه الورق المحروق ده؟
- كنت كاتب فيه حاجة مهمة بفكر فيها بعد كده حرقته.
- فيه حد شافه أو قرأه؟
- من الكاميرات مفيش حد دخل الا لو كان حد دخل في الساعة اللي كانت الكاميرات معطلة فيها.
- اتأكدت طيب أن مفيش حد دخل في الساعة دي؟
- مفيش طريقة اقدر اتأكد منها لأني كنت بره البيت و الضيوف كلهم كانوا موجودين ماعدا أنت ، على العموم أنا اتخلصت منه خلاص.
- أنت كنت كاتب ايه في الورق ده؟
- متشغلش بالك ، المهم ايه رأيك في (سمير) بعد كل اللي عرفته عنه؟ شايف أنه مناسب ل(فريدة)؟
ادرك (جلال) أن (كامل) يتهرب من الأجابة لذا قال :
- طبعا لأ ، (جمال) أفضل و أنسب لها.
- يبقى أحنا متفقين على كده.
- المهم (فريدة) ، هتقنعها ازاي و أنت عارف هي ازاي عنيدة و......
قاطعة (كامل) قائلا :
- هتعرف في الوقت المناسب.
ثم نهض قائلا :
- أما دلوقت فخلينا نتعشى.
****************
جلس الجميع يتناول العشاء في صمت و كان الجو العام مشحون و متوترا حيث كان الجميع مترقب قرار (كامل) النهائي، و لكن انتهى العشاء بدون أي حديث أو كلام، ثم اجتمع الجميع لشرب الشاي بعد العشاء ولم يقل (كامل) أي شيء مما دفع (فريدة) لتقول :
- بابا ، حضرتك قلت أنك هتقول قرارك النهائي النهاردة بس لحد دلوقت حضرتك مقلتش حاجة.
- فعلا أنا كنت ناوي حسم كل حاجة النهاردة بس هأجل القرار لبكرة.
اعترضت (فريدة) قائلة :
- لكن (سمير) بكرة مش موجود ، وكمان عمي (جلال) و.......
قاطعها (كامل) قائلا في حسم :
- مفيش حد هيمشي ، الكل هيبات هنا.
كان كلامه مفاجاة للجميع بدون استثناء حيث لم يضع أي شخص في حسبانه مسألة المبيت مما دفع (جلال) للأعتراض بشدة قائلا :
- مستحيل ، أنا مرتبط بمواعيد كتيرة و عندي ....
قاطعه (كامل) قائلا :
- مفيش مجال للأعتراض ، عربياتكم كلها بعيدة عن هنا و في مكان مجهول و مش هترجع قبل الصبح و يمكن كمان بعد كده ، و الباب الداخلي و الخارجي للبيت مقفولين و مش هيفتحوا لأي سبب.
اتسعت عينا (سمير) قائلا :
- يعني ايه؟ احنا محبوسين هنا؟
في حين (جمال) :
- بالنسبة لي أقدر أروح علشان بيتي........
قاطعه (كامل) في صرامة قائلا :
- قلت الكل بدون استثناء.
نهض (جلال) قائلا في غضب :
- اسمع يا (كامل) ، أنا مش ناوي أكمل في المهزلة دي و لازم أمشي دلوقت بأي تمن.
- أهدأ يا (جلال) ، أنا فعلا محتاجك معايا ، وكمان أنت عايز تعرف قراري النهائي ، صح؟
قال له (عاصم) بلهفة :
- يعني حضرتك بتفكر تغير قرارك؟
نهض (كامل) قائلا في حسم :
- بكره هتعرفوا قراري النهائي أما دلوقت فتقدروا تقضوا أمسيتكم بالوقت اللي أنتم عايزنه ، المهم الساعة 12 بالكتير تكونوا كلكم نايمين في غرفكم.
ثم نادى على (منصور) قائلا :
- جهزت الغرف زي ما قلت لك؟
- ايوه يافندم ، غرف الجميع جاهزة و كمان هدوم النوم.
نظرت اليه (سميرة) قائلة :
- بالنسية ل(جمال) فهو فعلا له غرفة فوق و هدومه كمان موجودة ونفس الموضوع لعمي (جلال) ، هو كمان عنده غرفته و هدومه ، بس بالنسبة ل(سمير).....
قاطعها (كامل) قائلا :
- مفيش مشكلة ، (سمير) هينام في الغرفة اللي جنب غرفتي على طول ، وهدوم النوم بتعاته هياخدها من عندي ، و هتيجي على قده ، صحيح هو اطول مني بحاجة بسيطة بس بشكل عام بنيتنا الجسدية قريبة من بعض جدا.
- معاك حق.
كان (جلال) صامتا تماما حتى أن (فريدة) اتفتت اليه في قلق قائلة :
- مالك يا عمي؟ حضرتك ساكت ليه؟
- أصلي افتكرت أن آخر مرة كنت بايت فيها هنا كان زي النهاردة برده ، في نفس اليوم اللي ماتت فيه والدتك.
ثم غمم قائلا لنفسه :
- الظاهر أن أنا قدري أبات هنا في نفس المعاد.
****************
ظل (كامل) ساهرا في مكتبه حتي منتصف الليل تقريبا ثم صعد الى غرفته بعد أن أنهى بعض أعماله و قرر الراحة قليلا قبل الأستمرار في عمله و هوايته المفضلة النحت ، و في حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل سمع (كامل) صوت طرقات على الباب الواصل بين غرفته و الغرفة المجاورة له فأمر الطارق بالدخول ، ففتح (سمير) الباب قائلا :
- أنا جت في المعاد زي ما قلت لي في الملاحظة اللي أنت سبتها لي على السرير.
- تمام ، اختياري لغرفتك كان صح ، علشان تعرف تدخل و تخرج من الباب ده بسهولة بدون اي ازعاج ، اتفضل اقعد.
- شكرا جزيلا لحضرتك ، عايز أعرف يا ترى حضرتك قررت ايه بخصوص موضوعي أنا و (فريدة)؟
- أقعد الأول ، أنا هاعمل كوبيتين شاي و بعدين نتكلم.
و بالفعل بعد لحظات كان الأثنان يجلسان سويا و (سمير) يسأله :
- ممكن أعرف حضرتك قررت ايه؟
تناول (كامل) كوب الشاي الخاص به و رشف رشفة صغيرة قائلا :
- أنا وافقت يا (سمير) على جوازك من (فريدة) ، وكمان هنتج لك أعمالك.
لم يصدق (سمير) ما سمعه حتى أنه قفز من مكانه قائلا :
- بجد يا عمي ، أنا مش مصدق نفسي.
ضحك (كامل) بصوت عالي قائلا :
- اهدأ ، أنت هتصحيهم كلهم.
جلس (سمير) و قد بدأ يهدأ قبل أن يضيف (كامل) قائلا :
- المهم أنا مش عايز حد يعرف لحد ما أنا أبلغهم بنفسي ، مفهوم؟ دلوقت أشرب كوباية الشاي بتاعتك و ارجع غرفتك علشان أنا عندي شغل لحد الصبح.
رشف (سمير) رشفة صغيرة من الشاي قبل أن يقول :
- آسف بس ممكن السكر ، الشاي دلع شوية.
- معلش اصلي بشرب الشاي من غير سكر علشان كده أنا عملت الكوبيتين من غير سكر.
غاب (كامل) للحظات قبل أن يعود و معه السكر و بالفعل عاد و معه السكر و وضع (سمير) السكر في كوبه و بعد قليل استأذن للعودة الى غرفته و بالفعل سمح له بالرجوع ، و في الساعة الثانية صباحا ارسل (كامل) في طلب أثنين من الخدم و طلب منهما حمل الصندوق الضخم الموجود في غرفته و انزاله الى غرفة مكتبه في الأسفل حيث سوف يكمل عمله.
وبالفعل حمل الأثنان الصندوق الضخم (التابوت) الى الأسفل و أمامهما (كامل) الى أن وصلوا الى المكتب فأمرهم (كامل) بترك الصندوق ثم عاد كلاهما الى أماكن نومهما حيث وجدا (منصور) الذي وقف يراقبهما في صمت دون أي تدخل حتى لا يزعج (كامل) في انتظارهما و سأله أحد الخدمين في فضول :
- هو ايه الصندوق الكبير ده يا عم (منصور)؟
- ده صندوق الأدوات و التماثيل الخاصة ب(كامل) بيه ، وبيستعمله كل مدة لما يكون ناوي يسهر في مكتبه للصبح.
- بس ده تقيل أوي.
- ده شغلك ، و دلوقت روحوا ناموا علشان بكره لازم نصحى الساعة ستة الصبح علشان نلحق نحضر فطار الضيوف ، مفهوم؟
و عند الساعة الرابعة صباحا صعد (كامل) الى غرفته بعد أن أنهى عمله ، و كان من عادة (كامل) أن يكون الأفطار السابعة صباحا حيث على الجميع أن يستيقظ و يكون جالسا على المائدة الأفطار الى أن ينزل (كامل) و هو ما حدث حيث جلس الجميع في انتظار (كامل) ولكنه تأخر هذه المرة على غير عادته مما جعل دفع (جلال) أن يقول :
- الظاهر أن (كامل) راحت عليه نومه ، أنا هطلع أشوفه.
و بالفعل صعد (جلال) الى غرفة (كامل) و طرق الباب عدة مرات و لم يتلق رد فدخل الغرفة و لكنه لم يجده فنزل الى الأسفل ليخبر الجميع قائلا :
- (كامل) مش فوق ، محدش شافه؟
نظر الجميع الى بعضهم في تساؤل و لكن لم يجب أحد ، و اخيرا نادى (جلال) على (منصور) و سأله قائلا :
- (كامل) مش فوق في غرفته ، ما تعرفش هو فين؟
- لا ، هو امبارح سهر في مكتبه بعد ما نزلنا التابوت حوالي الساعة اتنين الصبح.
ثم نادى على (رباب) لأنها تستيقظ مبكرا و سألها عن (كامل) ولكنها أجابت بالنفي ، قبل أن يقول (منصور) :
- يمكن نام في مكتبه بعد ما سهر امبارح.
ثم أمر (رباب) لتذهب الى غرفة المكتب و طرقت الباب و لكنها لم تتلق رد ففتحت الباب و دخلت بحذر وبعدها بلحظات سمع الجميع صوت صرخة عالية من (رباب) من غرفة المكتب فهرع الجميع الى هناك ليجدوا (كامل) أخيرا و لكنهم وجدوه جثة هامدة و قد مات بطعنة من الخنجر
من الذي يملك الجرأة ليقتل (كامل) في منزله..و في وجود كاميرات المراقبة..لمن لم يقرا الفصول السابقة برجاء قراءتها جيدا لان الاحداث القادمة قائمة على الاحداث السابقة و ستكون اكثر اثارة و تشويقا
الفصل التاسع
كان الجميع متسمرين في أماكنهم دون حراك غير مصدقين ما حدث أمامهم و هم يروا جثة (كامل) ملقاة أمامهم مطعونة بالخنجر الفضي و اخيرا اندفعت (سميرة) الى والدها صارخة :
- بابا.
و لكن (جلال) أوقفها و صاح في الجميع قائلا :
- محدش يتحرك من مكانه.
ثم دخل الى الغرفة و تفحص الجثة ثم بعد لحظات نهض و قال :
- فات الأوان ، اتصلوا بالبوليس حالا.
انهار (عاصم) غير مصدق ما سمعه في حين اجهشت الفتاتان بالبكاء و قد حاول (سمير) ان يهديء من روع (فريدة) و (جمال) الذي تراجع في ذهول.
أما (جلال) فقد كان يتذكر ما قاله (حسام) عن احساسه أن أمر سيء سيحدث فتمتم بينه و بين نفسه قائلا :
- صدقت نبؤتك يا (حسام).
ثم أخرج هاتفه المحمول و اتصل ب(حسام) و لكنه لم يجب مما دفعه أن يقول لنفسه :
- يخرب بيت كسلك يا (حسام) ، أوصل له ازاي ده؟
ثم نظر الى الجثة غير مصدق أن صديق طفولته قد مات مقتولا و استرجع الكثير من الذكريات و المواقف التي حصلت بينهما و وجد نفسه رغما عنه نزلت الدموع من عينيه رغم كل الأختلافات بينهما و قد أقسم بينه و بين نفسه أن ينتقم لصديقه.
وصلت الشرطة بعد حوالي نصف ساعة من اكتشاف الجثة و قد انتشر رجال المعمل الجنائي في المكان ليؤدي عمله ، في حين كان الرائد (أيمن) ضابط المباحث المسئول عن التحقيق يستمع الى التقرير الأولي من الطبيب الشرعي الذي قال له :
- من خلال الفحص المبدئي أقدر أقول أنه مات بين الساعة الرابعة صباحا و الساعة الخامسة صباحا ، و القاتل طعنه طعنة واحدة بجوار القلب بس مات بعدها بحوالي دقيقة أو أقل .
كان (أيمن) يستمع اليه و هو يتأمل الجثة أمامه وهو يعلم مدى ثقل المهمة الملقاة على عاتقه لأن القتيل لم يكن شخصا عاديا و أيضا كثرة أعدائه تزيد من تعقيد القضية لذلك قرر أن يبدأ التحقيق باستدعاء (جلال) الى مكتب (كامل) لسؤاله عما يعرفه و خاصة أنه الشخص الوحيد الذي يعرفه من شهرته و بالفعل دخل (جلال) الى المكتب و صافحه (أيمن) الذي قال :
- البقاء لله يا سيادة المستشار ، أنا عارف طبعا ازاي الصدمة كانت كبيرة عليك لكن.......
قاطعه (جلال) قائلا :
- أنا كويس ، واللي يهمني دلوقت أن أحنا نقبض على اللي عمل كده وأي حاجة أقدر أساعدك بها من معلومات أو أوراق .
- تمام ، كنت عايز أعرف من حضرتك اللي حصل من ليلة امبارح لحد ما اكتشفتم الجثة.
و في هذه اللحظة دخل (منصور) و أخبرهما بوصول (حسام) ، فطلب منه (جلال) ادخاله الى المكتب و استأذن (أيمن) ليحضرمعه التحقيق. لكن ما أن رأى (ايمن) (حسام) حتى نهض و هو يقول له :
- هو أنت ، الظاهر أنك قدري حتى بعد ما سبت الداخلية.
و احتضنه و صافحه بحرارة قبل أن ينظر الى (جلال) قائلا :
- (حسام) ده من أقرب أصدقائي و كمان دفعتي.
ثم دعاه للجلوس و استمع كلاهما لما دار بالأمس من (جلال) بداية من العشاء و مفاجأة (كامل) لهم بالمبيت هنا ثم استدعى (منصور) و معه الخادمين اللذان حملا التابوت و هنا سأل (حسام) (منصور) قائلا له :
- عايز أعرف منك قصة التابوت ده ؟
- التابوت ده كان (كامل) بيه بيجمع فيه كل أدوات النحت بتاعته و أي تماثيل تكون عنده في الغرفة و ينزلها هنا و يسهر يشتغل لحد الصبح بعد كده نطلعه فوق تاني.
- طب ليه ما يخليش كل حاجة هنا؟
- علشان المكتب مش هيكفي و لا حتى الغرفة الصغيرة الملحقة به وكمان المكتب هنا لأستقبال الضيوف ، ده غير أنه كمان أثناء شغله بيكون فوضوي جدا و غير منظم علشان كده ممكن تشوف أدواته هنا في المكتب في كل مكان و طبعا ما ينفعش الضيوف يشوفوا ده.
تذكر (حسام) أول ليلة له هنا عندما رأى أدوات النحت هنا فعلق قائلا :
- عندك حق.
ثم قال له :
- و ايه قصة الخنجر ده؟ كان (كامل) دايما سايبه هنا في صندوق زجاجي و شكله كان غالي جدا.
تنهد (منصور) في عمق و قال :
- الخنجر ده أصلا ملك مدام (فاتن) و هو هدية من أبوها ، و كانت بتحب الخنجر ده جدا كأنه واحد من أولادها لدرجة أن هي كانت بتنضفه بنفسها يوميا بنفسها مع أنه دايما داخل الصندوق الزجاجي و كمان كانت بتلبس جونتي و ماتخليش حد يلمسه بايده ابدا و لا حتى هي لحد.......
ثم ظهر على وجهه التردد قبل أن يسأله (أيمن) :
- لحد ايه؟
- اليوم الوحيد اللي شفتها فيه ماسكة الخنجر بايدها من غير جونتي كان قبل وفاتها بيومين ، كانت ماسكة بايدها و تبكي بشدة لدرجة أني أني أشفقت عليها و كانت (عزة) معايا و حاولنا نهديها وأحنا مش فاهمين ايه سبب اللي هي فيه ده و كانت بتردد جملة واحدة بس ( مش قادرة أصدق هو ازاي يعمل كده؟! ازاي؟!) ، لكنها عنفتنا و شخطت فينا علشان نسيبها لوحدها و فعلا سبناها لوحدها و بعد حوالي ساعة لمحت (كامل) بيه و هو كان لسه خارج من المكتب و كانت (عزة) معاها وحالتها أسوأ بكتير من الأول.
كان من الواضح أن (جلال) أول مرة يسمع هذا الكلام مما جعله يسأل قائلا :
- و ده حصل قبل موتها بحوالي كام يوم بالضبط ؟
- يومين تقريبا ، الأحداث دي حصلت يوم الأثنين و بعدها انهارت من التعب و فضلت ملازمة السرير يومين و حتى بعد ما جالها الدكتور ماحصلش أي تحسن لحد ما ماتت يوم الخميس آخر النهار.
قال له (حسام) :
- وأنت امتى آخر مرة نضفت فيها الخنجر ده؟
- امبارح الصبح ، بنفس الطريقة اللي كانت بتستعملها مدام (فاتن) و اللي انا بستخدمها طول السنتين اللي فاتوا.
قال له (أيمن) :
- عظيم ، دلوقت عايزك تقول لكل الموجودين أن أنا عايزهم هنا.
ثم أضاف (حسام) قائلا :
- استدعى كمان (عزة) و (رباب).
ثم نظر الى (أيمن) و(جلال) مبتسما قائلا :
- أعتقد أن القضية المرة دي سهلة ، كل المطلوب بس أن أحنا نفرغ الكاميرات ومنها نقدر نعرف كل اللي حصل.
قال له (جلال) في حماس :
- معاك حق ، كاميرات المراقبة بتسجل كل اللي بيحصل خارج اسوار البيت و جوه البيت على اللاب توب.
قال (أيمن) معقبا و قد فهم ما حدث :
- معنى كده أن الكاميرات سجلت اللي حصل هنا.
قال (جلال) في أسف :
- للأسف لا ، (كامل) رفض يركب كاميرات في المكتب.
ثم حكى لهما الحوار الذي دار بينه وبين (كامل) فقال (حسام) معقبا بتساؤل :
- يا ترى (كامل) كانت دماغه فيها ايه؟
ثم استدرك قائلا :
- بس برده الكاميرات هتنفعنا لأنها هتبين مين اللي دخل المكتب و خرج ، المكتب له بس مدخلين الباب و الشباك.
ثم اتجه الى الشباك ومعه (ايمن) و فحصا الشباك باهتمام الى أن قال (حسام) :
- واضح أن القاتل ماستعملش الشباك في الدخول ، قفل الشباك شكله قوي و علشان تفتحه لازم تكسر الازاز من بره ، وكمان واضح من التراب و الغبار اللي موجود أن محدش دخل أو خرج من هنا.
في هذه اللحظة دخل الجميع الى المكتب و جلسوا في صمت الى أن قال (أيمن) بصوت عال :
- أولا أنا عايز أقول لكم البقاء لله بس من واجبنا أن أحنا نعرف من اللي قتل (كامل) بيه.
ثم أخذ التقرير المبدئي للطبيب الشرعي و قال :
- وقت الوفاة تم تحديده بشكل مبدئي أنه من الساعة الرابعة الى الساعة الخامسة صباحا ، أحب أعرف كل واحد منكم كان فين في الوقت ده؟
نظر الجميع الى بعضه البعض قبل أن يقولوا في صوت واحد تقريبا :
- كنت نايم.
انعقد حاجبا (أيمن) في تساؤل قائلا :
- يعني ايه؟ ماحدش نزل هنا خالص.
قال (جمال) :
- ده طبيعي يا فندم ، المكان فوق فيه كل حاجة يبقى أنزل ليه؟!
و عقب (عاصم) قائلا :
- ده حقيقي ، و علشان الدقة أنا صحيت قرب الساعة الراعة صباحا علشان استعمل الحمام ، وشفت عمي و هو داخل غرفته.
و قالت (فريدة) :
- حضرة الظابط ، الكاميرات سجلت كل حاجة على اللاب توب ، خلينا نشغله ونعرف.
أدار (أيمن) جهاز اللاب توب بحيث صارت الشاشة أمامهم قائلا بحزم :
- و ده اللي أنا هعمله دلوقتي.
و بدأ (أيمن) بعرض تفريغ الكاميرات الخارجية للبيت و لكنها أثبتت عدم دخول أي شخص للبيت قبل أن يقول (أيمن) :
- كده ممكن نقول أن القاتل من جوه البيت.
ثم نظر اليهم قائلا :
- و غالبا هو قاعد معانا دلوقت.
ثم بدأ بعرض تفريغ الكاميرات الداخلية و عرضت كل ماحدث حتى صعود (كامل) الرابعة صباحا و انتظر الجميع بترقب عرض ما حدث بعدها و لكن لم يحدث شيء بعدها سوى نزول أفراد البيت الى الأفطار ثم اكتشاف (رباب) للجثة.
****************
كان الذهول واضحا على وجه الجميع و سادت حالة من الصمت قبل أن يقول (جلال) :
- يعني ايه؟ أمال القاتل دخل ازاي؟
صمت الجميع قبل أن تقول (سميرة) :
- مش ممكن يكون دخل من شباك المكتب؟
أجابها (أيمن) قائلا :
- مستحيل ، أحنا فحصنا الشباك كويس و مفيش حد دخل أو خرج منه.
قال (جمال) بصوت متحشرج :
- مش هي دي المشكلة ، أنتم ازاي مش واخدين بالكم من اللي حصل.
قال (حسام) وهو يضع يده في جيبه :
- معاك حق ، المشكلة أكبر من كده.
لم يفهم أحد شيء من ما قاله (جمال) أو (حسام) فالتفت اليه (جلال) قائلا في دهشة :
- مشكلة ايه؟
- (كامل) نفسه دخل هنا ازاي؟ طبقا للكاميرات محدش دخل هنا من بعد طلوع (كامل) لغرقته الساعة الرابعة صباحا ،يبقى ازاي (كامل) نلقيه مقتول هنا؟!
كان كلام (حسام) دقيقا وصحيحا بنسبة مائة في المائة حتى أن (جلال) اتسعت عيناه في ذهول قائلا :
- معاك حق ، فعلا (كامل) نفسه دخل هنا ازاي؟
قال (أيمن) بصوت به نبرة عصبية :
- أكيد البيت فيه نفق سري أو سرداب.
هزت (فريدة) رأسها نافية في حزم قاطع :
- مفيش حاجة من الكلام ده هنا ، ده مجردبيت عادي مش قلعة قديمة.
- يعني ايه؟ القاتل عبارة عن شبح؟
ضحكت (عزة) بصوت عالي وقالت ببهجة :
- أكيد شبح ، شبح ستي هو اللي قتله و انتقمت له.
نظر اليها الجميع في اسغراب بينما كانت (رباب) تقول لها :
- اهدي يا ماما ، ايه الكلام ده بس؟
لكن (عزة) واصلت ضحكاتها و هي تقول :
- أخيرا هترتاحي ياستي ، أخيرا.
و أخذت (رباب) تربت على كتفها حتى هدأت بينما سأل (أيمن) الجميع قائلا :
- ايه معناه اللي بتقوله ده؟
حكى له (جلال) باختصاراعتقاد (عزة) أن (كامل) هو من قتل زوجته و اقتناعها أن (فاتن) زوجة (كامل) سوف تنتقم لموتها على يده.
قال (أيمن) بعد أن سمع من (جلال) :
- فهمت ، بس دي مجرد تخاريف مش ممكن نعتمد عليها في حاجة.
و في هذه اللحظة دخل أحد مساعدي (أيمن) و قدم له ورقة فتحها (أيمن) و قرأها قبل أن يقول :
- و ده معناه ايه؟
اقترب منه (حسام) سائلا أياه :
- ايه اللي حصل؟
ناوله (ايمن) الورقة قائلا :
- لقينا بصمة على الخنجر بس البصمة مجهولة مع بصمة (كامل) نفسه و ما تخصش حد من الموجودين هنا.
ثم زفر قائلا بتوتر :
- كأننا ناقصين غموض ، مش كفاية اللي أحنا فيه!
قرأ (حسام) التقرير بسرعة بينما قالت (رباب) :
- مش ده معناه أن القاتل من بره.
رد عليها (جلال) قائلا :
- حتى لو كان كلامك صح ، دخل ازاي و (كامل) نفسه دخل ازاي؟
كان التوتر يسيطر على الجميع في ظل حالة الغموض و الترقب المسيطرة على الجميع قبل أن تعاود (عزة) مرة أخرى كلامها قائلة :
- أنتم ليه رافضين تصدقوا ، ستي هي اللي عملت كده علشان تنتقم منه.
قالت لها (رباب) محاولة أن تمنعها :
- أرجوك يا ماما كفاية الكلام ده.
ولكن (عزة) واصلت كلامها قائلة :
- أنتم لقيتم بصمة مجهولة ، أنا متأكدة أنها بصمة ستي.
كان كلامها يزيد حالة التوتر في المكان حتى أن (جلال) التفت اليها في حدة قائلا :
- أنت حقيقي اجننت؟ معقول تكوني بتفكري كده.
بينما قال (عاصم) في تردد :
- طب و ليه لا؟ خلينا نقارن البصمة دي ببصمة مراة عمي؟
نظر اليه الجميع في دهشة قبل أن يقول (سمير) – الذي حرص على البقاء صامتا – بسبب حرج موقفه :
- أنت معقول مصدق ده؟
- أنا ماقلتش كده ، أنا قلت نقارن بس ، ايه المشكلة.
قال (حسام) بحسم :
- خلينا نقارن و نشوف.
ثم التفت الى (أيمن) قائلا :
- لو سمحت يا (أيمن) ممكن تقارن البصمات؟
- بصراحة أنا مش شايف أن فيه أي داعي لكده ، الخنجر بيتمسح كل يوم من (منصور) من سنتين لحد دلوقتي ، صح؟
هز (منصور) رأسه موافقا و واصل (أيمن) كلامه متابعا :
- و آخر مرة مسكت فيها مدام (فاتن) الخنجر ده من سنتين قبل ما تموت ، يبقى ازاي ممكن تكون بصمتها هنا؟
ثم صمت للحظات ثم قال :
- و مع ذلك هقارن البصمة دي ببصماتها علشان الكل يرتاح ، بس أنتم عندكم حاجة عليها بصمات مدام (فاتن)؟
أجابت (فريدة) قائلة :
- ايوه ، ممكن أجيب لك فرش شعر خاصة بها و محدش استعملها غيرها.
- عظيم ، هخلي خبير البصمات يطلع معاكي علشان يأخذها بنفسه من غير ما نلمس البصمات.
و بالقعل صعد معها الخبير الى الأعلى ثم نزلت (فريدة) بعد لحظات قائلة :
- الخبير بيقول أن نتائج فحص البصمات هتظهر بعد دقائق.
و ظل الصمت مخيم على الجميع حتى دخل الخبير قائلا للرائد (أيمن) :
- النتيجة ظهرت يافندم و البصمات طلعت مطابقة.
اتسعت عينا (أيمن) في ذهول قائلا :
- مستحيل.
ثم أخذ منه التقرير و قرأه قبل أن يقول :
- أنت متأكد؟
- مائة في المائة يافندم.
كان الجميع يشعر بالصدمة في حين تعالت ضحكات (عزة) و هي تقول :
- كنت عارفة ، كنت متأكدة ، أخيرا ستي أنتقمت من اللي قتلها.
و تعالت ضحكاتها وسط ذهول الجميع.
ما الذي يحدث..هل حقا قتل شبح (فاتن) (كامل) بدافع الانتقام..و ما هو رد فعل (حسام)..جريمة مستحيلة تواجه (حسام) و عليه ان يجد الحل..ترقبوا الفصول القادمة لان الاجداث سوف تزداد اثارة و تشويق.
الفصل العاشر
كان الصمت هو السائد في المكان قبل أن يقطع (حسام) الصمت قائلا ل(رباب) بلهجة آمرة :
- (رباب) ، خدي والدتك بره و ماتجيش غير لما اقول لك.
وبالفعل أخذت (رباب) والدتها الى خارج المكتب قبل أن يسأل (حسام) (أيمن) قائلا :
- فين الصور اللي أخذتها للجثة قبل ما تنقلها؟
كانت الجريمة حدثت بالتحديد عند مدخل الغرفة الملحقة بغرفة المكتب ، و قد عرف منه التقرير المبدئي من حيث كيفية الوفاة و موعد الوفاة ، و بدأ (حسام) بالأطلاع على الصور تباعا و لكنه توقف عند الصور المتعلقة بوجه (كامل) بالتحديد و تأملها بتركيز شديد مما دفع (جلال) للاقتراب منه و سأله قائلا :
- مالك يا (حسام) ، أنت شفت حاجة مش طبيعية؟
- شايف وجه (كامل) هنا في الصورة شكله ايه؟ لسانه طالع بشكل غريب كأنه بصفر (يقوم بالصفير).
- معاك حق ، فعلا شكله غريب.
و اقترب منهما (أيمن) قائلا ل(حسام) :
- وصلت لحاجة؟
- الصور اللي فيها وجه (كامل) شكل لسانه غريب.
- و ده تفسيره ايه؟
- أنت قلت أنه مات بعد الطعنة بحوالي دقيقة أو أقل ، و معنى كده أنه شاف وجه اللي قتله.
انعقد حاجبي (ايمن) قائلا :
- قصدك ......
قاطعه (حسام) قائلا :
- بالضبط ، دي رسالة الوفاة اللي سابها (كامل) لنا ، لوعرفنا الهدف منها يبقى عرفنا مين القاتل.
- و أنت تعرف الرسالة دي ممكن يكون معناها ايه؟
- للأسف لا.
ثم اتجه الى المكتب و فحصه بعناية ثم نادى على (جلال) سائلا اياه :
- أنا شايف (كامل) قطع ورق و رماه في الزبالة و ورق تاني حرقه في طفاية السجائر.
- لاحظت كده امبارح لما زرته .
- هو كانت عادته يحرق الورق.
- (كامل) لما يكون بفكر في حاجة مهمة أو يحط خطة مهمة كان بيشرب سجائر كتير جدا و لما يخلص يحرق الورق اللي كتب فيه خطته أو الحاجة اللي كن بيفكر فيها.
- يا ترى ايه الحاجة دي؟
ثم التفت (أيمن) الى الجميع قائلا :
- لو سمحتم ، أحنا محتاجين نفتش غرفة (كامل) بيه ، عايزنكم تطلعوا معانا لأن ممكن نلاقي حاجة تفيدنا في التحقيق.
ردت (فريدة) :
- تعال اتفضل معانا.
وصعد الجميع الى غرفة (كامل) و شرعا (حسام) و (أيمن) بتفتيش الغرفة و لاحظ الباب الداخلي الموجود بين الغرفتين فسأل (فريدة) قائلا :
- من اللي كان بايت في الغرفة دي امبارح؟
رفع (سمير) يده قائلا :
- أنا اللي كنت بايت فيها امبارح ، بس سهرت مع (كامل) في غرفته و الكوبيتين دول دليل كلامي.
و أشار الى الكوبين الموجودين على الطاولة.
التفت اليه (أيمن) سائلا أياه :
- وايه الحوار اللي دار بينكم؟
تردد (سمير) قليلا قبل أن يقول :
- كان بيقول أنه وافق على جوازي من (فريدة).
كان كلامه صدمه للجميع و بالأخص (جمال) و (جلال) الذي قال :
- مستحيل ، أحنا أمبارح تكلمنا مع بعض و هو قال لي أنه لسه رافض.
- أنا بقول الحقيقة ، و معايا الدليل.
ثم أخرج هاتفه المحمول معقبا :
- أنا سجلت كل الحوار اللي دار بينا امبارح.
ثم ضغط على زر التشغيل و سمع الجميع التسجيل الذي أكد ما قاله فعقب (جلال) قائلا :
- أنا مش فاهم حاجة ، ايه اللي خلاه يغير رأيه؟
و واصل (حسام) و (أيمن) التفتيش الى أن عثرا على مسدس و حبل متصل بخطاف قوي في آخره في دولاب (كامل) فسأل (حسام) الجميع قائلا :
- حد عنده فكرة عن المسدس و الحبل دول؟
عقد (جلال) حاجبيه قائلا :
- المسدس ده مش مسدس (كامل) ، أنا متأكد من كده.
تأمل (أيمن) المسدس قائلا :
- المسدس ده مفيش عليه رقم مسلسل أو أي بيانات، في الغالب ده مسدس مسروق.
ثم التفت الى الجميع :
- حد شاف الحاجة دي قبل كده؟
هز الجميع رأسهم بالنفي فقال في سخط :
- هو مفيش حاجة سهلة في القضية دي.
في هذه اللحظة دخل (منصور) قائلا للجميع :
- فيه واحد تحت و قال أن عنده حاجة مهمة بخصوص (كامل) بيه وعايز يبلغكم بها وده الكارت بتاعه.
قرأ (أيمن) البطافة بصوت عالي مسموع :
- (صلاح عبد الحميد- محامي).
ثم نظر الى الجميع قائلا :
- تعرفوا حد بالأسم ده ؟
كان من نظرات الجميع جهل الجميع بينما قال (جلال) في دهشة :
- محامي ، (كامل) عمره ما تعامل مع أي محامي غيري.
نظر (أيمن) الى (منصور) قائلا :
- خليه يستنى تحت لحد ما نخلص و ننزل له.
ثم نظر الى (حسام) قائلا :
- أعتقد كده مفيش حاجة تاني مهمة ممكن نلاقيها هنا.
هز (حسام) رأسه موافقا قائلا :
- معاك حق ، مفيش هنا حاجة مهمة غير الحبل و المسدس.
ثم نظر الى (سمير) قائلا :
- أنا عايز أدخل الغرفة اللي أنت كنت نايم فيها علشان أفتشها؟
قالت (فريدة) بلهجة غاضبة :
- أنت بتشك في (سمير) بعد ما سمعت التسجيل اللي على تليفونه ، معقول.....
قاطعها (سمير) قائلا :
- أستاذ (حسام) ما يقصدش ، الغرفة اللي أنا كنت نايم فيها تعتبر باقي غرفة (كامل) بيه علشان كده هو لازم يفتشها ، و هو استأذن مني علشان دي كانت غرفة نومي امبارح.
ثم نظر الى (حسام) قائلا :
- تقدر تفتش ، أنا مفيش حاجة نخصني جوه غير شنطة صغيرة فيها حاجات تخصني.
- شكرا لك.
و أكمل (أيمن) و (حسام) التفتيش و لم يعثرا على شيء كما أن حقيبة (سمير) لم تكت تحتوي على شيء هام حيث القى عليها (حسام) نظرة سريعة قائلا ل(سمير) :
- واضح أن الفن بيجري في دمك ، حتى هنا معاك أدوات تنكرك.
علقت (فريدة) قائلة :
- ماقدرش يسيبها في شنطة العربية ، فجأة لقيته خرج و جاب الشنطة دي .
نظر اليها (حسام) في دهشة :
- بس أنا ما شفتوش بيخرج في تسجيل الكاميرات.
- لأنه خرج في الساعة اللي كانت فيها الكاميرات مش شغالة.
- فهمت.
ثم ألقى نظرة أخيرة على الحقيبة قبل أن يخرج قناع (كامل) قائلا ل(سمير) :
- أنت لسه محتفظ بسبب الأزمة ده.
- أي شخصية بتنكر فيها بعتبرها قطعة فنية مينفعش أرميها.
تظرت اليه (فريدة) بغضب قائلة :
- أنت مش قلت أنك هترمي البتاع ده.
- حاولت بس مقدرتش أرمي تحفة زي دي.
- يعني الحاجة دي أهم مني و......
قاطعها (حسام) قبل أن يتطور الأمر الى مشادة :
- أعتقد كده مفيش حاجة تانية ممكن نعملها هنا ، خلينا أحسن ننزل تحت و نقابل الضيف المنتظر تحت.
****************
نزل الجميع الى الأسفل لمقابلة (صلاح) الذي كان يتصبب عرقا و هو يشعر بالتوتر من تلك الأجواء المحيطة به ، و بالفعل بمجرد أن رأى الجميع حتى نهض و قدم نفسه للجميع قائلا :
- (صلاح عبد الحميد) ، محامي بالاستئناف العالى ومجلس الدولة و....
قاطعه (أيمن) قائلا :
- قرأت الكارت بتاعك و عرفت أسم حضرتك ، ممكن أعرف حضرتك عايز ايه؟
كان (صلاح) على و شك الرد و لكنه رأى (جلال) فهرع اليه و قال بسعادة كبيرة :
- المستشار (جلال) ، أنا بجد مش مصدق أني شايف حضرتك كده قدامي ، حضرتك يا فندم قدوتي و أستاذي.
- شكرا يا أستاذ (صلاح) ، بس برده حضرتك مقلتش أنت جاي هنا ليه.
انتبه (صلاح) الى أنه لم يوضح سبب قدومه فقال :
- ده صحيح.
ثم التفت الى الجميع قائلا :
- من أسبوعين زارني (كامل) بيه في بيتي اللي هو في نفس الوقت مكتبي و سلمني أوراق معينة و طلب مني الأحتفاظ بها عندي في المكتب بعد ما أخلص كل الأجراءات القانونية بها ، و شدد عليا أن محدش يعرف عن الموضوع ده حاجة ، في الحقيقة أنا كنت متفاجأ لأني عارف كويس أن المستشار (جلال) هو المحامي بتاعه لكن قال لي أن حتى المستشار (جلال) نفسه ما يعرفش حاجة عن الموضوع ده ، و أنه أختارني ثقة في أمانتي.
ثم ابتلع ريقه قبل أن يضيف :
- و كان المفروض أنه يتصل بي النهاردة علشان أسلمه الأوراق دي لكنه ما اتصلش و أنا مرتبط بسفر البلد عندي علشان كده جت النهاردة لكن فوجئت أنه مات مقتول.
سأله (أيمن) قائلا :
- لكن أنت مقلتش أيه الأوراق دي؟
صمت (صلاح) و ظهرت على وجهه علامات التردد قبل أن يقول (سمير) في هدوء :
- أنا أقول لكم ، أوراق تخص نقل و بيع ثروة (كامل) بيه كلها للأنسة (سميرة).
كان كلامه كالصاعقة على الجميع حتى أن (صلاح) قال غير مصدقا :
- مستحيل..أنت عرفت ازاي؟
- عرفت منه شخصيا.
ثم حكى لهم ما حدث بينهما في السيارة عندما انتظره بعد خروجه من المسرح والورقة التي كانت معه و اتضح أنها تخص نقل ثروته كلها الى (سميرة).
ثم عقب قائلا :
- كان بيهددني أنه ممكن يقتلني أو يحبسني لكن صممت لأني عارف أنه مستحيل يعمل كده ، لأن (فريدة) ساعتها كانت هتخرج من حياته كلها و لما هددني بالورقة برده فضلت مصمم لحد ما عزمني و وافق على الجواز
هز (جلال) رأسه قائلا :
- و طبعا خبى عليا الموضوع لأني كنت هرفض و أقف ضده.
ثم نظر الى (سميرة) قائلا :
- بس متوقعتش أنك أنتي كمان تخبي عليا.
رفعت (سميرة) يدها قائلة :
- صدقني ياعمي أنا معرفش حاجة عن الموضوع ده ، أنا فعلا بابا طلب مني أني أمضي على أوراق لكنه خبى المكتوب فيها عني ، و شدد عليا أني مجبش سيرة الموضوع ده لأي حد و أنا وعدته.
كان (جلال) يعلم أنها صادقة تماما في كلامها و خاصة أنه يعلم شخصيتها جيدا في حين أخذ (صلاح) الأوراق من حقيبته السوداء و قدمها الى (جلال) قائلا :
- هي دي الأوراق يا سيادة المستشار ، حضرتك بصفتك محامي المرحوم لازم تشوفها بنفسك وتتأكد من اللي فيها بأي شكل حضرتك عايزه لكن الأكيد أن كل ثروة (كامل) بيه دلوقت باسم (سميرة) بنته.
مفاجأة ضخمة تركها (كامل) خلفه..اصبحت ثروته بالكامل باسم (سميرة) ابنته..فما هي الذي سوف يحدث..و هل تحدث جريمة اخرى..انتظروا الفصول القادمة ياذن الله تعالى.
الفصل الحادي عشر
غادر (أيمن) المكان بعد انتهاء التحقيقات كما غادر أيضا (جمال) الى منزله في الوقت الذي جلس فيه (عاصم) مع (رباب) في حديقة المنزل يتناقشان حول مستقبلهما بعد موت (كامل) وقد قالت (رباب) له :
- مش قادرة أصدق اللي حصل لحد دلوقتي ، معقول دي تكون دي نهاية (كامل) بيه.
- على العكس ، أنا شايف أنها نهاية طبيعية و متوقعة.
نظرت اليه (رباب) في دهشة قائلة :
- أنت مبسوط أنه مات.
- مقصدش بس واحد زي عمي مع كل الأعداء دول طبيعي أن تكون نهايته بالشكل ده.
- بس واضح أنهم مش قادرين يوصلوا لاي حاجة .
- غالبا لو فضلت الجريمة غامضة كده فممكن تتأيد ضد مجهول.
صمتت (رباب) لحظات قبل أن تقول بصوت متردد :
- تفتكر ممكن حد يعرف حاجة من اللي احنا بنعمله.
اتسعت عينا (عاصم) قائلا في حدة :
- طبعا لا.
ثم قال لها بصوت غاضب :
- محدش يقدر يوصل أو يعرف خطتنا أو اللي احنا بنعمله ، خطتنا ماشية بشكل مدروس و طول ما احنا ملتزمين بها يبقى النجاح مضمون.
ثم أبتسم قائلا بصوت تغيرت نبراته :
- بالعكس ، بعد موت عمي احنا ممكن ننجز في وقت أسرع من غير ما نكون خايفين ننكشف.
كانت (رباب) تشعر بالحيرة من مشاعر (عاصم) نحو عمه مما جعلها تسأله قائلة :
- (عاصم) ، هو أنت فرحان علشان عمك مات؟
تراجع (عاصم) في مقعده و قد شرد بصره قائلا :
- مش عارف يا (رباب) ، حتى و هو عايش كنت بحس بمشاعر متناقضة ناحيته ، في أوقات بفتكر هو ازاي رباني و وقف جنبي بعد موت والدي بس لما افتكر هو ازاي كان بيتعامل معايا و اللي أنا اكتشفته بعد موت والدي و اللي بسببه خططت أنا و أنت للي احنا بنعمله بحس بكره شديد ناحيته.
ظهر التردد على وجه (رباب) قبا أن تقول :
- (عاصم) ، أنت ملكش دعوة بموت عمك ، صح؟
نظر اليها (عاصم) غير مصدق قائلا :
- (رباب) ، أنتي بتشكي فيا؟
- مقصدش بس أنا كنت ساعات بحس بكراهيتك الشديدة ناحية عمك علشان كده خفت أحسن يكون لك يد في اللي حصل ده.
- مش أنا الوحيد اللي كنت بكرهه ، معظم اللي تعاملوا معاه كرهوه جدا و أكثر مني بكتير كمان على الأقل أنا فاكر المعروف اللي عمله معايا لكن غيري هو عمل معاه شر بس.
اقتربت منه قائلة في لهجة رجاء :
- يعني أنت منزلتش خالص من غرفتك طول الليل؟
- أنا منزلتش تحت غير معاكم الصبح ، و بعدين أنتي مش شفتي الكاميرات و اللي سجلته ، يبقى نزلت ازاي؟
تراجعت مرة أخرى قائلة :
- طمنتني.
- ممكن بقى تبطلي قلق علشان نعرف نركز في اللي جاي. الفترة اللي جاية محتاجين نكون اسرع من كده.
- و طب ليه الأستعجال؟
- علشان بعد ما تخلص فترة العزاء هاعلن ارتباطي بك للكل.
اتسعت عيناها في فرحة غير مصدقة قائلة :
- بجد ، أنت بتتكلم بجد.
- و الحاجات دي فيها هزار.
ثم نهض قائلا لها :
- أنا هاطلع أنام و أنت قومي ارجعي مكانك و نامي شوية علشان بكره هيبقى يوم طويل.
ثم تركها و باله مشغول بما هو قادم.
****************
على الجانب الآخر جلست (سميرة) مع (فريدة) و (جلال) و (حسام) و كان (جلال) هو من بدأ الكلام قائلا :
- دلوقت يا (فريدة) هيبقى ايه الوضع بعد وفاة (كامل)؟
هزت (فريدة) كتفيها ببساطة قائلة :
- مفيش حاجة هتتغير ، والدي كان سايب كل حاجة لي أنا و (جمال) و (عاصم) و كان بيمضي بس على الحاجات المهمة و الحيوية و يراجع الأرباح و الحسابات أول بأول.
ثم نظرت الى (سميرة) قائلة :
- بس دلوقتي لازم (سميرة) تنزل الشغل علشان كل حاجة بأسمها.
- صدقيني يا (فريدة) أنا مكنتش أعرف حاجة عن الموضوع ده.
- أنا مش زعلانة منك يا (سميرة) ، أنا زعلانة من بابا ، ما توقعتش أنه ممكن يحرمني من كل حاجة بس علشان أنا رفضت أنه يجوزني انسان مش بحبه.
عقب (جلال) قائلا و هو ينهض :
- أنا لازم أمشي دلوقت علشان تقدروا ترتاحوا و بكره أقابلكم في العزاء.
لكن (سميرة) فاجأت الجميع قائلة :
- تفتكروا مين اللي عمل كده؟
كان سؤالها مفاجئا للجميع لكن (حسام) أجابها قائلا :
- بدري أوي السؤال ده ، في اكتر من سؤال لازم نعرف أجابته.
لكن (سميرة) تابعت قائلة :
- تفتكروا فعلا ماما انتقمت لنفسها و شبحها رجع و قتل بابا؟
كان كلامها صادما حتى أن (فريدة) قالت لها في دهشة :
- (سميرة) ، أنتي بجد مصدقة الكلام ده.
- و ليه لا؟ و ايه تفسيرك للبصمة الموجودة على الخنجر ده؟
صمتت (فريدة) لأنها لم تجد اجابة للسؤال فعقب (جلال) قائلا:
- ملوش لزوم الكلام ده يا(سميرة) ، اطلعي نامي انت و اختك و بعدين نتكلم في الموضوع ده.
ثم التفت الى (حسام) الذي لزم الصمت تماما و أشار له أن يتبعه ثم ركب معه السيارة و غادرا معا في سيارة (جلال) الى أن وصلا الى منزل (حسام) فالتفت اليه قائلا :
- شايفك ساكت من ساعة ما مشينا ، يا ترى ايه السبب؟
- القضية دي معقدة بشكل مش طبيعي ، تقريبا مفيش حاجة متأكدين منها غير شخصية القتيل و سلاح والجريمة و وقت الوفاة.
- معاك حق بس أنا برده عارفك كويس ، مفتكرش أنك تستسلم بسهولة.
ابتسم (حسام) في هدوء قائلا العبارة التي طالما سمعها منه (جلال) :
- أنا مقدرش أسيب غموض قدامي من غير ما أحله.
- كده أنا مطمئن أنك أنت (حسام) اللي أنا اعرفه.
- بس برده صعب أن أمسك القضية دي.
- ليه صعب؟
كاد (حسام) أن يرد لكنه قال :
- ايه رأي حضرتك لو تبات معايا النهاردة؟ الوقت اتأخر و الكلام لسه هيطول و أنا محتاج أطلع أغير هدومي دي.
ثم أضاف مداعبا :
- و بعدين أنا جعت و أعتقد أن حضرتك كمان جعان.
ضحك (جلال) بصوت عالي :
- أكل ايه اللي هيكون عند عازب زيك ، ده أنت كبيرك تعمل سندوتش جبنة!
- علشان كده العشا سندوتشات بس من المطعم اللي بتعامل معاه على طول.
ثم نزل الأثنان و صعدا معا الى الأعلى و بعد أن استقرا بالداخل قال له (حسام) :
- غرفتك لسه زي ما هي ، و هتلاقي هدومك اللي أنت سايبها.
دخل (جلال) الى غرفته التي خصصها له (حسام) في الشقة و ابدل ملابسه سريعا و كذلك فعل (حسام) ، ثم جلس الأثنان معا في غرفة المعيشة معا و قال له (حسام) :
- (عيد) البواب راح يجيب العشا و زمانه جاي دلوقت.
نظر (جلال) حوله و تأمل نظافة الشقة قائلا :
- واضح أن (عيد) بينضف لك الشقة بشكل كويس ، شقق العزاب بتبقى اسوأ من كده كتير.
- ما حضرتك عارف أن العقار كله ملكي بعد ما ورثته من والدتي مع الفلوس اللي سابتها لي ، و استفدت من العقار بحيث أن الشقة و المكتب هنا.
- نرجع لموضوعنا الأصلي ، أنت ليه بتقول صعب تمسك القضية؟
- لأن ببساطة مفيش حد هيكلفني بها.
- تقصد أنهم هينتظروا البوليس.
- قصدي أن هم يفضلوا أن الجريمة تتأيد ضد مجهول.
اتسعت عينا (جلال) في دهشة قائلا :
- قصدك أن هم ممكن يكونوا عارفين مين القاتل و مش عايزين يقولوا.
هز (حسام) يده بالنفي قائلا في ثقة :
- هم أكيد مش عارفين مين القاتل ، لكنهم بردوا متأكدين أنه واحد منهم ، و من الواضح أن الجريمة هتتأيد ضد مجهول.
- قصدك أنهم مبسوطين علشان (كامل) مات.
- قصدي أن مشاعرهم كلهم متناقضة ناحيته ، علشان كده محدش هيحاول أو حتى يحب يعرف مين القاتل باستثناء شخص واحد ممكن يكون عنده الشجاعة الكافية.
- مين؟
- (فريدة).
- اشمعنى (فريدة) بالذات؟
- (فريدة) اكتر شخصية متوازنة فيهم كلهم ، و أقل شخصية تأثرت باللي حصل حواليها ، حتى حبها ل(سمير) مخلهاش تلغي عقلها.
- يعني لو (فريدة) جت و كلفتك بالقضية هتوافق ، صح؟
- ساعتها هتعرف ردي.
في هذه اللحظة سمع الأثنان صوت الجرس فنهض (حسام) و أخذ السندوتشات من (عيد) و جلس مع (جلال) يتناولان عشائهما و قال له (حسام) :
- عمي (جلال) ، كان في حاجة عايز اسأل حضرتك عليها ، أنت ليه اتمسكت بصداقتك مع (كامل) كل المدة دي مع كل التناقض اللي بينكم ده؟
ابتسم (جلال) في حزن كأنما يتذكر شريط ذكرياته مع (كامل) قائلا :
- أنا أعرف (كامل) من و احنا اطفال ، و (كامل) ما كانش الوحش اللي أنت تعرفه ده ، كان انسان جميل بيعشق الجمال و النحت ، و يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي فضلت فيه زي ما هي لحد ما مات ابوه قدامه بسبب أزمة قلبية نتيجة خداع شريكه ، و اللي زاد الطين بلة أن شريكه رفض يرجع لهم نصيب أبوه ، الموقف ده حصل له وهو في ثانوي ، و من بعدها بقى انسان تاني خالص ، و أول واحد لاحظ التغير ده كان والدته اللي طلبت مني أني افضل جنبه لحد ما يرجع زي الأول ، بس للأسف فضل زي ما هو.
ثم صمت لحظة و بدا كأن صوته شديد الحزن و هو يقول :
- (حسام) ، أنا يمكن أكون اختلفت مع (كامل) كتير و غضبت منه اكتر ، بس هو يفضل صديقي و صاحبي و عشرة عمر ، و أحب اللي عمل كده ياخد جزاءه ، أرجوك يا (حسام) اوعدني أنك تقبض على اللي عمل كده.
شعر (حسام) بالشفقة نحوه فنهض واتجه له و قال :
- اوعدك يا عمي.
ثم جلس بجواره قائلا :
- بس زي ما قلت لك لازم تكليف رسمي منهم لأني ماقدرش احقق و ادخل و اخرج من البيت و الشركة من غير رغبتهم.
- و اوعدك أن التكليف هيبقى معاك في أسرع وقت ممكن.
ثم نهض قائلا :
- أنا هدخل انام دلوقتي علشان أنا تعبان و بكره مستنيني يوم صعب.
- تصبح على خير يا عمي.
- و أنت من أهله.
ثم دخل الى غرفته تاركا (حسام) الذي جلس لحظات على مقعده ثم نهض و جلب ورقة و قلم و بدأ يلخص القضية على هيئة أسئلة كما هي عادته دائما منذ كان ضابط شرطة فكتب :
1. كيف دخل القاتل و خرج دون أن تسجله كاميرات المراقبة مع استحالة الدخول و الخروج من النافذة؟ و لماذا لم يركب (كامل) كاميرات داخل غرفة المكتب؟
2. كيف تم العثور على جثة (كامل) في المكتب رغم رغم خروجه الرابعة صباحا وعدم عودته مرة أخرى؟
3. كيف تم العثور على بصمات زوجة (كامل) المتوفاة على الخنجر مع التنظيف المستمر له؟
4. شكل لسان (كامل) الغريب ؟ ترى ماذا كان يقصد؟
5. ما محتوى الأوراق التي احرقها؟ و هل لها علاقة بالقضية؟
6. ما سبب وجود الحبل ذو الخطاف و المسدس المجهول؟
7. أخيرا، من القاتل؟
ثم ترك الورقة و القلم بعد أن لخص الموضوع في صورة أسئلة قائلا لنفسه :
- الأسئلة السبعة دي هي القضية كلها ، بس أجابتها هتبقى صعبة جدا.
كان (حسام) يعلم أن أجابة هذه الأسئلة السبعة ستحمل في طياتها حل الجريمة لذلك قرر أن يفكر في كافة الأحتمالات الممكنة مع التركيز على المتواجدين في المنزل أثناء حدوث الجريمة لأنه كان على يقين من أحدهم هو مرتكب تلك الجريمة.
ثم قرر (حسام) عند تلك النقطة أن يفكر بمنطق من الأكثر استفادة من مقتل (كامل) فتناول الورقة و القلم و بدأ يكتب :
- (سميرة) : هي الأكثر استفادة بالتأكيد حيث أنها أصبحت بشكل رسمي هي المالك الرسمي لكل ثروة (كامل) و لكن هل تملك الشجاعة الكافية لفعل ذلك؟ و هل كانت تعلم فعلا أنها أصبحت المالكة لكل ثروته بمقتضى الأوراق التي وقعت عليها؟
- (فريدة) : هي الأكثر تضررا على الأطلاق حيث أصبحت لا تملك أي شيء على الأطلاق ما عدا الخنجر الفضي الذي حدثت به الجريمة ، أيضا كانت سوف تتزوج (سمير) في كل الأحوال سواء ظل (كامل) حيا أو ميتا.
- (جمال) : لا يملك أدنى استفادة فقد كان وجود (كامل) لمصلحته و لكن طبقا للتسجيل الذي سمعه من (سمير) بأن (كامل) وافق على زواج (سمير) و (فريدة) و أبلغ (جمال) بذلك فأنه سوف يكون عنده الدافع الكافي.
- (عاصم) : استفاد بشدة حيث صار الآن الطريق مفتوح أمامه للزواج من (رباب) و لكن أيضا يظل السؤال هل يملك الشجاعة الكافية لفعل ذلك؟
- (رباب) : نفس ما قيل على (عاصم) ينطبق عليها و لكن يظهر سؤال هام هل يمكن أن يكون (رباب) و (عاصم) اشتركا في ارتكاب تلك الجريمة؟
- (عزة) : تملك الدافع القوي حيث انها تريد الأنتقام منه لأعتقادها أن (كامل) قد قتل زوجته.
- (سمير) : أكثر المتضررين عللا الأطلاق ،هو كان يعلم أن (كامل) قد وافق على الزواج و أيضا يعلم أن الثروة قد صارت ملك (سميرة) و بالتالي لا يملك دافع لقتله.
- (منصور) : لا يعرف له دافع لقتل (كامل) الا اذا كان يملك دافع مجهول بالنسبة له.
تراجع (حسام) و فرد قدميه أمامه على الكرسي المقابل أمامه ثم غمم لنفسه قائلا :
- أنا محتاج التكليف من عمي (جلال) في أسرع وقت ، أنا بدأت أتحمس.
ما الذي يدبر له (عاصم) و (رباب)..و هل ينجح (حسام) في اجابة الأسئلة السبعة؟..الفصول القادمة باذن الله تعالى تحمل احداث و مفاجأت
ضخمة..فانتظروا
الفصل الثاني عشر
توالت الأيام و الشهور بعد تلك الجريمة و لم تسفر التحقيقات عن شيئ ، و كان من الواضح أن (أيمن) عاجز تماما عن الوصول الى أي شيء و الامور تتجه نحو طريق مسدود حتى جاء اليوم الذي استقبل فيه (حسام) (جلال) في مكتبه فرحب به (حسام) قائلا :
- ازاي حضرتك ياعمي ، من زمان مشفتش حضرتك.
- معلش بس بجد غصب عني ، من ساعة موت (كامل) وأنا الدنيا عندي مقلوبة.
- يا ترى فيه جديد.
- زي ما أنت ما توقعت ، الجريمة شكلها هتتأيد ضد مجهول.
- و يا ترى بناته و (عاصم) و (جمال) عاملين ايه؟
- كلهم مشغولين و تقريبا محدش فاكر أن (كامل) مات مقتول كأنهم ما صدقوا أنه مات.
ثم استدرك قائلا :
- باستثناء (فريدة) اللي لسه فاكرة أبوها و مصممة تعرف حقيقة اللي حصل.
ثم نظر الى ساعته قائلا :
- على فكرة هي زمانها جاية دلوقت.
و في هذه اللحظة سمع الأثنان صوت الطرقات ثم دخل (علاء) قائلا :
- الآنسة (فريدة) بره و عايزه تقابل حضرتك.
- خليها تتفضل.
و بعد لحظات دخلت (فريدة) فنهض الأثنان و صافحها كل منهما قبل أن تقول (فريدة) :
- من مدة مشفتكش و أنت ما بتجيش ، قلت اجي لك أنا بنفسي.
- تشرفيني حضرتك في اي وقت.
ثم جلست على المقعد المقابل له قائلة :
- الشرطة وصلت لطريق مسدود و واضح ان انها هتتسجل ضد مجهول.
- انا واثق ان (ايمن) عمل اللي عليه و زيادة ماتنسيش ان انا اصلا كنت ضابط شرطة.
- انا عارفة كده كويس و واثقه من كده بس في الاخر مفيش نتيجة و انا عايزة اللي عمل كده ياخد جزاءه وعلشان كده انا جيت النهاردة.
- و انا تحت أمرك.
- عمي (جلال) قال لي انك عايز تكليف رسمي علشان تمسك القضية دي، و انا عايزاك تمسك القضية دي بشكل رسمي علشان كده انا هنا النهاردة.
- افهم من كلام حضرتك ده ان الكل عنده استعداد يتعاون معايا.
صمتت (فريدة) لحظة قبل ان تقول :
- انا امبارح كنت في اجتماع مع الكل و الكل هيتعاون معاك.
- واضح من طريقة كلامك ان الموافقة منهم ما كنتش سهلة
صمتت (فريدة) مرة اخرى و وضح على وجهها المعاناة و لاحظ (حسام) انها لا تحاول النظر الى (جلال) ، فنظر اليه (حسام) بنظرة ذات مغزى و قبل ان يقول شيء دخل (علاء) باكواب الشاي و وضعها امامهم قبل ان يقول (جلال) فجأة :
- (علاء) انت جهزت الملف اللي انا طلبته منك؟
فهم (علاء) ان (جلال) يريد الخروج بدون ان يثير اي شبهة في نفس (فريدة) فقال على الفور :
- جاهز يا فندم، تحب تراجعه معايا؟
- طبعا
ثم نهض قائلا لهما :
- انا هراجع الملف مع (علاء) وهرجع تاني.
ثم غادر معه سريعا و اغلق الباب خلفه قبل أن يقول لها (حسام) في هدوء :
- تقدري دلوقت تتكلمي براحتك.
نظرت اليه (فريدة) بتساؤل قائله :
- قصدك ايه؟
- يعني في اجتماع امبارح ما كنش حد موافق على اني امسك القضية و حاولوا يقنعوك انك تتخلي عن الفكرة و ده طبعا خلاك تشكي و تتأكدي اكتر ان القاتل واحد منهم.
ثم صمت قبل ان يتابع بابتسامته الهادئة المعتادة قائلا :
- ده طبعا غير الكلام اللي اتقال على المستشار (جلال) ان هو ممكن يكون هو اللي قتله او علئ الاقل ان الشركة لازم تشوف مستشار قانوني تاني غيره لحد ما تعرفوا مين القاتل ، صح؟
ابتسمت (فريدة) ابتسامة شاحبة قائلة :
- انت اكيد كنت قاعد معانا ، مش كده؟
- ملامح وشك قالت كل حاجة.
- تخيل انهم شاكين في عمي (جلال).
- متنسيش انك برده شاكة فيهم ، بس ازاي اقنعتيهم؟
- هددتهم بشكل مباشر انهم لو رفضوا يبقى ده اخر يوم في الشركة و في حياتهم كلها فوافقوا على مضض.
- و انتي عرفت انا موافق امسك القضية و لا لأ؟
- اللي فهمته من عمي (جلال) انك موافق بس محتاج تكليف رسمي مني.
صمت (حسام) للحظات قبل ان يقول :
- انا موافق بس لي شرطين
عقدت (فريدة) حاجبيها في تساؤل قائلة :
- شرطين
- ايوه شرطين، الشرط الاول ان انا هاكشف الحقيقة كاملة مش بس القاتل انا هاكشف الحقيقة كاملة مهما كانت موجعة لك، علشان كده انا عايز اعرف انت مستعدة تعرفي حقيقية كل اللي حواليك.
كان كلام (حسام) صادما لها فصمتت لتستوعب ما قاله لها قبل ان تقول :
- مستعدة.
ثم فجاة انهمرت الدموع من عينيها قائلة :
- انا عارفة ان في نهاية القضية دي انا هاخسر شخص عزيز علي ، شخص قريب مني هو اللي قتل والدي ، عارفة انك هاكشف حاجات كتير عنهم و عن والدي هتكون صادمة لي لكن ده مش معناه اني هتراجع.
هز (حسام) راسه في استحسان قائلا
- عظيم، الشرط التاني اني هعمل التحقيق مهما حصل، مهما كانت الحقائق اللي هتظهر، التحقيق هيكمل للاخر، انا لما امسك طرف خيط مش هسيبه لحد ما اوصل للاخر.
- و انا موافقة.
تنهد (حسام) قائلا في ارتياح :
- عظيم.
ثم تناول كوب الشاي من امامه قائلا :
- كده انا مسكت القضية دي بشكل رسمي.
ثم سالها في اهتمام :
- دلوقت احب اعرف اللي حصل لك والكل خلال الشهرين اللي فاتوا دول.
- مفيش حاجات حصلت باستثناء (سميرة) اللي بقت تنزل الشغل بشكل منتظم لانها بقت المالك الرسمي لكل حاجة.
- متكلمتيش معاها انت و (عاصم) في موضوع اعادة تقسيم الثروة؟
- مقدرش اتكلم في حاجة دلوقت لاني ببساطة لسه مشتبه فيه لحد دلوقت.
- هو (عاصم) لسه قاعد معاكم في البيت؟
- ايوة بس هو ناوي يمشي خلاص قريب، عارف مع مين؟
كانت (فريدة) تتوقع مفاجأة (حسام) لكنه اجاب بهدوء قائلا :
- (رباب) طبعا.
- يعني انت كنت عارف.
- من بدري، المهم انا عايزك تقنعني (عاصم) انه يقعد معاكم لحد ما اخلص على الاقل.
- انا فعلا حاولت، خاصة ان انا بحب (رباب) و يعتبرها اختي و(عاصم) ابن عمي متربي معايا من صغري و زي اخويا ، حتى (سميرة) حاولت بس (عاصم) لسه حاسس بالحرج لانه كان المفروض هيتجوز (سميرة) بس اعتذر لها و هيتجوز (رباب).
- و كان ايه رد فعل (سميرة) لما عرفت جواز (عاصم) و (رباب)؟
- رحبت و باركت لهم ، (سميرة) بتحب (عاصم) زي اخوها و كمان......
ثم صمتت و ظهر على وجهها التردد فحثها (حسام) قائلا :
- و كمان ايه؟
- من شهر تقريبا (سميرة) اتعرفت على شاب اسمه (احمد) و شكلها كده معجبة به، وهي بتقابله يوميا ماعدا الخميس والجمعة لانه بسافر لقريته علشان يطمن على ابوه و امه.
- و (سميرة) مش عايزة حد يعرف انها بتقابله.
- ده طلب (احمد) نفسه لحد ما يحصل ارتباط رسمي.
- فهمت. و ايه اخبار (سمير)؟
- (سمير) بيحاول يخفف عني اللي أنا فيه بس المشكلة أن هو كمان مشتبه فيه.
- بس ما تنسيش أن هو أقل واحد استفادة من اللي حصل لأنه كان عارف أن الثروة كلها هتبقى باسم (سميرة) بعد موته و جوازكم كان هيتم سواء وافق والدك أو عارض ، يعني معندوش أي دافع يخليه يقتل والدك.
- أنا فاهمة كلامك كويس و دي حاجة مطمنني.
- يعني بشكل عام مفيش جديد بخصوص (سمير)؟
- مفيش جديد بس مقابلاتنا بقت قليل لما بنتقابل لانه دلوقت مشغول ببروفات مسرحيته الجديدة و بنتقابل بس اخر الاسبوع لو عرفنا نتقابل.
- و (جمال) برده مفيش جديد عنه.
تنهدت (فريدة) في حزن قائلة :
- (جمال) هو اكتر واحد اتغير بعد اللي حصل ده ، جمال شخصيته جادة جدا بس في نفس الوقت هو انسان حنون جدا و كل اللي في الشركة بيحترموه جدا و بحبوه بس هو بقى شخص صموت جدا و منطوي معظم الوقت على نفسه و كلامه معايا في الشغل و بس.
كان من الواضح انها تشعر بالضيق و الحزن من نفسها و خاصة انها السبب بعد ان رفضته و فضلت عليه (سمير) و كان (حسام) كانه يقرأ افكارهم فقال لها :
- مش لازم تحسي بالذنب اتجاهه ، كمان (جمال) قوي و هيعدي الازمة دي بسرعة.
ثم نهضت قائلة :
- النهاردة انا عامله العشاء الشهري علشان تفضل العادة دي موجودة ، تحب تجي؟
- هاجي باذن الله بس ياريت محدش يعرف ، اتفقنا؟
- اتفقنا.
ثم غادرت و بعد لحظات دخل (جلال) قائلا ل(حسام) :
- عملت ايه؟
حكى له باختصار ما حدث فعقب (جلال) قائلا :
- بقى عايزين يبعدوني و شاكين فيا كمان.
- لازم تعرفهم هم عارفين كويس ان القاتل واحد منهم و دي حاجة مش سهلة.
- عارف.
ثم اردف قائلا
- و مين (احمد) ده اللي غير (سميرة) كده؟
- معرفش عنه حاجة، بس هي (سميرة) اتغيرت للدرجة دي؟
- هتشوف بنفسك ، المهم انت ناوي تعمل ايه؟
- زي ماقلت هاكشف الحقيقة كاملة مهما كانت.
****************
كان من عادة (حسام) التأخير عن مواعيده حيث انه كان شخصية كسولة للغاية و يحب النوم بشدة لكنه يتحول لشعلة نشاط عندما يتعلق الأمر بجريمة او قضية تستهويه لذا حرص على الحضور في الوقت المحدد بالضبط في تمام الساعة السابعة مساء و فتح له الباب (منصور) و دخل (حسام) قائلا :
- ازيك يا عم (منصور)، عامل ايه؟
- الحمد لله بخير.
كان شكل (منصور) كأن عمره تضاعف و ظهر عليه التعب والأعياء حتى ان (حسام) سأله في قلق:
- عم (منصور) ، انت كويس؟
هز (منصور) راسه قائلا :
- الحمد لله يا بني، الحمد لله، اتفضل ارتاح، الآنسة (فريدة) نازلة لحضرتك حالا.
ثم انصرف تاركا (حسام) الذي كان يشعر نحو كبار السن دائما بالتعاطف و الأحترام وخاصة عندما يرى احدهم على هذه الحالة ، و قال لنفسه :
- انا محتاج اتكلم مع عم (منصور).
و في تلك اللحظة مرت (رباب) من امامه لتصعد الى الاعلى فرأته فقالت له :
- استاذ (حسام) ، ازاي حضرتك
- الحمد لله يا (رباب) ، انت عاملة ايه و والدتك؟
- كويسين الحمد لله.
ثم اقتربت منه قائلة
- انا عايزه اشكرك، (عاصم) قال لي انك عرفت اللي بيني و بينه ومع ذلك مقلتش حاجة ل (كامل) بيه و كمان شجعته على الجواز مني.
- مفيش داعي للشكر، انا عملت اللي يمليه علي ضميري و بس.
- انت عرفت ان خطوبتي انا (عاصم) هنعلنها قريب، بس احنا منتظرين الظروف اللي احنا فيها تعدي.
- (فريدة) قالت لي ، الف مبروك.
ثم اضاف بمرح قائلا :
- و ده بقى سبب الفستان الجميل ده و العقد الشيك اللي انت لابسه ده.
ارتبكت (رباب) قائلة :
- اكيد طبعا.
لاحظ (حسام) ارتباكها و لكنه تجاوز ذلك قائلا :
- انت طالعه فوق، مش كده؟
- ايوه
- ممكن تبلغي الآنسة (فريدة) ان انا منتظرها هنا.
- حاضر.
ثم صعدت الى الأعلى و وقف (حسام) يتأمل المكان حوله وهو يتذكر اول ليلة قضاها هنا و بينما كان يتذكر كيف وصلت الأمور الى درجة القتل سمع صوت خطوات على الدرج فجلس على مقعد بعيد عن الدرج بحيث يرى القادم دون ان يراه هو ليجد انه (عاصم) الذي كان يصفر حتى سمع صوت (حسام) يناديه قائلا :
- مبروك يا (عاصم)
توقف (عاصم) بشكل مفاجئ و خاصة انه لم يكن يعلم بوجود (حسام) حتى انه قال في دهشة :
- استاذ (حسام) ، انت هنا من امتى؟
- لسه من شوية ، انا بس ناديتك علشان اقولك مبروك على خطوبتك انت و (رباب).
- انت عرفت ازاي؟
- من (فريدة) ، انا كمان باركت ل (رباب) قبل ماتطلع.
- هو انت شفت (رباب) قبل متطلع؟
- ايوه، هي مقلتلكش؟
لم يجبه بل نظر لأعلى الدرج في رعب قبل ان يقول :
- طب معلش ان بس هطلع و....
لكن (رباب) كانت تنزل في ذلك الحين فصمت (عاصم) فجأة بينما اقتربت (رباب) قائلة ل (حسام) :
- (فريدة) نازلة دلوقتي.
ثم نظرت إلى (عاصم) نظرة ذات مغزى قبل ان تغادر سريعا المكان بينما كان (حسام) يتابعها بنظره قائلا لنفسه :
- ازاي شكلها اتغير؟
اقترب منه (عاصم) قائلا :
- انت بتقول حاجة؟
ابتسم (حسام) قائلا :
- ولا حاجة.
ثم جلس على احد المقاعد قائلا :
- عرفت ان انا مسكت القضية دي.
- (فريدة) قالت لي.
- عندك فكرة طبعا الشرطة وصلت لطريق مسدود.
جلس (عاصم) امامه قائلا :
- عارف و علشان كده (فريدة) كلفتك بالقضية على امل انها تعرف مين اللي عمل كده في عمي.
- و انت شايف ايه؟
- يعني ايه.
- قصدي شايف ان انا اقدر اوصل للقاتل.
- منكرش ان عندك قدرات مش طبيعية في الملاحظة و الاستنتاج بس تقدر تحل لغز الجريمة دي و لا لأ فده سؤال انت اللي هتجاوب عليه.
كان من الواضح أن (عاصم) يخشى التورط في الكلام لذا اكتفى بتلك الإجابة العائمة فسأله (حسام) بشكل مباشر هذه المرة :
- تفتكر مين منكم اللي قتل (كامل)؟
كان السؤال مباشر بشكل كبير و قوي حتى ان (عاصم) انتفض من مكانه قائلا :
- منا؟ انت حكمت انه منا.
- مش انا اللي حكمت ، الشواهد و الكاميرات هي اللي حكمت.
- الكاميرات ماسجلتش حد منا دخل او خرج من المكتب ، و مفيش دليل على اي منا ، الدليل الوحيد ضد مراة عمي بس.
- قصدك ان واحدة ميتة هي اللي عملت كده؟
- ليه لأ؟ انت مش مؤمن بوجود الأشباح؟ ليه ما تكونش دي جريمة شبح؟
عقد (حسام) حاجبيه مرددا :
- جريمة شبح؟
كانت الجملة لها صدى غريب بداخله بينما واصل (عاصم) كلامه قائلا :
- ايوه شبح ، أنت شفت تسجيل الكاميرات و شفت ان ما حدش دخل او خرج غير عمي (كامل)، و الشباك محدش دخل او خرج منه ، يبقى ايه تاني غير كده.
ثم نهض قائلا ل (حسام):
- اسمح لي امشي و ابقى اقابلك على العشاء.
و انصرف تاركا (حسام) الذي كان يفكر في ما قاله له (عاصم). لكن تفكيره لم يدم كثيرا لأنه في تلك اللحظة سمع صوت الطرقات على الباب و رأى (منصور) و قد فتح الباب للضيف القادم الذي لم يكن سوى (جلال) الذي قال ل (منصور) :
- ازيك يا( منصور)؟
- الحمد لله يا بيه.... الحمد لله.
لكن (جلال) لاحظ ما لاحظه (حسام) فاقترب (جلال) منه قائلا في قلق :
- ما لك يا (منصور)؟ انت كويس؟
هز (منصور) رأسه في صمت و دخل عائدا من حيث اتى و جلال يتابعه بحيرة ثم دخل الى حسام الذي نهض مصافحا اياه قائلا :
- عمي (جلال) ، ايه اللي اخرك؟
- الشغل.
ثم جلس قائلا له :
- انت هنا بقالك كتير.
- لسه واصل من شويه.
ثم نظر الى ناحية (منصور) مرة أخرى قائلا :
- مش عارف (منصور) ماله، شكله مش طبيعي ابدا.
- انا برده شايف كده.
ثم التفت اليه قائلا :
- حضرتك تعرف عم (منصور) من زمان؟
- من ساعة ما اشتغل هنا، يعني حوالي من عشر سنين، بس كان انسان غير كده خالص، كان مرح و بشوش والكل هنا بيحبه و يقدره لحد ما جه موضوع ابنه.
- ابنه مين؟
- ابنه (محمد)، انا فاكر موضوعه كويس لانه كان من سنتين ، بالتحديد قبل موت (فاتن) مراة (كامل) بأسبوع تقريبا ، كان ابنه عنده خمس سنين و محتاج عملية قلب مفتوح بأسرع وقت ممكن أو يموت ، و العملية دي كانت محتاجه مبلغ كبير جدا ، و فجأة قبل موتها بأربع أيام لقيته مبسوط وقال لي انه وفر مقدم المبلغ بتاع العملية لكن بعد يومين تعبت (فاتن) و حالته اتغيرت.
- قصدك ان حالته اتغيرت بسبب مرض مدام (فاتن)؟
- في الأول كنت فاكر كده فحاولت اخفف عنه و اواسيه لكن لقيت انه بيقول لي ان عملية ابنه في خطر لأنه عاجز عن توفير باقي المبلغ و لما سألته عن السبب فهمت منه ان السبب أن الشخص اللي كان هيدفع له باقي فلوس العملية مش قادر يكملها ، فعرضت عليه اني اساهم المبلغ بجزء لكنه قال انه محتاج المبلغ كله في خلال اربعة و عشرين ساعة و ده كان مستحيل بالنسبة لي.
- و بعدين ، ابنه مات؟
- افتكرت كده لكن عرفت منه انه اتصرف في باقي المبلغ و ابنه عاش ، بس كانت حالته وحشة جدا كأن ابنه مات بالضبط.
- و ليه كانت حالته كده؟
- مرضاش يقول لي و لا حتي قال لي اتصرف ازاي في مقدم مبلغ العملية أو باقي المبلغ.
ثم فجأة تذكر شيء هام فقال ل(حسام) :
- صحيح ، التقرير النهائي لتشريح جثة (كامل) طلع.
- فيه جديد؟
- الحاجة الجديدة انهم لقوا أثر مخدر في جسمه.
- و المخدر ده جاله منين؟
- محدش عارف ، كوبيتين الشاي كانوا مغسولين و مفيش فيهم أثر مخدر و الأكل كلنا أكلنا مع بعض ، تفتكر المخدر ده كان معاه في المكتب وخده علشان يعرف ينام؟
كانت رأس (حسام) تدور بعدد كبير من الأفكار و الأسئلة لكنها كانت بلا اجابة.
ما معنى هذا؟..و كيف دخل المخدر الى جسد (كامل)؟ و الكاميرات اثبتت عدم دخول اي احد اليه في غرقة مكتبه..تابعوا الفصول القادمة لأن الاحداث سوف تزداد اثارة و تشويق
الفصل الرابع عشر
مكث (حسام) تقريبا عشر دقائق في الغرفة قبل أن ينزل الى الأسفل حيث جلس يتناول العشاء مع (فريدة) التي قالت له :
- امبارح دخلت على عم (منصور)، لقيته قاعد بببكي بحرقة وبيقول لنفسه :
(سامحيني يا مدام، سامحيني، انا عارف اني استاهل اموت).
ولما انتبه لي سكت فجأة، حاولت اسأله عن معنى اللي بيقوله ده سكت و رفض يتكلم.
- عم (منصور) ده وراه سر و لازم نعرفه.
- عندك حق.
ثم اضافت قائلة :
- كنت قلت انك عايز مني حاجة ، ايه هي؟
- في الحقيقة اكتر من حاجة ، اول حاجة عايز اخد نسخة من تسجيلات الكاميرات اللي هنا.
- توقعت انك هتطلبها علشان كده جهزتها لك على فلاشة.
ثم مدت يدها الى جيبها و اخرجت فلاشة قائلة له :
- الفلاشة دي فيها كل حاجة اتصورت في اليوم اللي مات فيه بابا.
- عظيم ، تاني حاجة انت شفتي (أحمد) صديق الآنسة (فريدة) قبل كده.
- و لا مرة ، كل مرة تحاول تعزمه انه يجي هنا يرفض ، حتى لما اقترحت عليها ان احنا نتقابل بره علشان اتعرف عليه رفض.
- معنى كدة ان ماحدش شافه خالص.
- مفيش حد غير (سميرة) بس انا معايا صورته.
ثم اخرجت هاتفها المحمول وعرضت صورة ل(أحمد) و(سميرة) في احد المطاعم، فقال لها :
- انا معايا برده صورة له بس كنت عايز اعرف منك عنه معلومات اكتر.
- بس انت ليه بتسأل عنه كتير كده؟
- اختك عايزه تعرف عنه كل حاجة قبل الارتباط به.
- فهمت، بس ده ملوش علاقة بالقضية بتاعتنا.
- عندك حق، بس الفضول خلاني عايز اعرف اي حاجة عنه.
ثم تراجع في مقعده قائلا :
- انا عرفت ان الخنجر مكتوب باسمك، صح؟
- فعلا، ماما كتبته باسمي قبل ما تموت.
- ممكن اعرف ايه السبب؟
تنهدت (فريدة) قبل ان تقول :
- الخنجر ده كان غالي جدا على ماما، تقدر تقول انه رمز لعائلة (نافع) ، العائلة اللي بتنتمي لها ماما ، وكانت بتحبه كأنه واحد من عيالها ، بس بابا كان شايف غير كده ، كان عايز يبيع الخنجر و خاصة انه جاله سعر اعلى من قيمته بخمس مرات من واحد بيحب جمع التحف ، بس برده ماما كانت بترفض دايما لحد قبل ما تموت بحوالي اربع شهور قررت انها تكتب باسمي كأنها كان عندها احساس ان نهايتها قربت.
- بس برده ليه باسمك انتي؟ ليه مش باسم (سميرة) مثلا؟
- (سميرة) كانت ضعيفة قدام بابا و كانت هتوافق على انها تبيعه.
- هو الخنجر ده ما بيطلعش بره البيت خالص؟
- بنطلعه كل تلات شهور لخبير المجوهرات اللي احنا بتتعامل معاه علشان فيه لآليء و احجار كريمة تانية معينة عايزة اهتمام من شخص محترف و كمان بيراجع حالة الخنجر بشكل عام.
- امتى آخر مرة خرج؟
- كان المفروض هيخرج في اليوم اللي مات فيه بابا.
- و طبعا كل اللي هنا عارف انه هيخرج.
- اكيد طبعا ، بس انت بتسأل ليه؟
تنهد قائلا :
- فكرت في حاجة ممكن تفسر بصمات والدتك بس طلعت فكرة غبية.
ثم صمت قليلا قبل ان يقول :
- سؤال اخير ممكن ميكونش له علاقة بالقضية دي ، كنت عايز اشوف الدهب اللي موجود هنا سواء كان عندك او اختك او حتى والدتك.
تراجعت في دهشة قائلة :
- و ده هيفيدك في ايه؟
- هتعرفي السبب بعدين ، بس خليني اشوف اللي انا عايزه دلوقتي بعد كده اقولك.
غابت (فريدة) لدقائق قبل أن تعود معها صندوقين و جلست امامه قائلة :
- دول الصندوقين اللي موجودين في البيت.
ثم اشارت للصندوق الاكبر قائلة :
- الصندوق ده فيه الدهب بتاعي انا و ماما و (سميرة).
تناول (حسام) الصندوق و تأمله بتركيز قائلا :
- القفل بتاعه مميز و واضح انه من النوع الغالي و مفتكرش فيه زيه كتير.
ثم نظر اليها قائلا :
- مفتاح الصندوق معاك؟
- اتفضل.
اخذ منها المفتاح قائلا :
- و المفتاح كمان نوعه مميز مستحيل تقليده.
ثم فتح الصندوق و تأمله بامعان قبل ان يغلقه قائلا :
- مش ده.
نظرت اليه (فريدة) في دهشة قائلة :
- انت بتقول ايه.
لكن (حسام) لم يجبها بل فحص الصندوق الآخر بتمعن قبل ان يقول :
- قفله عادي و سهل يتفتح و مفتاحه عادي ممكن يتعمل عليه نسخة.
ثم فتح الصندوق و فحصه قبل ان يبتسم بانتصار قائلا :
- زي ما توقعت.
قالت (فريدة) في نفاذ صبر :
- توقعت ايه بالضبط؟
لكن (حسام) واصل تجاهلها وسألها :
- ايه قصة الصندوق ده؟
كانت (فريدة) تشعر بالضيق من تجاهله المستمر لها لكنها أجابت :
- الصندوق ده بابا كان محتفظ به في الدولاب و كان رافض يتكلم عنه و مرة واحدة بس فتحه.
- يعني متعرفيش حاجة عنه او والدك جايبه من مين؟
- ولا اي حاجة اكتر من اللي قلته لك.
أطرق (حسام) برأسه مفكرا قبل ان يقول :
- فواتير الدهب ده معاك؟
- الدهب اللي في الصندوق الكبير بس اما الصندوق التاني لأ.
قال (حسام) لنفسه
- ياترى فين؟
صمت للحظات ثم قلب الصندوق رأسا على عقب و افرغ محتويات الصندوق كله على الطاولة التي امامه و فحص الصندوق من الداخل و فجأة تجمد في مكانه قبل ان يأخذ سكينا من على الطاولة و اخذ يعبث داخل الصندوق حتى ابتسم في سعادة بعد أن شق بطانة الصندوق واخرج منه ورقة مطوية بعناية و فتحها و أخذ يقرأها في عناية قبل ان يقول :
- كده كل حاجة وضحت.
قالت (فريدة) في غضب :
- طب ممكن بقى تفهمني و لا ناوي تسيبني كده زي الحمار.
ابتسم (حسام) قائلا في لهجة اعتذار :
- انا اسف بس كان لازم الأول اوصل للحل قبل ما اتكلم.
- عظيم، ممكن تتكلم بقى.
- هتكلم بس بشرط.
- شرط ايه؟
- الورقة اللي انا لقيتها جوه الصندوق ماتسأليش عنها دلوقتي.
- ايه السبب؟
- هقولك بعدين، المهم موافقة على شرطي.
- اتفضل قول.
شرح لها (حسام) كل شيء حتى انتهى من شرحه فقالت في ذهول :
- مستحيل، معقول كل ده كان بيحصل.
- هتتأكد لما تجيبي خبير الدهب و يشوف الدهب اللي هنا.
ثم نهض قائلا :
- اسمحي لي امشي علشان الوقت اتأخر.
وعندما وصل (حسام) الى بيته اخرج الورقة المكتوب بها الأسئلة السبعة و وضع دائرة على سؤال المسدس و الحبل و سؤال الورق المحترق على مكتب (كامل) قائلا لنفسه :
- كده انا عرفت اجابة سؤالين من الأسئلة السبعة، بس الباقي اهم.
****************
بالرغم من أن (حسام) على قناعة تامة انه لن يستطيع الوصول الى الكثير من الأسماء الموجودة على هاتف (كامل) لأن الشرطة بالتأكيد قد جمعت كل المعلومات اللازمة عنهم، لكم كان (حسام) يربد ان يعرف ماذا كان يسمي (كامل) كل شخص على هاتفه و هل كان يعطي كل شخص اسم او لقب معين.
كان هذا مؤشر قوي ل(حسام) ليعرف رأي (كامل) في المحيطين به و بالفعل كان كامل يسجل اسماء معينة بالقاب فمثلا كان لقب (عاصم) على الهاتف الجبان و لقب (جمال) دراعي اليمين و (سمير) يلقبه بأسوأ ممثل و (منصور) سجله باسم ابو محمد.
قال (حسام) لنفسه :
- واضح ان (جمال) شخص موثوق فيه عند (كامل)، و (عاصم) شخص ضعيف الشخصية و (سمير) شايفه ممثل فاشل ، بس الغريب (منصور) ، هو الوحيد اللي سماه بابو محمد بدون أي لقب ، ياترى ده له معنى؟
ثم سمع صوت طرقات على الباب فقال :
- ادخل يا (علاء).
دخل (علاء) قائلا ل(حسام) :
- واضح انك مشغول دلوقتي.
اشار له (حسام) بالجلوس قائلا :
- بحاول اوصل لحل للجريمة دي ، بس مفيش جديد قادر اوصل له.
لاحظ (علاء) ان اللاب توب الخاص به مفتوح امامه فسأله :
- أنت لسه بتشوف تسجيل الكاميرات؟
- مفيش حاجة بعملها غير ان انا بشوف تسجيل الكاميرات و افحص تليفونه.
نهض (علاء) و جلس على مقعد بجواره قائلا :
- مفيش اي حاجة عرفت توصلها من الكاميرات دي؟
- نفس المشهد كل مرة ، (كامل) بيطلع الساعة واحدة ، بعد كده بينزل الساعة اتنين و وراه بينزل الاتنين اللي شايلين التابوت ، و الساعة اربعة بيطلع تاني لغرفته، حفظت الفيديو من كتر ما شفته، ممكن اقولك فيه كام كرسي موجود و شكل السجاد حتى الحيطة حفظت كل اللي فيها من اول مفتاح النور و اللوحة المتعلقة و ساعة الحيطة ، بس مقدرتش اوصل لأي حاجة.
ثم صمت للحظات قبل أن يقول :
- بس عارف، المشكلة في ايه؟ ان فيه حاجة مش طبيعية قدامي مش عارف افسرها ، حاجة مش منطقية.
- حاجة زي ايه؟
تراجع (حسام) في كرسيه قائلا :
- مفتاح النور اللي على الحيطة كان واضح لما (كامل) عدى قدامه الساعة واحدة ، مش واضح لما (كامل) عدى قدامه وهو نازل الساعة اتنين و طلع الساعة اربعة؟
- و ايه اصلا اهمية المفتاح ده ، متخليش مخك يتشتت بتفاصيل جانبية.
- يمكن.
ثم نظر (حسام) اليه قائلا :
- عملت ايه في التحريات اللي طلبتها منك عن (أحمد)؟ امبارح قابلت (سميرة) بالصدفة في كافتريا المول التجاري اللي احنا بنروحه على طول و سألتني اذا كنت وصلت لحاجة.
- مش عارف اوصل لحاجة واضحة اقول لك عليها ، الحاجة الوحيدة اللي انا متأكد منها انه ساكن في العنوان اللي انت قلت لي عليه.
- للدرجة دي؟
- حتى الشركة اللي انت قلت لي عليها مبقاش لها وجود من شهرين تقريبا ، المشكلة انه ملوش اي علاقات بحد خالص.
- كنت اتمنى اساعدك اكتر من كده بس حتى امبارح معرفتش اقابله مع انه كان معاها ، بس ساعة ما جيت الكافتريا كان هو في الحمام ، و مع اني فضلت مستنيه كتير بس مجاش و بعت رسالة ل سميرة انه اضطر يمشي علشان ظرف شخصي.
- و (سميرة) مشيت معاك؟
- فضلت قاعدة علشان تتسوق ، المشكلة اني بعد كده لقيتها بتكلمني و بتقول لي ان (أحمد) ده رجع تاني بس مشيوا على طول.
قبل ان يسأله (علاء) سمع الأثنان صوت طرقات على باب الشقة الخارجي فنهض (علاء) قائلا :
- أكيد ده (فتحي) ، تلاقيه جاب الطلبات اللي قلته عليها ، اخيرا هناكل اكل بيتي محترم.
- قلت لك متتعبش نفسك ، انا متعود على الاكل الجاهز.
- خلينا نغير المرة دي و ناكل حاجة كويسة.
ثم تركه و ذهب ليفتح الباب، ثم عاد اليه بعد لحظات و قال ل(حسام) و هو يضحك :
- عندي لك مفاجأة.
ثم نادى على شخص وقف خارجا قائلا :
- ادخل.
فدخل شخص مصبوغ شعره بالأصفر، و لحيته شكلها غريب ، و يرتدي حذاء غريب بكعب عالي و نظارة شكلها مضحك مما دفع (حسام) ليسأل (علاء) :
- مين ده يا (علاء)؟
- ده (فتحي) ، بتاع الديليفري.
قال (حسام) بدهشة
- (فتحي) ، مستحيل...ايه اللي عمل فيك كده؟
ابتسم (فتحي) ابتسامة اظهرت اسنانه الصفراء نتيجة التدخين قائلا :
- نيولوك يا باشا.
كان (علاء) مازال يضحك و هو يقول :
- المشكلة ان انا لسه شايفه امبارح و كان شكله عادي.
تراجع (حسام) في مقعده و هو يبتسم قائلا
- بس النيولوك باين حتى في الطول، (فتحي) اقصر منك يا علاء شوية، بس دلوقت بقى العكس.
ابتسم (علاء) قائلا :
- ده طبيعي، انت مش شايف الجزمة العجيبة اللي لابسها كعبها شكله ازاي.
ضحك (حسام ) وكاد ان يعلق لكنه فجأة توقف و اتسعت عيناه على آخرهما و بدا كأن كل التحقيقات و المعلومات امام عينيه كشريط سينمائي. كل الاسئلة و الأدلة التي ظهرت استرجاعها في عقله.
المسدس
الحبل ذو الخطاف
لماذا لم يركب كامل كاميرات في غرفة المكتب
الورق المحترق على المكتب
بصمات الزوجة المتوفاة على الخنجر
كيف دخل القاتل و القتيل
هوية القاتل
كان (حسام) متجمد في مكانه تماما و عيناه مازالتا متسعتان قبل ان يقول :
- مستحيل، معقول يكون ده اللي حصل.
نظر اليه (فتحي) في حيرة و هو لا يفهم شيء بينما ابتسم (علاء) قائلا :
- كده يبقى فيه جديد.
ثم جذب (فتحي) من يده خارجا بينما كان (حسام) يحدق في التسجيل قائلا :
- اخيرا عرفت ازاي القاتل دخل و ازاي كمان جثة (كامل) اتنقلت و الاهم كمان عرفت مين القاتل.
في تلك اللحظة دخل (علاء) و قد كان شاحب الوجه بشدة قائلا ل(حسام) :
- فين موبايلك؟
التفت حوله الى ان وجده قائلا :
- فصل شحن و نسيت اشحنه ، بتسأل عليه ليه؟
ناوله (علاء) هاتفه المحمول قبل ان يقول :
- روح بسرعة لبيت (احمد) ، المستشار (جلال) عايزك هناك بسرعة.
- ايه اللي حصل؟
- (سميرة) لقوها مقتولة هناك.
مفاجأة اخرى صادمة ل(حسام) في نهاية الفصل بموت (سميرة) في شقة (احمد)؟..فهل قاتلها هو من الشخص نفسه الذي قتل (كامل)؟..و هل حقا نجح (حسام) في اجابة الاسئلة السبعه؟..الاحداث تقترب نهايتها و ذروتها فترقبوا
الفصل الثالث عشر
ظل (حسام) و (جلال) يتحدثان معا حوالي عشر دقائق حتى جاء (جمال) في الساعة السابعة و النصف و كالعادة فتح له (منصور) الباب فدخل الى غرفة المعيشة حيث كان (حسام) و (جلال) يتحدثان، فنهض (جلال) مرحبا به قائلا :
- ازيك يا (جمال).
- ازاي حضرتك يا فندم.
ثم التفت الى (حسام) قائلا :
- ازاي حضرتك يا استاذ (حسام)، مبسوط اني شفتك النهاردة.
- انا كمان مبسوط اني شفتك النهاردة، كنت عايز اتكلم معاك شوية.
ثم جلسوا و (جمال) يقول له :
- الآنسة (فريدة) بلغتني انك مسكت القضية و طلبت مني اني اتعاون معاك و اساعدك في اي حاجة تحتاجها ، وانا تحت امرك.
- اشكرك على المساعدة ، كنت عايز اعرف منك بعد العشاء اللي انا حضرته معاكم ، (كامل) بيه اتكلم معاك في موضوع ارتباطك ب(فريدة).
- اتكلم معايا فعلا مرة واحدة بس.
- امتى؟
- قبل وفاته بأسبوع.
- و قال لك ايه؟
- قال لي ان موضوع جوازي انا و (فريدة) ماشي و هيكمل بشكل طبيعي ، بس هيتأجل شوية.
- طب و مسألة ارتباطها ب(سمير)؟ كان ناوي يعمل فيها ايه؟
- لما سألته عن النقطة قال ان هو هيتصرف فيها بس مقلش ازاي.
- و أنت تفتكر هو كان بيفكر في ايه؟
- غالبا كان هيضغط عليها لحد متوافق بس ساعتها انا اللي كنت هرفض.
- كنت هترفض ليه؟
- لأني ببساطة مش انا الرجل اللي ممكن يتجوز واحدة غصب عنها.
- حاجة تانية كنت عايز اعرفها منك ، انت شغال من مدة كبيرة مع (كامل) بيه و تعرف كل حاجة تخص شغله ، صح؟
- تقريبا.
- معنى اجابتك دي ان فيه حاجة في الشغل مجهوله بالنسبة لك؟
- ده صحيح ، حاجة واحدة في الشغل فضلت غامضة بالنسبة لي لحد دلوقتي.
- حاجة ايه؟
- كان في اوقات بنمر بأزمات سيولة عنيفة و بنكون محتاجين مبلغ كبير خلال بوم او يومين و بكون عارف كويس ان مفيش اي حل متاح قدامنا بس كان بيتصرف و يدبر المبلغ المطلوب ، و كل لما اسأله عن الطريقة يقولي مالكش دعوه.
في تلك اللحظة نزلت (فريدة) من الأعلى و كان على وجهها الضيق حيث بادرت بالحديث قائلة :
- انا آسفة على التأخير بس كنت بتكلم مع (سمير) و (سميرة) ، بس للأسف مش جايين.
قال لها جلال في دهشة
- ليه مش جايين؟
- (سمير) علشان بروفات مسرحيته ، أما (سميرة) فتتعشى مع (أحمد).
قال لها (جلال) في لهجة عتاب :
- مين (أحمد) ده؟ و ازاي معرفش حاجة عنه.
- انا اسفه يا عمي بس دي كانت رغبة (سميرة) ، مش عايزه حد يعرف عنه لحد ما اتفقنا انها هتعزمه النهاردة علشان كده قلت لكم.
- يعني محدش يعرف عنه حاجة ، هو (أحمد) ده مش هيطلب ايد (سميرة) مني ، لازم اكون عارف عنه كل حاجة.
- كلام حضرتك صح يا عمي ، على العموم عقبال ما نتعشى هتكون جت و.....
قاطعها (جمال) في حزم قائلا
- قبل العشا فيه موضوع عايز اتكلم معاك فيه لوحدنا لو سمحت.
نظرت اليه (فريدة) في دهشة قائلة :
- مالك يا (جمال) ، ايه الأسلوب الرسمي الللي انت بتتكلم به ده؟ ماينفعش تستنى بعد العشا؟
قال في اقتضاب :
- لأ.
كان (حسام) يتأمل الحوار في صمت دون أي تدخل بينما أشارت (فريدة) ل(جمال) قائلة :
- تعال معايا لغرفة المكتب.
و بالفعل ذهب معها في حين التفت (جلال) الى (حسام) قائلا :
- تفتكر عايزها في ايه؟
اجابه (حسام) في هدوء :
- هيقدم استقالته.
تراجع (جلال) كالمصعوق قائلا :
- استقالة؟ مستحيل ، (جمال) حياته كلها في الشركة و مينفعش يسيبها.
- و برده مش هيستحمل انه يشوفها كل يوم و هي على ذمة رجل تاني.
تراجع (جلال) في كرسيه قائلا :
- مسكين الولد ده، بعد كل الحب ده هتتجوز واحد تانى.
لم يعقب (حسام) على كلامه و اكتفى بالنظر للسقف وهو يفكر.
****************
كانت (فريدة) تنظر الى (جمال) غير مصدقة ما تسمع حتى انها اقتربت منه قائلة :
- (جمال) ، أنت بتقول ايه؟
نظر (جمال) الى الأرض ليتجنب النظر الى عينيها قائلا :
- اللي سمعتيه حضرتك يا آنسة (فريدة) ، انا عايز استقيل من الشركة و هاسلم الملفات اللي معايا لحضرتك بحيث اني اسيب الشركة اخر الشهر ده.
- أنت بتقول ايه؟ استقالة و حضرتك و آنسة ، أنت بتتكلم كده ليه؟
- علشان ماينفعش ارفع الألقاب ، و لو تحبي حضرتك ارشح حد تاني يمسك مكاني في الشركة فأنا معنديش مانع.
عقدت (فريدة) ذراعيها امامها قائلة :
- و انا برفض استقالتك دي.
- في الحالة دي هنقطع عن الشغل لحد الشركة ما تفصلني.
اقتربت منه (فريدة) قائلة :
- للدرجة دي انت عايز تمشي.
نظر (جمال) جانبا نحو الجدار و لم يعقب لكن (فريدة) اقتربت منه و أمسكت ذراعيه قائلة :
- (جمال) ، بص لي في عيني و أنا بكلمك.
ادار اليها (جمال) و جهه في بطء و كان من الواضح انه يجاهد لمنع هروب دموع عينيه ببنما واصلت قائلة:
- كل ده علشان (سمير) ، صح؟
قال لها بصوت مختنق :
- مش هقدر اشوفك مع حد تاني.
- بكره تحب واحدة احسن مني و....
قاطعها و هو يهز رأسه نافيا بقوة قائلا :
- مفيش حد احسن منك، انا محبتش حد قبلك و لا هعرف احب حد بعدك ، و سعادتك هي اكتر حاجة تهمني ، و طالما سعادتك مع حد تاني غيري فأنا أول واحد اتمنى لك السعادة معاه.
كان واضح من صوته انه يغالب دموعه حتى أن (فريدة) كادت تبكي و هي تقول :
- ارجوك يا (جمال) ، انا....
و لكن (جمال) اسرع تاركا الغرفة و (فريدة) تبكي بعد أن عجزت عن كتمان دموعها أكثر من ذلك.
اندفع (جمال) خارجا من الغرفة الى باب البيت و رآه (جلال) خارجا بسرعة كبيرة فحاول أن يناديه لكن (حسام) استوقفه قائلا :
- سيبه يا عمي، الأحسن انه يبقى لوحده دلوقتي.
و بعد قليل خرجت (فريدة) و هي تبكي فاتجه اليها (جلال) في سرعة قائلا :
- مالك يا (فريدة)؟ ايه اللي حصل؟
- جمال يا عمي ساب الشركة، سابها بسببي.
نظر (جلال) الى (حسام) في صمت كأنه يقول له :
- كلامك طلع صح.
ثم جذبها من ذراعها برفق الى أحد المقاعد قائلا :
- اهدي يا بنتي، اهدي وتعالى اقعدي.
و بالفعل جلست و هي ماتزال تبكي بينما فضل حسام ان يغادر في صمت قائلا :
- البيت ده بقى بيت الاحزان.
****************
كانت (عزة) تستمع الى اغانيها المفضلة في غرفتها بصوت عالي حيث كانت تقيم مع ابنتها في جناح بالقرب من البيت و كان من الواضح انها مستمتعة للغاية حتى انها لم تشعر بقدوم (حسام) الذي قال لها :
- واضح انك الوحيدة اللي مزاجها رايق.
انتفضت (عزة) حيث انها لم تشعر بقدومه ابدا حتى انها نهضت قائلة بغضب :
- انت دخلت هنا ازاي؟ و بقالك قد ايه هنا؟
- خبط على الباب بس ماحدش رد عليا ، بس الباب الخارجي كان مفتوح، واضح انك كنت مستنية حد او بمعنى اصح مستنية بنتك ، صح؟
صمتت (عزة) ولم تعلق بينما واصل كلامه قائلا :
- يبقى كلامي صح ، وبالنسبة للجزء التاني فانا لسه داخل حالا ، ممكن اقعد؟
كان من الواضح ان (عزة) لا تطيق وجوده ، لذا قالت :
- انا مصدعه و مش قادرة اتكلم مع حد.
قال لها (حسام) في صرامة
- مدام (عزة) ، انا هنا بحقق في جريمة قتل مش جاي العب ، و كلام الآنسة (فريدة) معايا ان الكل هيتعاون معايا الا لو حد عارف مين اللي عمل كده او حد هو اللي قتله.
كان كلام (حسام) صادما و قويا لها فلم تقوى على الرد ، بينما واصل (حسام) قائلا :
- اقعد علشان نتكلم مع بعض و لا لأ؟
- اقعد.
جلس (حسام) بالفعل و نهضت (عزة) قائلة :
- تحب تشرب شاي معايا؟
- اشرب.
اعدت (عزة) سريعا الشاي و وضعت كوب الشاي امامه و جلست امامه تنظر اليه قبل ان تقول له :
- خير يا أستاذ (حسام) ، كنت عايز مني ايه؟
تناول كوب الشاي من امامه و رشف منه رشفه قائلا :
- انتي ليه كنت بتكرهي (كامل) بالشكل ده؟
- انا عمري ما كرهت (كامل) ، انا بس كنت بحب مدام (فاتن) ، الله يرحمها كان الكل بيحبها.
- و ده مبرر انك تكرهي (كامل)؟
- انا كرهته علشان هو اللي قتلها.
- مدام (فاتن) ماتت بشكل طبيعي نتيجة تدهور الكلى عندها حسب كلام الدكتور ، مش انت اللي كنت بتديها الدوا بنفسك؟
- (كامل) كان مانع اي حد يدخل لها و كان مكلف (منصور) انه يديها الدوا في مواعيده و (منصور) كان بيحب مدام (فاتن) جدا و لا يمكن يضرها ، بس اللي بيقتل مش لازم يقتل بايده.
- قصدك ايه؟
- قصدي انه لما يتجوز عليها يبقى قتلها بدم بارد.
تراجع (حسام) قائلا بدهشة :
- اتجوز عليها؟ اتجوز مين؟
- معرفش.
- انت بتهزري ، أمال عرفت ازاي؟
تنهدت (عزة) بعمق قائلة :
- من سنتين بالظبط ، في اليوم اللي بدأت فيه كل حاجة ، دخلت المكتب علشان انضف زي كل يوم ، لقيتها ماسكة ورقة و قاعدة على الأرض بتقراها و هي في حالة انهيار و دموعها نازلة و بتقول (ازاي ازاي جاله قلب يعمل كده؟ ازاي؟) ، جريت عليها و حاولت اهديها لكن معرفتش اعمل حاجة ، فرجعت المطبخ علشان اعمل لها كوباية عصير لمون علشان تهديها ورجعت لها لقيت (منصور) موجود و هي ماسكة الخنجر ، حاولت انا و (منصور) نهديها بس زعلت منا و طردتنا.
استوقفها (حسام) قائلا
- الأحداث دي حصلت يوم الأثنين و هي ماتت يوم الخميس، صح؟
- مضبوط.
- كملي.
- بعد شوية سمعت صوت عالي وخناقة بين (كامل) و مدام (فاتن)، كانت بتزعق له و هي بتقول له انت ازاي عملت كده؟ انا قلت لك كل حاجة الا ده و هو بيقول لها انا قلت لك اني محتاج فلوس و انت اللي رفضتي ، و هي ردت عليه بغضب انا هقتلك يا (كامل) ، هقتلك بايدي دي ، بعد كده زقها و خرج لكن بعد شوية دخلت المكتب و لقيتها ماسكة الخنجر و عينها مليانة غضب و كراهية فعرفت انها هتقتله بالخنجر و ده اللي حصل.
ثم فجأة بدأت تضحك بصوت عالي قائلة :
- ستي رجعت، رجعت و انتقمت من اللي قتلها.
- الموتى لا يبعثون الا يوم القيامة.
كان هذا اخر ماقاله (حسام) قبل ان يغادر ثم تذكر شيئا فعاد اليها قائلا :
- سؤال اخير، أنت قرأت الورقة اللي كانت في ايد مدام (فاتن) بنفسك؟
- لا، بس هو اللي ممكن يخلي واحدة تنهار كده غير ان جوزها يتجوزعليها.
غادر (حسام) و هو يقول لنفسه :
- لو فضلت كده القضية دي هتتسجل في الآخر ضد شبح.
****************
وقف (حسام) في الحديقة الخارجية للمنزل امام النافذة الخارجية للمكتب وهو يفكر بعمق قائلا لنفسه:
- مخي عاجز انه يوصل لحل منطقي للقضية دي ، الحل الوحيد قدامي هو الشباك ، يا ترى ايه الخدعة اللي ممكن يكون استعملها القاتل علشان يدخل من غير الكاميرات ماتصوره ، و حتى لو قلنا ان القاتل دخل من الشباك طب و الجثة اتنقلت ازاي.
ثم نظر الى اعلى قائلا لنفسه :
- غرفة (كامل) فوق المكتب على طول و شباكها فوق شباك غرفة المكتب على طول ، ياترى ده له معنى؟ الخدعة الوحيدة اللي ممكن تفسر الغموض ده هو انه يكون منفذ في ارضية غرفة نومه استعملها.
ثم هز رأسه في قوة قائلا :
- ايه اللي انا بقوله ده ، بدأت أفكر في أفكار غبية.
ثم فجاة سمع صوت من خلفه يقول :
- ارفع ايدك فوق.
التفت بسرعة الى الخلف ليجد ان الواقف خلفه (سميرة) و قد أضافت بصوت ضاحك :
- فاجأتك، مش كده.
لم تكن مفاجأة (حسام) من تواجدها المباغت خلفه بل من شكلها الذي تغير كليا حتى انه قال غير مصدقا :
- آنسة (سميرة) ، انا معرفتكيش.
كان (حسام) محقا قي دهشته لأن (سميرة) بالفعل كان شكلها من حيث المكياج و تسريحة شعرها و ملابسها، كان كل شيء فيها تقريبا تغير من البساطة الى النقيض تماما.
لكن (سميرة) كان ردها مقنع بأن قالت في بساطة :
- ده طبيعي ، (سميرة) البنت البسيطة اللي حياتها بين المطبخ و الإهتمام بالبيت لازم تكون غير (سميرة) سيدة الأعمال ، بس انت واقف هنا بتعمل ايه؟
- بحاول اوصل لحل لكل الغموض ده.
ضحكت (سميرة) قائلة
- بتحاول توصل لحل و لا بتفكر ازاي تتسلل للبيت؟
ضحك (حسام) و كاد يعقب على كلامها لكنه توقف فجأة و اتسعت عيناه و هو ينظر الى نافذة غرفة (كامل) و نافذة المكتب و بدا كأنه يفكر قبل أن يقول لنفسه :
- معقول كان بيفكر في كده؟ بس ده التفسير الوحيد للحبل مع الخطاف اللي فيه و المسدس.
اقتربت منه (سميرة) قائلة :
- انت بتقول حاجة؟
- لا ابدا ولا حاجة ، بس انت رجعت بدري ، من كلام (فريدة) انا فهمت انك هتتاخر.
- دي عادتي اللي لا يمكن تتغير ، لازم اكون في البيت قبل الساعة تسعة بليل.
- انت اتعشيت بره مش كده؟
- ايوه و قبل ما تسأل مع مين اقولك مع (أحمد) ، الشاب اللي قالت لكم عليه.
- بس انا مسألتكيش مع مين.
- بس انا عايزاك تعرف علشان تجمع بعض المعلومات عنه.
- أنت بتشكي في حاجة؟
- لا بس لازم اعرف كل حاجة عن الرجل اللي هرتبط به.
- يعني قررت خلاص.
- ايوه و عموما الورقة دي فيها كل البيانات عنه.
قالت ذلك و هي تفتح حقيبتها التي لاحظ (حسام) انها بها بعض المجلات الفنية فسألها :
- الظاهر انك بقيت مهتمة بالفن؟
- قصدك علشان المجلات؟ ده كانت آخر حاجة بابا بيقراها قبل ما يموت في غرفته الخاصة.
ثم ناولته تلك المجلات التي كانت عن اشهر الفنانين و اخبارهم و الجوائز التي ينالها الممثلون عن افضل و اسوأ ممثل.
اعاد اليها (حسام) المجلات مرة اخرى و لم ينتبه (حسام) الى الورقة العالقة بالمجلة الا بعد أن سقطت على الارض فتناولها من الارض و لمحها (حسام) بسرعة و هو يعطيها ل(سميرة) حيث كانت عبارة عن ايصال بسحب مبلغ مالي لكن لم يستطع ان يعرف قيمة المبلغ لأن (سميرة) اختطفت منه الورقة في سرعة قائلة :
- شكرا.
ثم اعادتها سريعا الى حقيبتها قبل ان تعطيه ورقة اخرى مع صورته قائلة :
- دي كل بياناته.
فتحها حسام و قرأ المكتوب (أحمد محمد فايز – محاسب) ونظر الى الصورة متأملا صورته في صمت وعقبت قائلة :
- قال لي انه كان شغال في شركة محاسبة في المعادي اسمها موجود عندك في الورقة ، بس هو سابها من فترة.
- انتم اتعرفتم على بعض ازاي؟
- كنت بتغدى في مطعم و هو كان هناك بقدم علشان عايزين موظفين و كان فاكر ان انا صاحبة المطعم و قعد معايا علشان يعرفني بنفسه بس لما عرف اني مش صاحبة المطعم قال لي طب و ايه المشكلة ، كفاية ان انا قاعد مع اجمل بنت في المكان ، و بدأ التعارف بينا لحد دلوقتي.
- و هو دلوقت شغال فين؟
- لسه مشتغلش في مكان بس انا ناوية اخليه يشتغل عندنا في المجموعة.
وضع (حسام) الورقة في جيبه قائلا :
- اطمني ، خلال ٣ أيام هيكون عندك كل المعلومات اللي انت عايزها باذن الله ، بس عايز اسألك عن حاجة ، الأسماء اللي موجودة على موبايل والدك ، كنت عايز اخد منها نسخة؟
- مفيش مشكلة.
ثم فتحت حقيبتها و اخرجت هاتف والدها المحمول و اعطته له قائلة :
- ده موبايل بابا ، ممكن تخليه معاك ، انا خدت الشريحة بس نسخت كل الأسماء اللي عليه على ذاكرة التليفون نفسه.
اخذ الهاتف منها قائلا :
- شكرا.
ثم دخل معها الى المنزل و لاحظ وجود جرح على يدها فسألها قائلا :
- مال ايدك؟
- امبارح اجرحت و حطيت بلاستر عليها امبارح و شلته النهاردة.
في تلك اللحظة جاءت (فريدة) و قد سمعت ما قالته اختها فقالت لها في ضيق :
- كان المفروض تسيبي البلاستر لحد الجرح ما يلتئم.
- لقيت ان مفيش داعي له اكتر من كده.
ثم اضافت بلهجة حالمة :
- و اجمل حاجة ان هو اللي شال البلاستر بنفسه بعد ما مسك ايدي و اطمن علي.
- قصدك (أحمد)؟
- ايوه.
ثم بحثت في حقيبتها حتى اخرجت ظرف شفاف صغير به قطعة بلاستر قائلة :
- ده البلاستر اللي كان على ايدي ، بعد ما هو شاله بنفسه خليته يسيبه هنا في الظرف ده علشان تبقى ذكرى لأول مرة مسك فيها ايدي.
ضحك (حسام) بصوت عالي قائلا :
- ده ايه الرومانسية دي كلها.
نظرت اليه (سميرة) قائلة :
- بس للأسف الحلو ما يكملش، عنده وسواس النظافة بشكل كبير، تخيل ان دايما بيلبس جوانتي ، النهاردة اول مرة اشوف ايده من غير جوانتي.
في تلك اللحظة جاء (منصور) قائلا :
- العشاء جاهز.
نظرت (سميرة) حولها قائلة :
- فين الباقي؟
اجابت (فريدة) في ضيق :
- (عاصم) و (رباب) راحوا يتعشوا بره ، و عمي (جلال) جاله تليفون و استأذن و مشي ، مفيش حد موجود غير انا و (حسام) بس.
لكن (حسام) تدخل قائلا :
- ٱنسة (فريدة) ، في حد دخل غرفة نوم (كامل) بيه بعد وفاته؟
هزت (فريدة) راسها نافية قائلة :
- الغرفة من ساعتها وهي مقفولة.
- وبالنسبة للحبل و المسدس لسه موجودين؟
- الحبل بس هو اللي موجود لكن المسدس مع البوليس.
- عظيم، اسمحي لي اطلع فوق ، عايز اشوفها مرة تانية.
- مفيش مشكلة.
ثم نادت على (منصور) الذي جاء اليها فقالت له :
- افتح باب غرفة نوم بابا للأستاذ (حسام) ، وقول لهم يجهزوا السفرة علشان اول ما ينزل أستاذ (حسام) هنتعشى على طول.
هز (منصور) رأسه في صمت و ذهب ليحضر المفتاح و تابعته (سميرة) ببصرها قائلة :
- عم (منصور) اتغير خالص بعد موت والدي.
بينما اقتربت (فريدة) من (حسام) و قالت له هامسة :
- انا عايزة اقول لك حاجة بعد متخلص.
- وانا كمان عايز منك حاجة.
ثم جاء (منصور) بالمفتاح وقال ل(حسام) :
- اتفضل معايا.
اخذت (سميرة) حقيبتها و قالت لهم :
- اطلع انا علشان بكره الصبح عندي شغل، تصبحوا على خير.
و صعد منصور و خلفه (حسام) و تجاوره (سميرة) ، و مالت (سميرة) على اذن (حسام) قائلة له :
- انت لسه عندك أمل أنك تعرف مين اللي عمل كده.
- انا لسه بحقق في القضية، بدري اوي الأستسلام دلوقتي.
- بس انا اعرف القاتل.
توقف (حسام) فجأة و قال في حدة :
- عارفة القاتل؟ مين؟
كان الأثنان قد وصلا الى اخر درجات السلم حيث أجابته قائلة :
- ماما طبعا هي اللي قتلته، شبحها رجع و انتقم لها.
ثم انصرفت وقد تركته واقفا مشدوها مكانه حتى نادى عليه (منصور) قائلا :
- أستاذ (حسام) ، الباب مفتوح.
تحرك (حسام) قائلا لنفسه :
- القاتل نجح بفعل في ترسيخ فكرة الشبح فيهم.
هل فعلا قتل شبح (فاتن) (كامل)؟..و الذي اكتشفه (حسام) من الحيل و الخطاف؟..الغاز و اسئلة عديدة على (حسام) ان يكتشفها..فترقبوا
الفصل الرابع عشر
مكث (حسام) تقريبا عشر دقائق في الغرفة قبل أن ينزل الى الأسفل حيث جلس يتناول العشاء مع (فريدة) التي قالت له :
- امبارح دخلت على عم (منصور)، لقيته قاعد بببكي بحرقة وبيقول لنفسه :
(سامحيني يا مدام، سامحيني، انا عارف اني استاهل اموت).
ولما انتبه لي سكت فجأة، حاولت اسأله عن معنى اللي بيقوله ده سكت و رفض يتكلم.
- عم (منصور) ده وراه سر و لازم نعرفه.
- عندك حق.
ثم اضافت قائلة :
- كنت قلت انك عايز مني حاجة ، ايه هي؟
- في الحقيقة اكتر من حاجة ، اول حاجة عايز اخد نسخة من تسجيلات الكاميرات اللي هنا.
- توقعت انك هتطلبها علشان كده جهزتها لك على فلاشة.
ثم مدت يدها الى جيبها و اخرجت فلاشة قائلة له :
- الفلاشة دي فيها كل حاجة اتصورت في اليوم اللي مات فيه بابا.
- عظيم ، تاني حاجة انت شفتي (أحمد) صديق الآنسة (فريدة) قبل كده.
- و لا مرة ، كل مرة تحاول تعزمه انه يجي هنا يرفض ، حتى لما اقترحت عليها ان احنا نتقابل بره علشان اتعرف عليه رفض.
- معنى كدة ان ماحدش شافه خالص.
- مفيش حد غير (سميرة) بس انا معايا صورته.
ثم اخرجت هاتفها المحمول وعرضت صورة ل(أحمد) و(سميرة) في احد المطاعم، فقال لها :
- انا معايا برده صورة له بس كنت عايز اعرف منك عنه معلومات اكتر.
- بس انت ليه بتسأل عنه كتير كده؟
- اختك عايزه تعرف عنه كل حاجة قبل الارتباط به.
- فهمت، بس ده ملوش علاقة بالقضية بتاعتنا.
- عندك حق، بس الفضول خلاني عايز اعرف اي حاجة عنه.
ثم تراجع في مقعده قائلا :
- انا عرفت ان الخنجر مكتوب باسمك، صح؟
- فعلا، ماما كتبته باسمي قبل ما تموت.
- ممكن اعرف ايه السبب؟
تنهدت (فريدة) قبل ان تقول :
- الخنجر ده كان غالي جدا على ماما، تقدر تقول انه رمز لعائلة (نافع) ، العائلة اللي بتنتمي لها ماما ، وكانت بتحبه كأنه واحد من عيالها ، بس بابا كان شايف غير كده ، كان عايز يبيع الخنجر و خاصة انه جاله سعر اعلى من قيمته بخمس مرات من واحد بيحب جمع التحف ، بس برده ماما كانت بترفض دايما لحد قبل ما تموت بحوالي اربع شهور قررت انها تكتب باسمي كأنها كان عندها احساس ان نهايتها قربت.
- بس برده ليه باسمك انتي؟ ليه مش باسم (سميرة) مثلا؟
- (سميرة) كانت ضعيفة قدام بابا و كانت هتوافق على انها تبيعه.
- هو الخنجر ده ما بيطلعش بره البيت خالص؟
- بنطلعه كل تلات شهور لخبير المجوهرات اللي احنا بتتعامل معاه علشان فيه لآليء و احجار كريمة تانية معينة عايزة اهتمام من شخص محترف و كمان بيراجع حالة الخنجر بشكل عام.
- امتى آخر مرة خرج؟
- كان المفروض هيخرج في اليوم اللي مات فيه بابا.
- و طبعا كل اللي هنا عارف انه هيخرج.
- اكيد طبعا ، بس انت بتسأل ليه؟
تنهد قائلا :
- فكرت في حاجة ممكن تفسر بصمات والدتك بس طلعت فكرة غبية.
ثم صمت قليلا قبل ان يقول :
- سؤال اخير ممكن ميكونش له علاقة بالقضية دي ، كنت عايز اشوف الدهب اللي موجود هنا سواء كان عندك او اختك او حتى والدتك.
تراجعت في دهشة قائلة :
- و ده هيفيدك في ايه؟
- هتعرفي السبب بعدين ، بس خليني اشوف اللي انا عايزه دلوقتي بعد كده اقولك.
غابت (فريدة) لدقائق قبل أن تعود معها صندوقين و جلست امامه قائلة :
- دول الصندوقين اللي موجودين في البيت.
ثم اشارت للصندوق الاكبر قائلة :
- الصندوق ده فيه الدهب بتاعي انا و ماما و (سميرة).
تناول (حسام) الصندوق و تأمله بتركيز قائلا :
- القفل بتاعه مميز و واضح انه من النوع الغالي و مفتكرش فيه زيه كتير.
ثم نظر اليها قائلا :
- مفتاح الصندوق معاك؟
- اتفضل.
اخذ منها المفتاح قائلا :
- و المفتاح كمان نوعه مميز مستحيل تقليده.
ثم فتح الصندوق و تأمله بامعان قبل ان يغلقه قائلا :
- مش ده.
نظرت اليه (فريدة) في دهشة قائلة :
- انت بتقول ايه.
لكن (حسام) لم يجبها بل فحص الصندوق الآخر بتمعن قبل ان يقول :
- قفله عادي و سهل يتفتح و مفتاحه عادي ممكن يتعمل عليه نسخة.
ثم فتح الصندوق و فحصه قبل ان يبتسم بانتصار قائلا :
- زي ما توقعت.
قالت (فريدة) في نفاذ صبر :
- توقعت ايه بالضبط؟
لكن (حسام) واصل تجاهلها وسألها :
- ايه قصة الصندوق ده؟
كانت (فريدة) تشعر بالضيق من تجاهله المستمر لها لكنها أجابت :
- الصندوق ده بابا كان محتفظ به في الدولاب و كان رافض يتكلم عنه و مرة واحدة بس فتحه.
- يعني متعرفيش حاجة عنه او والدك جايبه من مين؟
- ولا اي حاجة اكتر من اللي قلته لك.
أطرق (حسام) برأسه مفكرا قبل ان يقول :
- فواتير الدهب ده معاك؟
- الدهب اللي في الصندوق الكبير بس اما الصندوق التاني لأ.
قال (حسام) لنفسه
- ياترى فين؟
صمت للحظات ثم قلب الصندوق رأسا على عقب و افرغ محتويات الصندوق كله على الطاولة التي امامه و فحص الصندوق من الداخل و فجأة تجمد في مكانه قبل ان يأخذ سكينا من على الطاولة و اخذ يعبث داخل الصندوق حتى ابتسم في سعادة بعد أن شق بطانة الصندوق واخرج منه ورقة مطوية بعناية و فتحها و أخذ يقرأها في عناية قبل ان يقول :
- كده كل حاجة وضحت.
قالت (فريدة) في غضب :
- طب ممكن بقى تفهمني و لا ناوي تسيبني كده زي الحمار.
ابتسم (حسام) قائلا في لهجة اعتذار :
- انا اسف بس كان لازم الأول اوصل للحل قبل ما اتكلم.
- عظيم، ممكن تتكلم بقى.
- هتكلم بس بشرط.
- شرط ايه؟
- الورقة اللي انا لقيتها جوه الصندوق ماتسأليش عنها دلوقتي.
- ايه السبب؟
- هقولك بعدين، المهم موافقة على شرطي.
- اتفضل قول.
شرح لها (حسام) كل شيء حتى انتهى من شرحه فقالت في ذهول :
- مستحيل، معقول كل ده كان بيحصل.
- هتتأكد لما تجيبي خبير الدهب و يشوف الدهب اللي هنا.
ثم نهض قائلا :
- اسمحي لي امشي علشان الوقت اتأخر.
وعندما وصل (حسام) الى بيته اخرج الورقة المكتوب بها الأسئلة السبعة و وضع دائرة على سؤال المسدس و الحبل و سؤال الورق المحترق على مكتب (كامل) قائلا لنفسه :
- كده انا عرفت اجابة سؤالين من الأسئلة السبعة، بس الباقي اهم.
****************
بالرغم من أن (حسام) على قناعة تامة انه لن يستطيع الوصول الى الكثير من الأسماء الموجودة على هاتف (كامل) لأن الشرطة بالتأكيد قد جمعت كل المعلومات اللازمة عنهم، لكم كان (حسام) يربد ان يعرف ماذا كان يسمي (كامل) كل شخص على هاتفه و هل كان يعطي كل شخص اسم او لقب معين.
كان هذا مؤشر قوي ل(حسام) ليعرف رأي (كامل) في المحيطين به و بالفعل كان كامل يسجل اسماء معينة بالقاب فمثلا كان لقب (عاصم) على الهاتف الجبان و لقب (جمال) دراعي اليمين و (سمير) يلقبه بأسوأ ممثل و (منصور) سجله باسم ابو محمد.
قال (حسام) لنفسه :
- واضح ان (جمال) شخص موثوق فيه عند (كامل)، و (عاصم) شخص ضعيف الشخصية و (سمير) شايفه ممثل فاشل ، بس الغريب (منصور) ، هو الوحيد اللي سماه بابو محمد بدون أي لقب ، ياترى ده له معنى؟
ثم سمع صوت طرقات على الباب فقال :
- ادخل يا (علاء).
دخل (علاء) قائلا ل(حسام) :
- واضح انك مشغول دلوقتي.
اشار له (حسام) بالجلوس قائلا :
- بحاول اوصل لحل للجريمة دي ، بس مفيش جديد قادر اوصل له.
لاحظ (علاء) ان اللاب توب الخاص به مفتوح امامه فسأله :
- أنت لسه بتشوف تسجيل الكاميرات؟
- مفيش حاجة بعملها غير ان انا بشوف تسجيل الكاميرات و افحص تليفونه.
نهض (علاء) و جلس على مقعد بجواره قائلا :
- مفيش اي حاجة عرفت توصلها من الكاميرات دي؟
- نفس المشهد كل مرة ، (كامل) بيطلع الساعة واحدة ، بعد كده بينزل الساعة اتنين و وراه بينزل الاتنين اللي شايلين التابوت ، و الساعة اربعة بيطلع تاني لغرفته، حفظت الفيديو من كتر ما شفته، ممكن اقولك فيه كام كرسي موجود و شكل السجاد حتى الحيطة حفظت كل اللي فيها من اول مفتاح النور و اللوحة المتعلقة و ساعة الحيطة ، بس مقدرتش اوصل لأي حاجة.
ثم صمت للحظات قبل أن يقول :
- بس عارف، المشكلة في ايه؟ ان فيه حاجة مش طبيعية قدامي مش عارف افسرها ، حاجة مش منطقية.
- حاجة زي ايه؟
تراجع (حسام) في كرسيه قائلا :
- مفتاح النور اللي على الحيطة كان واضح لما (كامل) عدى قدامه الساعة واحدة ، مش واضح لما (كامل) عدى قدامه وهو نازل الساعة اتنين و طلع الساعة اربعة؟
- و ايه اصلا اهمية المفتاح ده ، متخليش مخك يتشتت بتفاصيل جانبية.
- يمكن.
ثم نظر (حسام) اليه قائلا :
- عملت ايه في التحريات اللي طلبتها منك عن (أحمد)؟ امبارح قابلت (سميرة) بالصدفة في كافتريا المول التجاري اللي احنا بنروحه على طول و سألتني اذا كنت وصلت لحاجة.
- مش عارف اوصل لحاجة واضحة اقول لك عليها ، الحاجة الوحيدة اللي انا متأكد منها انه ساكن في العنوان اللي انت قلت لي عليه.
- للدرجة دي؟
- حتى الشركة اللي انت قلت لي عليها مبقاش لها وجود من شهرين تقريبا ، المشكلة انه ملوش اي علاقات بحد خالص.
- كنت اتمنى اساعدك اكتر من كده بس حتى امبارح معرفتش اقابله مع انه كان معاها ، بس ساعة ما جيت الكافتريا كان هو في الحمام ، و مع اني فضلت مستنيه كتير بس مجاش و بعت رسالة ل سميرة انه اضطر يمشي علشان ظرف شخصي.
- و (سميرة) مشيت معاك؟
- فضلت قاعدة علشان تتسوق ، المشكلة اني بعد كده لقيتها بتكلمني و بتقول لي ان (أحمد) ده رجع تاني بس مشيوا على طول.
قبل ان يسأله (علاء) سمع الأثنان صوت طرقات على باب الشقة الخارجي فنهض (علاء) قائلا :
- أكيد ده (فتحي) ، تلاقيه جاب الطلبات اللي قلته عليها ، اخيرا هناكل اكل بيتي محترم.
- قلت لك متتعبش نفسك ، انا متعود على الاكل الجاهز.
- خلينا نغير المرة دي و ناكل حاجة كويسة.
ثم تركه و ذهب ليفتح الباب، ثم عاد اليه بعد لحظات و قال ل(حسام) و هو يضحك :
- عندي لك مفاجأة.
ثم نادى على شخص وقف خارجا قائلا :
- ادخل.
فدخل شخص مصبوغ شعره بالأصفر، و لحيته شكلها غريب ، و يرتدي حذاء غريب بكعب عالي و نظارة شكلها مضحك مما دفع (حسام) ليسأل (علاء) :
- مين ده يا (علاء)؟
- ده (فتحي) ، بتاع الديليفري.
قال (حسام) بدهشة
- (فتحي) ، مستحيل...ايه اللي عمل فيك كده؟
ابتسم (فتحي) ابتسامة اظهرت اسنانه الصفراء نتيجة التدخين قائلا :
- نيولوك يا باشا.
كان (علاء) مازال يضحك و هو يقول :
- المشكلة ان انا لسه شايفه امبارح و كان شكله عادي.
تراجع (حسام) في مقعده و هو يبتسم قائلا
- بس النيولوك باين حتى في الطول، (فتحي) اقصر منك يا علاء شوية، بس دلوقت بقى العكس.
ابتسم (علاء) قائلا :
- ده طبيعي، انت مش شايف الجزمة العجيبة اللي لابسها كعبها شكله ازاي.
ضحك (حسام ) وكاد ان يعلق لكنه فجأة توقف و اتسعت عيناه على آخرهما و بدا كأن كل التحقيقات و المعلومات امام عينيه كشريط سينمائي. كل الاسئلة و الأدلة التي ظهرت استرجاعها في عقله.
المسدس
الحبل ذو الخطاف
لماذا لم يركب كامل كاميرات في غرفة المكتب
الورق المحترق على المكتب
بصمات الزوجة المتوفاة على الخنجر
كيف دخل القاتل و القتيل
هوية القاتل
كان (حسام) متجمد في مكانه تماما و عيناه مازالتا متسعتان قبل ان يقول :
- مستحيل، معقول يكون ده اللي حصل.
نظر اليه (فتحي) في حيرة و هو لا يفهم شيء بينما ابتسم (علاء) قائلا :
- كده يبقى فيه جديد.
ثم جذب (فتحي) من يده خارجا بينما كان (حسام) يحدق في التسجيل قائلا :
- اخيرا عرفت ازاي القاتل دخل و ازاي كمان جثة (كامل) اتنقلت و الاهم كمان عرفت مين القاتل.
في تلك اللحظة دخل (علاء) و قد كان شاحب الوجه بشدة قائلا ل(حسام) :
- فين موبايلك؟
التفت حوله الى ان وجده قائلا :
- فصل شحن و نسيت اشحنه ، بتسأل عليه ليه؟
ناوله (علاء) هاتفه المحمول قبل ان يقول :
- روح بسرعة لبيت (احمد) ، المستشار (جلال) عايزك هناك بسرعة.
- ايه اللي حصل؟
- (سميرة) لقوها مقتولة هناك.
مفاجأة اخرى صادمة ل(حسام) في نهاية الفصل بموت (سميرة) في شقة (احمد)؟..فهل قاتلها هو من الشخص نفسه الذي قتل (كامل)؟..و هل حقا نجح (حسام) في اجابة الاسئلة السبعه؟..الاحداث تقترب نهايتها و ذروتها فترقبوا
الفصل الخامس عشر
كان (أيمن) يشعر بالتوتر البالغ ببنما كان (حسام) يتأمل الجثة و هو يشعر بحزن و غضب و هو يستمع الى البواب الذي كان يرتجف وهو يحكي ما حدث قائلا :
- حوالي الساعة عشرة الصبح لقيت الآنسة دي جت ، وكان شكلها كده متسربعة و مستعجلة ، انا كنت شفتها قبل كده اكتر من مرة بتزور استاذ (احمد) في بيته بس هو كان دايما بيكون سايب لي خبر بس المرة دي معرفنيش انها جاية ده غير انها جت بدري عن كل مرة ، المهم سيبتها تدخل بس بعد نص ساعة لقيت استاذ (احمد) نازل و معاه شنطة صغيرة و قال لي انه شوية و جاي، بس لما لقيت انه عدى ساعة تقريبا و محدش جه وكمان محصل الكهرباء خبط على الباب و محدش رد قررت اطلع بنفسي و انا معايا مفناح احتياطي لكل شقة في العمارة لأن كل الشقق هنا بتتأجر مفروش ، وفعلا خبط الباب اكتر من مرة بس محدش فتح ففتحت الباب و لقيتها ميتة كده.
قال (ايمن) في غضب :
- الحقير، عرف ازاي يخدعها.
ثم نظر الى البواب قائلا و هو يشير الى احد مساعديه :
- سلم صورة بطاقة (احمد) ده له و قول له تاني كل اللي انت قولته لي و امضي عليه.
لكن البواب لم يتحرك من مكانه مما جعل (ايمن) يهتف فيه في حدة قائلا :
- متتحرك، واقف ليه؟
ظهر على وجه البواب التردد قبل ان يقول :
- اصل يا بيه صورة البطاقة مش موجودة.
اقترب منه (ايمن) قائلا :
- يعني ايه مش موجودة؟ هو مش مأجر الشقة دي وفيه عقد؟
نظر اليه البواب في رعب قائلا :
- اصله يا بيه قال لي ان بطاقته ضايعة و انه بيطلع دلوقتي بدل فاقد.
- و ليه ماسألتوش عن اي اثبات شخصية؟
- قال لي ان حاجته كلها في البلد و ووعدني انه هيجيب صورة بطاقته آخر الأسبوع ده علشان نمضي العقد.
أمسك (أيمن) بملابسه قائلا في غضب عارم :
- يعني قعدته هنا كل ده من غير اي اثبات شخصية.
قال البواب في رعب :
- انا آسف يا باشا، لو كنت اعرف ان كل ده هيحصل كنت.....
قاطعه (أيمن) في غضب :
- كنت زودت العمولة اللي زغلل عينك بها ، صح؟
ثم نظر الى مساعده صائحا فيه :
- (مسعد) ، خد الواد ده و قرره و بعد كده ارميه في الحجز لحد ماشوف هنعمل معاه ايه.
نفذ (مسعد) الأمر بالفعل بينما اتجه الى (حسام) الذي كان يجري مكالمة هاتفية مع شخص ما و انتظره الى ان انهى المكالمة ثم سأله في ضيق :
- كنت بتكلم مين؟
- (علاء) ، طلبت منه حاجة هببعتها لي على الموبايل.
- ايه الأخبار يا حضرة المتحري، وصلت لحاجة؟
- اكتر من حاجة.
ثم بدأ يعد على أصابع يده قائلا
- أولا كانت (سميرة) كان معاها ٣ مجلات بس دلوقتي معاها مجلتين بس.
نظر الى حقيبتها و وجد بالفعل مجلتين فقط قبل ان يقول :
- معاك حق ، بس ده ايه معناه؟
ابتسم (حسام) و أكمل حديثه دون أن يجيبه قائلا :
- ثانيا (سميرة) ماتت بخبطة الزهرية على راسها من ورا و الأتجاه اللي كانت ماشية فيه ناحية باب الشقة.
- عايز تقول ايه؟
- عايز اقول ان الجريمة دي وليدة اللحظة و ماكنش متخطط لها، و لو استخدمت خيالك ممكن تتخيل اللي حصل.
- اتخيل؟
- تتخيل ان (سميرة) جت هنا علشان تتكلم مع (أحمد) في حاجة ، لكنها شافت حاجة معينة خوفتها ، حاجة خليتها تهرب قبل ما يقتلها.
- حاجة زي ايه؟
مرة أخرى تجاهل (حسام) الأجابة قائلا :
- الحاجة التالتة هو لسان (سميرة) ، نفس شكل لسان والدها لما مات.
اقترب (ايمن) من الجثة قائلا :
- معاك حق.
ثم التفت الى (حسام) قائلا :
- بس أنت قلت ان دي رسالة وفاة ، و حسب كلامك ان القاتل من جوه البيت و (أحمد) اصلا ماكنش في الصورة.
ثم عقد حاجبيه في تساؤل قائلا :
- يعني ايه؟ احنا كنا غلط طول الوقت ده و (أحمد) ده هو اللي قتل (كامل) و (سميرة)؟ بس ازاي؟
ثم أضاف في حدة :
- متتكلم يا (حسام) ، يعني ايه كل الغموض ده؟
قبل أن يتكلم (حسام) دخل احد مساعدي (أيمن) قائلا له :
- فيه اتنين بره عايزين يدخلوا يافندم.
- مين؟
- اخت القتيلة اسمها (فريدة) و معاها واحد اسمه (جمال).
أشار (أيمن) بيده خارجا قائلا :
- دخلهم غرفة الصالون و انا جاي.
ثم نظر الى (حسام) مرة اخرى قائلا :
- مش ناوي تقول لي انت وصلت اليه بالضبط؟
لكن (حسام) نظر حوله و قال :
- فين المستشار (جلال)؟ انا توقعت انه موجود هنا؟
- معنديش فكرة أنا بلغته بالتليفون اللي حصل و بعد كده جيت على طول.
- طب تعالى نقابل (فريدة) و (جمال) و بعدين نكمل كلامنا.
ادرك (أيمن) ان (حسام) لن يبوح بما يدور في ذهنه الآن و خاصة أن (أيمن) يعرف جيدا أن (حسام) عنيد جدا و طالما قرر أن لا يتكلم الآن فهو لن يتكلم.
لذلك و رغم انه يشعر بغيظ شديد نحو (حسام) الا انه رضخ لطلبه و ذهب معه الى حيث تنتظره (فريدة) التي كانت في حالة انهيار و (جمال) يحاول ان يخفف عنها دون جدوى ، و بدأ (أيمن) الكلام قائلا :
- البقاء لله، أنا عارف أن الظرف صعب بس كنت محتاج اتكلم معاكم شوية.
نهض (جمال) قائلا له :
- و احنا مستعدين نساعد حضرتك ، بس هو فعلا (أحمد) ده هو اللي قتلها؟
- في الغالب هو و خاصة ان احنا مش لاقيين له اي اثر.
تدخل (حسام) قائلا
- استاذ (جمال) ، حضرتك النهاردة شفت الآنسة (سميرة)؟
هز رأسه بالإيجاب قائلا :
- شفتها النهاردة في الشركة قبل ما تنزل على طول.
- كانت حالتها عاملة ايه؟
- بمناسبة كلامك ده، كانت حالتها مش عادية ، كانت نازلة متسربعة و مستعجلة ، و لما سألتها مالها قالت انها عرفت الحقيقة و فهمت كل حاجة.
قال (ايمن) في دهشة :
- فهمت كل حاجة، يعني ايه؟
و في تلك اللحظة رن هاتف (حسام) بنغمة رسالة ففتح (حسام) هاتفه و تراجع قليلا و قرأ الرسالة في تركيز شديد بينما قال (جمال) :
- مش عارف، ده بس اللي قالته.
قالت (فريدة) وسط دموعها :
- اكيد وصلت لحاجة بخصوص قضية موت بابا؟
قال (أيمن) بعصبية واضحة :
- حاجة ايه؟ (أحمد) ده ظهر في حياتها بعد موت ابوها ، يبقى ايه علاقته؟
كان (حسام) مازال يقرأ الرسالة و قد ظهرت على وجهه ابتسامة و هو يقول في ارتياح لنفسه :
- الحمد لله.
ثم اقترب من الجميع قائلا :
- السؤال دلوقتي هو ايه اللي وصلت له و ليه رفضت تتكلم مع اي حد في الشركة ، و بالتحديد ليه متكلمتش مع أختها في حاجة تخص موت ابوها؟
نظرت اليه (فريدة) بحدة قائلة :
- قصدك ايه؟
نظر اليها (حسام) ببرود قائلا :
- قصدي ان الطبيعي ان حضرتك أول واحدة المفروض تقول لها بعد ما تعرف ، لكن لما تخبي على حضرتك و تختار تتكلم مع (أحمد) فده مالوش غير معنى واحد بس.
ثم اقترب خطوة منها قائلا :
- ان حضرتك لك يد في اللي حصل لوالدك أو أنك قتلتيه بنفسك.
نهضت (فريدة) من مقعدها قائلة في غير تصديق :
- أنت بجد مصدق اني عملت كده ، أنا اقتل بابا.
هز (حسام) كتفيه قائلا في هدوء
- ليه لأ؟ عرفتي ان والدك كتب ثروته باسم أختك، فقررت تقتليه و بعد كده تقتلي أختك و بكده تبقي فزت بالثروة كلها.
اتسعت عينا (فريدة) غير مصدقة قائلة :
- محصلش ، مفيش حاجة من اللي بتقوله ده حصل.
لكن (حسام) واصل حديثه وهو ينظر الى (جمال) قائلا :
- و الظاهر مش أنا لوحدي اللي وصلت للأستنتاج ده ، أستاذ (جمال) كمان وصل لنفس اللي انا وصلت له علشان كده قرر يقدم استقالته.
نظر اليه (جمال) في غضب قائلا :
- ملكش دعوة أنا قدمت استقالتي ليه.
ابتسم (حسام) بسخرية قائلا :
- يبقى أكيد كنت شريكها.
اقترب منه (جمال) و كاد ان يتشاجر معه قائلا :
- انت....
لكن (فريدة) تدخلت في سرعة لفض الاشتباك قائلة :
- اعقل يا (جمال) ، بلاش تهور.
ثم ابعدته قبل ان تلتفت الى (أيمن) قائلة :
- احنا هنمشي يا فندم دلوقتي، و لما تحب تاخد اقوالنا ياريت البني آدم ده ميبقاش موجود.
قالت هذا و هي تنظر الى (حسام) بغضب قبل أن تغادر برفقة (جمال) لكنها توقفت فجأة كأنها تذكرت شيئا هاما فالتفت الى (حسام) قائلة :
- بالمناسبة ، ياريت تعتبر تكليفك بالقضية من اللحظة ده ملغي و أنا .....
لكن (حسام) قاطعها في صرامة :
- تكليفك ده ملوش معنى دلوقتي، انا هعمل في القضية سواء وافقت أو رفضت ، و أعتقد أنك فاكرة كويس كلامي لك، انا هكمل في القضية دي سواء وافقت أو رفضت.
نظرت اليه (فريدة) بغضب قبل أن تغادر المكان بصحبة (جمال) بينما كان (أيمن) يتابع ما حدث بصمت ثم التفت الى (حسام) قائلا :
- تفتكر فعلا (فريدة) هي اللي قتلت والدها؟
- الفكرة مش مين اللي قتل ، الفكرة ازاي الجريمة حصلت ، وايه علاقتها بالجريمة التانية؟
- جميل ، يا ترى انت وصلت لحاجة؟
- انت عارفني كويس ، لما اوصل للحل بشكل كامل هتعرفه.
- طب على الأقل شاركني باللي بيدور في دماغك ، اللوا (مراد) عايزني و لو مفيش معايا جديد ، مش بعيد يسحب مني القضية كلها.
تهلل وجه (حسام) فرحا قائلا :
- اللواء (مراد) ، هو عامل ايه؟ بقالي كتير مكلمتوش.
- كويس الحمد لله، و كل يوم بيسألني عملت ايه و أنا كل مرة اجابتي واحدة، مفيش جديد.
جلس (حسام) على احد المقاعد قائلا :
- تعرف انه دفعة والدي و يعتبر من أقرب أصدقائه
جلس (أيمن) أمامه قائلا له :
- انت بتتهرب من الأجابة و لا أنت فعلا مش عايز تساعدني؟
نظر اليه (حسام) بصمت قبل ان يقول بابتسامته الهادئة المعتادة :
- قول لي يا (أيمن) ، أنت لسه بتحتفل في نفس المطعم بعد كل قضية كبيرة بتخلصها؟
كان السؤال مباغتا و خارج الموضوع تماما لكن (أيمن) أجاب بنفاذ صبر :
- ايوه، لسه زي ما أنا.
- عظيم، احنا النهاردة الاتنين، صح؟
- عايز تقول ايه يا (حسام)؟
- بلغ اللوا (مراد) أن القضية دي هتتقفل بشكل نهائي يوم الخميس الجاي باذن الله.
نظر اليه (أيمن) بذهول غير مصدقا :
- أنت بتتكلم جد؟
- و اعمل حسابك ان احنا هنسهر يوم الخميس الجاي باذن الله.
ثم نهض قائلا :
- و على حسابك.
ثم تركه و انصرف لكن (أيمن) سارع باللحاق به قائلا :
- طب فهمني ازاي؟
لكن في هذه اللحظة دخل احد مساعدي (أيمن) قائلا :
- فيه واحد اسمه (سمير) بره عايز يقابل حضرتك يافندم.
التفت (حسام) الى (أيمن) قائلا :
- ده أكيد فاكر أن (فريدة) لسه هنا ، أنا هطلع اقابله وأنت خلص شغلك وبلغ اللواء (مراد) زي ما قلت لك.
ثم اسرع تاركا (أيمن) في حيرته.
****************
كان (سمير) يحاول جاهدا الدخول الى البناية لكن الشرطة كانت صارمة للغاية معه و منعته الى أن ظهر (حسام) فهرع اليه قائلا :
- أستاذ (حسام)، صحيح فعلا الآنسة (سميرة) ماتت مقتولة؟
- للأسف ايوه، بس انت عرفت منين؟
- (فريدة) بعتت رسالة لي على الموبايل و قالت لي عنوان (أحمد).
- (فريدة) مشيت من شوية ، بس انت كويس انك جيت علشان عايزك في حاجة مهمة.
- حاجة ايه؟
حكى له باختصار ما حدث في شقة (أحمد) و عقب (سمير) قائلا في دهشة :
- أنت بجد بتشك في (فريدة)؟
- مش مهم تعرف انا بشك في مين ، انا عايزك تساعدني في حاجة معينة؟
- حاجة ايه؟
- عايزك بكره تبعد (فريدة) عن البيت بأي شكل لأطول وقت ممكن.
- ليه؟
- هقولك بعدين ، المهم هتساعدني؟
- طب ليه أنا بالذات؟
- لأنك ببساطة آخر واحد محل شك ، أنت اكتر واحد اضرت من الجريمة و بالتالي أنت اكتر واحد ممكن أثق فيه.
تنهد (سمير) و هز رأسه موافقا قائلا :
- موافق ، المهم في الأخر توصل لحاجة.
ابتسم (حسام) قائلا :
- متخافش ، قربنا خلاص من خط النهاية.
هل حقا قتل (أحمد) (سميرة)؟..و هل لذلك علاقة بموت (كامل)؟.. و ما الذي يخفيه (حسام) عن (ايمن)؟..انتظروا القادم باذن الله تعالى
الفصل السادس عشر
كان (أيمن) يشعر بالتوتر البالغ و هو يجلس أمام اللواء (مراد) الذي كان يوقع بعض الأوراق قبل ان يبدأ حديثه معه، الذي كان يتوقع (أيمن) ان يكون توبيخ شديد له ربما يصل الى سحب القضية منه أو نقله حتى من الادارة.
و كان (مراد) رجل معروف بانضباطه الشديد و صرامته القوية و رغم هذا كان كل من في المكان يحبه و يحترمه بشدة بسبب تاريخه المشرف في حل القضايا الصعبة.
و رغم أن (أيمن) يعرف أن تكليفه بهذه القضية دلالة على مدى ثقته فيه و لكنه في المقابل يعرف أن فشله فيها يعني أن تلك الثقة سوف تقل أو ربما تتلاشى.
كانت كل تلك الخواطر تمر بخاطره الى أن نظر اليه (مراد) قائلا :
- ازيك يا (أيمن).
- الحمد لله يا فندم.
- عدى شهرين تقريبا من يوم ما كلفتك بالقضية و مفيش أي جديد.
ابتلع (أيمن) ريقه بصوت مسموع قائلا :
- أنا شغال يا فندم بس القضية مش صعبة و بس ، دي مستحيلة يا فندم ، و مفيش خرم ابرة قادر أوصل منه لحاجة ، القضية فيها كمية غموض اكتر من الغموض اللي في كل قضايا الأدارة.
خبط (مراد) سطح المكتب بقوة قائلا :
- أنا مليش دعوة بكل اللي أنت بتقوله ده، انا عايز نتائج، عايز اقفل القضية دي بأسرع وقت ممكن و الا هيكون لي تصرف تاني.
لكن (أيمن) حاول أن يدافع عن نفسه قائلا :
- أنا يا فندم مقصرتش ، و حضرتك بنفسك سلمت نسخة من الملف لأكتر من زميل هنا في الأدارة و كلهم وصلوا للنتيجة نفسها.
ثم تردد قبل أن يقول :
- باستثناء واحد بس.
نظر اليه (مراد) بتساؤل قائلا :
- واحد مين؟
- حضرتك فاكر الرائد (حسام أحمد رياض) اللي كان هنا و مشي، (حسام) دلوقتي فتح مكتب محاماة و....
لكن (مراد) قاطعه بسعادة قائلا :
- (حسام) ، طبعا فاكره، ده متربي مع بنتي و ابوه زي اخويا و اكتر كمان.
ثم عقد حاجبيه بتساؤل قائلا :
- بس (حسام) ايه علاقته بالقضية دي؟
- (حسام) صديق المستشار (جلال) اللي كان المحامي الشخصي للقتيل ، و (فريدة) بنت (كامل) هي اللي كلفته مش بصفته محامي ، بصفته متحري.
تراجع (مراد) في مقعده قائلا بابتسامة لنفسه :
- متحري؟ انت لسه يا (حسام) عايز تحقق حلمك القديم.
ثم قال ل(أيمن) :
- و (حسام) يا ترى قال لك ايه؟
- قال لي ان القضية دي هتتقفل بشكل كامل يوم الخميس الجاي باذن الله، و قال لي ابلغ حضرتك بكده.
- فهمت.
ثم رفع سماعة الهاتف و طلب رقم قائلا :
- اديني مساعد وزير الداخلية يا بني.
و بعد قليل قال :
- سيادة اللواء، عندي لك أخبار حلوة، ان شاء الله يوم الخميس الجاي قضية (كامل سليم) هتتقفل بشكل تام و نهائي.
ثم صمت قليلا قبل أن يقول :
- ان شاء الله يا فندم، ان شاء الله.
ثم اغلق الهاتف قبل أن يقول ل(أيمن) :
- مبروك، ان شاء الله بعد متخلص القضية فيه مكافأة كبيرة ده غير تكريم وزير الداخلية شخصيا لك.
كان (أيمن) ينظر له بذهول غير مصدق قائلا :
- حضرتك يا فندم اتصلت بمساعد الوزير بنفسه و قلت له على المعاد قبل متخلص القضية ، طب افرض سيادتك انه مقدرش يحل القضية قبل يوم الخميس ، هتعمل ايه؟
ابتسم (مراد) قائلا :
- مش (حسام) قال انه هيحل القضية باذن الله تعالى يوم الخميس الجاي؟
- ايوه يا فندم.
- يبقى خلاص، مادام (حسام) قال كده يبقى القضية دي انتهت.
- للدرجة دي حضرتك واثق في (حسام)؟
ابتسم (مراد) في هدوء قائلا :
- (حسام) ده تلميذي وابني و أنا عارف مهارته و ذكاءه اكتر من أي حد.
ثم قال بلهجة آمرة :
- ارجع مكتبك و خليك على تواصل مع (حسام) و عايز يوم الخميس الجاي يكون التقرير النهائي على مكتبي ، مفهوم؟
نهض (أيمن) و ادى التحية العسكرية بثبات قائلا :
- مفهوم.
ثم غادر المكتب و اغلق الباب خلفه تاركا (مراد) خلفه الذي ابتسم قائلا :
- لما نشوف اول قضية لك يا حضرة المتحري.
****************
وقف (جلال) يطرق باب بيت (كامل) و بجانبه (حسام) الذي كان صامتا حتى فتح منصور الباب فدلف الى الداخل و معه (حسام) الذي قال له :
- ازيك يا عم (منصور).
هز (منصور) رأسه في صمت بينما قال (جلال) :
- أنا عارف ان الكل في العزاء، بس أنا عايز حاجة من المكتب علشان ارجع العزاء.
أشار (منصور) لهما بالدخول في صمت و كاد أن ينصرف و لكن (حسام) استوقفه قائلا :
- ابنك (محمد) عامل ايه يا عم (منصور)؟
توقف (منصور) فجأة و التفت اليهما ببطء قائلا :
- الحمد لله كويس.
- صحته بقت أحسن بعد العملية؟
- الحمد لله.
- بالمناسبة أنا اعرف أن العملية كانت مكلفة جدا ، جبت فلوسها منين؟
ظل (منصور) صامتا قليلا قبل ان يجيب :
- فاعل خير.
- ممكن اعرف اسمه؟
لم يجب (منصور) على سؤاله فواصل (حسام) قائلا :
- طب ممكن أعرف أنت ليه بعد ما دفعت مقدم العملية اتأخرت في دفع باقي المبلغ لدرجة أن العملية كانت ممكن تتلغي.
واصل (منصور) صمته و ان كانت عينيه تحمل الكثير فهز (حسام) راسه قائلا :
- أنا مش هضغط عليك اكتر من كده ، بس هيكون في اجتماع قريب هكشف فيه كل حاجة ، تقدر تمشي لو عايز.
تحرك بالفعل (منصور) لكنه فجأة اختل توازنه و سقط على الأرض فهرع نحوه (جلال) صائحا :
- (منصور).
ثم اقترب منه و اطمئن عليه قائلا :
- أنت كويس؟
كانت الدموع تنهمر من عينيه في صمت لذا اكتفى بهز رأسه بصمت و نهض و اتجه الى المطبخ دون أن يلتفت اليه ، مما دفع (جلال) ان يقول ل(حسام) في صوت حاد :
- أول مرة اشوفك تتكلم مع واحد كبير في السن بالشكل ده ، طريقة كلامك كانت ممكن تموته.
ابتسم (حسام) قائلا :
- حضرتك غلطان يا عمي ، ضميره يا عمي هو المشكلة ، ضميره اللي مأنبه هو السبب.
- راعي يا (حسام) ان انا كمان راجل كبير في السن.
- عارف يا عمي ، انا كمان فاكر انك مجتش لبيت (احمد) بسبب انك وقعت من طولك بعد خبر موت (سميرة).
- كويس أنك لسه فاكر، و ياريت تكمل جميلك و تقول لي قصدك ايه بموضوع ضمير (منصور) ده.
ابتسم (حسام) و قال :
- خلينا بس ندخل المكتب و نحاول نشوف الحاجة اللي بندور عليها.
دخل الأثنان الى المكتب و اضاء (جلال) غرفة المكتب قائلا ل(حسام) :
- استنتاجك المرة دي خيالي، لو كان فيه حاجة زي دي كنت أكيد هعرفها.
- طب تعال ندور و ان شاء الله هنلاقيها.
ثم فجأة التفت الى (جلال) قائلا :
- هو (جمال) عمل ايه بعد المشكلة اللي حصلت بيني و بينه؟
- اتصل بي و كان منفعل جدا و قال انه هيفضل جنب (فريدة) لحد متظهر الحقيقة.
ابتسم (حسام) قائلا له :
- بس أكيد كان مبسوط لأن عنده سبب دلوقتي يفضل بيه جنب (فريدة) ، و (فريدة) كمان اكيد مبسوطة لأنه هيفضل.
ابتسم (جلال) هذه المرة قائلا :
- كالعادة، توقعاتك في محلها.
ثم توقف فجأة و نظر اليه قائلا :
- انت كنت قاصد تعمل مشكلة معاهم علشان كده و لا أنت فعلا بتشك انهم كانوا شركا في الجريمة.
لكن (حسام) لم يجبه لأن هاتفه المحمول تلقى رسالة فأسرع و قرأها قبل ان يقول لنفسه في سعادة :
- برافو عليك يا (مصطفى).
نظر اليه (جلال) بتساؤل قائلا :
- مين (مصطفى) ده؟
- (مصطفى) ده من اقرب الناس لي و تقدر تقول انه المساعد التاني مع (علاء) بس له شغل معين هو بس اللي يعرف يعمله.
ثم تابع وهو يتجه الى المكتب قائلا :
- خلينا دلوقتي نكسب وقت علشان نقفل القضية دي.
و بالفعل استمرا في البحث و لكن دون جدوى حتى قال له (جلال) :
- قلت لك مفيش حاجة زي دي هنا.
هز (حسام) رأسه نافيا بقوة قائلا :
- مستحيل، أنا معايا صورة من ورقة تثبت كلامي ده.
ثم فجأة انتبه قائلا :
- غرفة التماثيل.
لكن (جلال) قال له :
- غرفة التماثيل ضيقه و كل شهر بتنضف و تتروق ، يعني مستحيل يكون فيها حاجة زي كده.
لكن (حسام) نهض قائلا له :
- يبقى أكيد جوه تمثال منهم
قال له (جلال) في استنكار :
- انت عندك حوالي اكتر من مية تمثال ، هتدور فيهم ازاي؟
لم يجبه (حسام) بل تأمل التماثيل قبل أن يقول ل(جلال) :
- شخص بغرور و نرجسية (كامل) ، تفتكر ممكن يخبي حاجة مهمة زي دي فين؟
- معرفش.
- أكيد في تمثال مهم و غالي عليه.
ثم اقترب من أحد التماثيل قائلا :
- ده.
كان التمثال ل(كامل) حيث يمثل صدره و رأسه و قد تم نحته ببراعة تامة ، أخذ (حسام) التمثال من مكانه قائلا :
- التمثال ده الوحيد اللي بيمثل (كامل) ، و (كامل) بيحب نفسه اكتر من أي حد.
كان (جلال) صامتا تماما يراقب في ترقب (حسام) وهو يفحص التمثال قبل أن يمد يده الى أسفل التمثال و يتفحصه بدقة و أصابع خبيرة الى أن ظهرت على وجهه ابتسامة نصر قائلا :
- لقيته.
كان ما عثر عليه (حسام) هو مقبض صغير جدا في أسفل التمثال اداره (حسام) فانفصل قاع التمثال من التمثال نفسه ، فمد يده داخل التمثال قبل أن يقول ل(جلال) :
- اخيرا لقيت الجزء الأخير في حل اللغز.
ثم اظهر ما بداخل التمثال ل(جلال) الذي نهض و حاول أن يقول :
- ده.. ده..
لكن (حسام) قاطعه قائلا بارتياح غامر :
- ده آخر مسمار في نعش الجريمتين ، كده اقدر اقول لحضرتك ان كل الغموض انتهى.
و اخيراً (حسام) سوف يكشف حل كل الألغاز.
ما الذي و جده (حسام)؟..وصلت الرحلة الى قرب النهاية و (حسام) اوشك على كشف كل شيء..حقيقة الشبح..غموض موت (كامل)..غموض موت (سميرة)..و مفاجأت و صدمات اخرى..فهل انت تستطيع ان تكشف حل كل هذا؟..ترقبوا و انتظروا حل كل هذا الغموض و مفاجأت اخرى
ملحوظة: سوف يتأخر الجزء الاخير قليلا نظرا لانشغالي في معرض الكتاب..لان الرواية ستكون في جناح دار ليدرز للنشر صالة واحد جناح
..لذلك ارجو من لم يقرأ الفصول السابقة ان يقرأها حتى يكون جاهز للاستنتاج الاخير الذي سوف يكشف كل الغموض..شكرا لكم